وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    إحالة موظف بوحدة محلية بأشمون للنيابة لتقاضيه أموالًا غير قانونية    "ناس الإماراتية" ترفع حصتها في "سماد مصر" إلى 51.47%    بيت الزكاة يوزِّع لحوم الأضاحي على مليون مستحق من الأولى بالرعاية    حاكم كاليفورنيا يطلب من القضاء منع إدارة ترامب من استخدام القوات في لوس أنجلوس    ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم إطلاق النار بمدرسة بالنمسا إلى 11 قتيلًا    الجيش الإسرائيلي: نجري تحقيقًا في حادث إطلاق النار قرب نتساريم    "من الصعب التحضير لمواجهته".. ريفيرو يتحدث عن مقابلة ميسي في مونديال الأندية    "مواجهة دبلوماسية في كرة القدم".. سفيرتا أمريكا وكولومبيا تستعرضان مهارتهما ببطولة خوفو    تصل ل 43.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال ال6 أيام المقبلة    مصرع مهندسة وإصابة 4 من أسرتها في حادث مأساوي بسوهاج    "عملت كل حاجة.. يحيى الفخراني يكشف سبب غيابه عن رمضان 2025    شيرين رضا تحتفل بعيد ميلاد ابنتها نور    أبرزهم أسماء جلال وتارا عماد.. 20 صورة لنجمات الفن في حفل زفاف أمينة خليل    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    مشروبات لفقدان الوزن بعد عيد الأضحى    مدبولي يوجه بطرح الفرص الاستثمارية بالقطاع الطبي على القطاع الخاص    تجاهلها قد يكلفك حياتك.. إشارة خفية على ارتفاع السكر بشكل مضاعف    رفع 15 طن قمامة وأتربة وتراكمات خلال حملة نظافة بحي المطار في الأقصر    المفوضية الأوروبية: نكثف الضغط على روسيا بحزمة العقوبات ال18    أسر الشهداء يشكرون وزارة الداخلية ومدير إدارة العلاقات الإنسانية على رعايتهم طوال موسم الحج (صور)    كواليس عطل ChatGPT والخدمة تبلغ المستخدمين بإجراء تحقيق .. اعرف التفاصيل    القبض على لص «النقل الذكى»    هآرتس لأول مرة تتحدث عن احتمالات زوال إسرائيل في 2040    الاتحاد الأوروبي يعلن عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا    ماستانتونو ضمن قائمة ريفر بليت فى مونديال الأندية رغم اقترابه من ريال مدريد    الهلال الأحمر: غزة تواجه كارثة صحية وخروج أكثر من 30 مستشفى عن الخدمة    في أول اختبار رسمي.. انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر مشاركة 100% للطلاب دون أي مشكلات تقنية    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    عضو مجلس الزمالك: كنت واثقًا من التتويج بالكأس    لافيينا يحتفظ بمقعده في دوري المحترفين    وزير الخزانة الأمريكي مرشح محتمل لخلافة جيروم باول في رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي»    خبيرة أسواق الطاقة: خطة حكومية لضمان استقرار السياسات الضريبية على المدى الطويل    ابو المجد يعلن قائمة منتخب شباب اليد استعدادًا لمونديال بولندا    أغانى وردة ومحمد رشدى على مسرح أوبرا دمنهور.. الخميس    اقرأ غدًا في «البوابة».. انفرادات ساخنة حول غزة والنمسا وأزمة لوس أنجلوس ومفاوضات طهران    مواعيد قطارات طنطا - الإسكندرية اليوم الثلاثاء فى الغربية    تقرير عالمي يحذر إنتر ميامي من ثلاثي الأهلي.. ويستشهد بمواجهة باتشوكا    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بحدائق أكتوبر ضمن برنامجها بالمناطق الجديدة الآمنة    هويسن: الانتقال لريال مدريد كان رغبتي الأولى    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    السعودية في مهمة صعبة أمام أستراليا لاقتناص بطاقة التأهل لمونديال 2026    مدير معهد بحوث الإرشاد الزراعي يتفقد محطة بحوث كوم امبو    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في برنامج فضفضت أوي..غدا    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    وثائق بريطانية: إثيوبيا رفضت التفاوض مع نظام مبارك بشأن مياه النيل    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فورين بوليسي: قضية (ألف ليلة وليلة) رقابة على العقول
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 06 - 2010

خلال الشهور القليلة الماضية، اتهم محامون مصريون الكاتب والأديب جمال الغيطاني بإعادة طباعة كتاب ألف ليلة وليلة الذي يحتوي على مواد خادشة للحياء، وكان اعتراضهم على أن الكتاب فيه مواد إباحية وسخرية وإهانة للذات الإلهية مما يستوجب منعه ومصادرته.
