** العاصمة باماكو باتت مهددة بسبب حصار يفرضه "تنظيم القاعدة" الذي يقطع عنها الإمدادات الأساسية مما يفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية ** رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي دعا إلى "تدخل دولي لمكافحة الإرهاب والتطرف" في مالي ** الخبير في شؤون دول الساحل عبد الفتاح الفاتيحي: - من الوارد جدا أن يقتحم "تنظم القاعدة" باماكو سيما أن دول تحالف الساحل لم تسارع إلى دعم القوات العسكرية في مالي - عدم الاستقرار سيخلف الكثير من المعاناة والضحايا ويعمق المجاعة والفقر ويجب دعم باماكو لحمايتها من السقوط تشهد مالي منذ أشهر توترات أمنية في ظل استمرار المرحلة الانتقالية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية في البلد الإفريقي ويهدد دول أخرى في منطقة الساحل وخارجها. ويعمق تزايد المخاطر الأمنية شمالي مالي، ومحاولة جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" (فرع تنظيم "القاعدة" بمنطقة الساحل) اقتحام العاصمة باماكو، من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. ومنذ سبتمبر الماضي، عملت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" على منع دخول شاحنات الوقود إلى مالي، حيث تهاجم الشاحنات وتضرم النيران فيها، خاصة القادمة من السنغال وساحل العاج. وأعلنت السلطات تعليق الدراسة، فضلا عن إغلاق متاجر وأسواق، تزامنا مع تراجع مخزون البلاد من الوقود وتزايد حالات اختطاف الأشخاص. ** دولة منهكة وقال الخبير المغربي في شؤون منطقة الساحل عبد الفتاح الفاتيحي للأناضول إن "الدولة المالية أُنهكت أمنيا وعسكريا". وأضاف: "كلفتها الحرب الأهلية وحربها على الجماعات الإسلامية انهيار حكمها المدني، بعد انقلابات عسكرية عمقت الفجوة بين السلطة الحاكمة والشعب، وعمقت الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية". واعتبر أن فرض كل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) والاتحاد الإفريقي عقوبات على مالي عمق من أزمتها. الفاتيحي تابع: "كما أن مالي لم توفق في تحالفاتها العسكرية الجديدة لمحاربة الجماعات الإرهابية، حيث انشغل الفيلق الروسي بالحرب في أوكرانيا وتخلت روسيا عن تعهدها بتزويد مالي بالعتاد العسكري." وفي 17 سبتمبر 2023، وقعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو اتفاقا أسس تحالف دول الساحل الثلاث (غربي إفريقيا)، مع إنشاء "هيكلية للدفاع المشترك والمساعدة (الاقتصادية) المتبادلة". وينص التحالف على أن الهجوم على إحدى دوله يعتبر أيضا هجوما على الدولتين الأخريين، ويمكن للدول الثلاث الرد فرديا أو جماعيا، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة. وفي يناير 2024، أعلنت الدول الثلاث انسحابها من "إيكواس"، بسبب ما قالت إنه "الافتقار إلى الدعم الملموس منها في الحرب ضد الإرهاب"، وفرضها عقوبات على الحكام العسكريين في مالي. ورأت أن "إيكواس" انحرفت عن أهدافها الأصلية، المتمثلة في "التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي والتكامل الثقافي"، والآن "تخضع للتلاعب من جانب قوى خارجية"، بحسب بيان للدول الثلاث دون إيضاحات. ** العاصمة مهددة في ظل التطورات الأمنية الراهنة، باتت باماكو مهددة بسبب الحصار الذي يفرضه "تنظيم القاعدة"، وقطع الإمدادات الأساسية عنها، مما فاقم الأزمة الإنسانية. والأحد الماضي، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف عن قلقه إزاء التدهور السريع في الوضع الأمني في مالي. ودعا يوسف، في بيان، إلى تدخل دولي عاجل لمكافحة الإرهاب والتطرف، منددا بحوادث الاختطاف. وبحسب الفاتيحي فإن "باماكو توجد على صفيح حارق، بعد تزايد نفوذ الجماعات المسلحة، وتحكمها في مواقع استراتيجية، لتعزيز حصار باماكو في حرب استنزاف طويلة المدى". وأردف: "خطر اقتحام العاصمة يبقى جد وارد، سيما أن دول تحالف الساحل لم تسارع إلى دعم القوات العسكرية المالية في مواجهة الجماعات الإسلامية". ورأى أن "الوضع الحالي يفرض وعيا يستوعب تقدير الأفق السياسية وتخفيف حجم معاناة الماليين، كالانخراط في مبادرات سياسية لتقاسم السلطة، وضمان استمرار النظام العام". ** تداعيات إقليمية وحذر الفاتيحي مما سمّاه "انتقال عدوى تمرد الجماعات الإسلامية" إلى دول تحالف الساحل. وقال: "ستتأثر مختلف دول التحالف عبر انتقال العدوى تمرد الجماعات الإسلامية إذا ما استطاعت السيطرة على باماكو، مما سيخلف الكثير من المعاناة والضحايا في المنطقة، فضلا عن تعميق المجاعة والفقر". كما حذر من أن "تحديات هذا الواقع الأمني ستنعكس بتداعيات على مختلف دول شمال وغرب ووسط إفريقيا، مما سيكرس مزيدا من بؤر الحرب الأهلية في بعض الدول، نتيجة تطور اقتتال الجماعات الإسلامية ضد بعضها بعضا". ومؤخرا، أعلنت دول الساحل الثلاث (مالي والنيجر وبوركينا فاسو)، تفعيل القوة الموحدة لمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب، وسط تخوفات من ضعف المبادرة في تحقيق الاستقرار، في ظل تحذيرات أممية من ارتفاع وتيرة النازحين بالمنطقة. ** دعم خارجي و"مالي اليوم في حاجة إلى أي نوع من الدعم من أي جهة كانت، واتصالات وزير خارجيتها مع نائب وزير الخارجية الأمريكي (كريستوفر لانداو) تؤكد ذلك"، بحسب الخبير المغربي. وفي 5 نوفمبر الجاري، أجرى لانداو اتصالا هاتفيا مع وزير خارجية مالي عبد الله ديوب. وقال لانداو، عبر منصة شركة "إكس" الأمريكية، إن "الولاياتالمتحدة تشيد بالقوات المسلحة المالية في قتالها ضد المسلحين المتطرفين الإسلاميين". وأضاف: "أجريت محادثة ممتازة مع وزير خارجية مالي لمناقشة مصالحنا الأمنية المشتركة في المنطقة، وأتطلع إلى تعزيز التعاون بين البلدين". والجمعة، أبدت الولاياتالمتحدة استعدادها للتعاون مع مالي؛ بعد سيطرة جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" على محاور وطرق عديدة مؤدية إلى العاصمة. فيما طالبت فرنسا، في اليوم نفسه، رعاياها بمغادرة مالي في أقرب وقت. ورأى الفاتيحي أن "الواقع يقتضي دعم باماكو لحمايتها من السقوط أمام هجوم الجماعات الإسلامية". وهذا "ما دعا إليه الاتحاد الإفريقي بضرورة تعزيز التعاون وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتقديم دعم مستدام لدول منطقة الساحل التي تعاني من التطرف"، كما أردف الفاتيحي. وختم بالتشديد على ضرورة "الخروج بأقل الخسائر، بحيث تحافظ مالي على استمرار المؤسسات وتتجنب فوضى عارمة".