في حدائق القبة، لم تنطلق جولة الإعادة في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب على إيقاع الهتافات أمام اللجان، ولا على صخب الدعاية الانتخابية، بل على فراغ خلفه غياب مفاجئ لمرشح حزب مستقبل وطن النائب أحمد جعفر، بعد رحيله قبل أيام قليلة من انطلاق جولة الإعادة. توجهت "الشروق" إلى مقر النائب الراحل بشارع الخليج المصري في حدائق القبة؛ الشارع هو ذاته، والمكان لم يتغير، لكن الإحساس مختلف هذه المرة وسط صمت لافت حل محل الضجيج المعتاد. أبواب مغلقة تحكي ما لم تقله اللافتات، فالصور التي كانت تملأ الواجهات أزيلت، واللافتات طويت، غير أن الأثر لم يُمح من القلوب، هكذا يصف الحاج أحمد جلال، حارس أمن إحدى العمارات المواجهة للمقر الانتخابي، المشهد بعد الرحيل. يقول ل"الشروق" إن المقر كان مفتوحا بشكل شبه دائم لاستقبال أهالي الدائرة، وأن النائب أحمد جعفر كان يجلس مع الناس يوميا من الرابعة عصرا وحتى إغلاق المقر ليلا. لم تمض ساعات على إعلان الوفاة حتى بدأ الناس يتجمعون أمام المقر؛ جيران، مؤيدون، وآخرون لم يسبق لهم أن التقوه شخصيا، "اللي يعرفه واللي ما يعرفوش كانوا بيعيطوا عليه"، كما يقول الحاج أحمد. "رجل بسيط، غير متكبر، يخدم الناس ولا يرد أحدا"، هكذا ما أجمع عليه الجيران، وما استقر في وجدان أهالي المنطقة. غياب أحمد جعفر لم يخلف فراغا انتخابيا فحسب، بل أصاب الدائرة بحالة فتور انتخابي غير مسبوقة "محدش له نفس يروح انتخابات"، هكذا يصف أحد الجيران الحالة العامة في الدائرة بعد الوفاة. أحد العاملين بالمحال المقابلة للمقر يؤكد أن النائب الراحل كان يحضر يوميا، يستقبل المواطنين من دون تكلف، ويجلس إليهم كما لو كانوا معارف قدامى، ورحل فجأة، تاركا وراءه دهشة لم تستوعبها حدائق القبة بعد. وشهدت عدد من لجان الإقتراع بدائرة حدائق القبة، هدوءا في أول أيام التصويت في جولة الإعادة من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب التي انطلقت صباح الأربعاء في 13 محافظة. وساد الهدوء محيط اللجان الانتخابية بمدرسة النقراشي الابتدائية النموذجية، ومدرسة النقراشي الثانوية العسكرية بنين، ومدرسة جمال عبد الناصر، حيث توافد عدد قليل من المواطنين منذ الصباح للإدلاء بأصواتهم. فيما خلا محيط هذه اللجان والشوارع المحيطة بها من أي لافتات للمرشحين أو أي دعاية انتخابية أخرى تذكر. وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات أعلنت تلقيها إخطارا بوفاة أحمد السيد عبد العال أحمد وشهرته أحمد جعفر، مرشح حزب مستقبل وطن، على النظام الفردي لانتخابات مجلس النواب بدائرة حدائق القبة بمحافظة القاهرة، وذلك قبل أيام من خوضه مرحلة الإعادة. وحصد جعفر 9579 صوتا في الجولة الأولى، متقدما على منافسه مرشح حزب المؤتمر سعيد الوسيمي الذي حصل على 6169 صوتا، إلا أن خريطة المنافسة تبدلت تماما في هذه الدائرة بعد رحيله. وأصدرت الهيئة الوطنية للانتخابات قرارا بتصعيد مرشح حزب الوفد سيد محمد عيد عبد الله (سيد عيد) إلى جولة الإعادة، رغم حصوله في الجولة الأولى على 1165 صوتا فقط، باعتباره المرشح الذي كان يلي المرشحين الذين أعلن عن خوضهما جولة الإعادة في عدد الأصوات، وبذلك تجري جولة الإعادة على مقعد الدائرة بين كل من سعيد رضا الوسيمي من حزب المؤتمر، وسيد عيد من حزب الوفد.