تناولت جريدة الشرق الأوسط في إطار قراءة نقدية جديدة، رواية «حامل مفتاح المدينة» للكاتب الدكتور أسامة علام، الصادرة حديثاً عن دار الشروق. وتسلط هذه القراءة الضوء على عالم الرواية المتخيل، وما تحمله من أسئلة إنسانية عميقة تنطلق من قلب نيويورك إلى عوالم تمزج بين الواقع والخيال. وفيما يلي نص القراءة كما ورد: ماذا لو امتلكت مفتاحاً يفتح كل الأبواب في نيويورك؟، يشكل هذا السؤال الخيالي محور الرواية القصيرة أو«النوفيلا» التي تحمل عنوان «حامل مفتاح المدينة» وصدرت حديثاً في القاهرة عن دار «الشروق» للكاتب المصري أسامة علام الذي يستلهم أحداثها من واقع إقامته في نيويورك بصفته طبيباً مهاجراً. يصور العمل اللحظات الإنسانية المرهفة في حياة طبيب بيطري وحيد في مدينة أميركية صاخبة ملقبة ب«التفاحة» حيث يقاوم وحدته بالانتقال المستمر بين الشقق لكن حين يسكن في بيت له مفتاح غامض يكتشف أن مغامرته الحقيقية قد بدأت للتو. يجد البطل نفسه مستدعياً إلى عوالم لا تخصه يختلط فيها الواقع بالخيال، حيث كل سر يكشف عنه يورطه في أزمة أكبر، وفي قلب هذه المتاهة تصبح أوجاع الحيوانات هي اللغة الوحيدة المفهومة والحكايات القديمة هي خريطة النجاة. يصف الكاتب الدكتور محمد المخزنجي العمل بأنه «استثنائي فاتن وقاتل قتلاً جميلاً بطلقات من النور وحلاوة الروح وصفاء الأسى ورفيف عطر الجنون الجميل لإنسانية الإنسان في أيامنا، حيثما يمكن لرواية ساحرة بملحميتها المكثفة واحتضانها العطوف الجامع للحياة والأحياء في هذا الزمان». ويضيف المخزنجي: «نحن أمام نوفيلا بتقنيتها وحيواتها وحيوتها تمثل حدثاً كبيراً على وجازتها، عمل يندرج في السياق العالمي للأدب إذا نال ما يستحقه من الترجمة، حيث يحمل طبطبة شجية وعطوفاً على الإنسان». ومن أجواء الرواية نقرأ: «أكملت أوليفيا من أيام عامها الواحد والعشرين، بولندية بيضاء تصبغ شعرها بالأحمر الناري وتضع رموشاً اصطناعية سوداء طويلة كي تكسر بياض وجهها الشديد، من دون الرموش يصبح وجهها دمية من الشمع. تعمل أوليفيا معنا في العيادة من شهور، طيبة ككل محبي الأكل العظماء من المصابين بالسمنة وخفة الدم المفرطة، زوجها شاب في الحادية والعشرين مثلها خفيف وعاشق للقطط ويعمل في أعمال البناء. في الحادية عشرة مساء تلقيت مكالمة تليفونية غير متوقعة من أوليفيا، أقلقني رؤية اسمها على شاشة الموبايل في هذه الساعة المتأخرة من الليل وعندما فتحت الخط منتظراً مفاجأة سيئة لم يكن على الجهة أخرى صوت أوليفيا. كان هناك صراخ إوزة من الإوز الكندي العملاق مصحوب بأصوات أبواق سيارات وصياح بشري بلغة لم أفهمها. دقائق وعاد الاتصال مرة أخرى كان صوت أوليفيا واضحاً هذه المرة: - دكتور شهاب لقد وجدت إوزة تمشي بين السيارات، يبدو أن سيارة صدمتها ولا أعرف ماذا أفعل. فترة صمت كفاية لأن أتذكر كل الكلمات التي أستطيع بها وصف حماقة كل هؤلاء الذين يقتحمون حياتي من دون سبب سوى طيبتهم المفرطة. - حسنا يا أوليفيا أنا لا أعالج الطيور. كنت أريد أن أضيف أنني لا أتعامل مع الطيور سوى في الأطباق، لكني خفت أن تصفني بوصف لا أتوقعه. أكملت: - قابليني أمام العيادة، سأحضر حالاً». يشار إلى أن أسامة علام طبيب وروائي مقيم في نيويورك، صدرت له عدة روايات منها: «الاختفاء العجيب لرجل مدهش»، «الوشم الأبيض»، «الحي العربي»، كما صدرت له ثلاثة كتب قصصية هي «طريق متسع لشخص وحيد»، «كم مرة سنبيع القمر؟»، «قهوة صباحية على مقهى باريسي».