لكن الغيطاني رئيس تحرير أكبر صحيفة أدبية في مصر لا يهتم، ويرى أنه من الضروري أن يكون كتاب ألف ليلة وليلة في مكتبة كل قارئ، موضحا أن ما فعله المناهضون للكتاب ما هو إلا محاولة لإحراج الحكومة، وترويع المثقفين وفرض رقابة على عقول الناس.
وكتبت أورسولا لينزي في مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن محاولة مصادرة الكتاب ومنعه الآن ليست الأولى، فقد سبقتها محاولتان في عام 1985 وبعدها في عام 1998، لكن الغيطاني يبدو مصمما أكثر من ذي قبل على الدفاع عن الكتاب، لأنه يعتبر إعادة طبعه أهم ما فعله في حياته بأكملها.
تقول لينزي إن الكتاب الذي يضم قصصا مختلفة من بلاد فارس والهند و العرب من القرن العاشر ميلاديا، يعتبر من أهم الكتب وأكثرها شيوعا في العالم كله، لكن الجدل مازال قائما في الوطن العربي حول ما إذا كان ينبغي أن يقوم "حماة الأخلاق" بمنع الكتاب ومصادرته في مصر أم لا، ضاربين بحرية التعبير عرض الحائط.
من جانبه، يؤكد روبرت إيروين أشهر الباحثين الغرب في "ألف ليلة وليلة" أن الكتاب يجمع ما بين التعقيد والرحابة، والقصص المتداخلة التي لا يمكن التنبؤ بها، وهذا ما يجعله جذابا وملهما للأدباء على مدار التاريخ.
لكن مجموعة من الباحثين في الأزهر قرروا أن يختلفوا مع إيروين والغيطاني وكل محبي الكتاب ببيان أعلنوه وصفوا فيه المدافعين عن الكتاب بأنهم أغبياء وفاجرين، ولم يكتفوا بلعن ألف ليلة وليلة فقط، وإنما هاجموا قرار الجهات الحكومية التي أعادت طبع كتب أخرى بأسعار رمزية مثل كتاب "دعوة للحوار" للدكتور حسن حنفي الأستاذ بجامعة القاهرة قسم فلسفة، و رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" للروائي الطيب صالح.
وبرر هؤلاء هجومهم متهمين الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الثقافة أنها تنفق المال في تدمير الشباب ونشر الفاحشة، وقالوا إن إعادة نشر هذه الكتب بأسعار رمزية هو الذي أدى إلى انتشار الإدمان، وزيادة حالات الطلاق والاغتصاب وزنا المحارم، وظهور عبادة الشيطان!
والمعروف أن الرقابة على الأدب في مصر غير رسمية، لأن أي كتاب يجب أن يعرض أولا على الأزهر، ومن الممكن أن تصادره السلطات إذا ما أعلن الأزهر اعتراضه على محتوى الكتاب. والغريب أن الشارع يمارس رقابة مشددة على بعض الكتب، أو تساهم وسائل الإعلام في رفض الناس له حتى قبل أن يقرءوه، تماما كما حدث مع كتاب "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر.
فقد روجت وسائل الإعلام وقتها ورجال دين أزهريين أن الكتاب به ازدراء واضح للدين الإسلامي، مقتبسين منه فقرات غير كاملة ومجتزأة. وهكذا اندلعت المظاهرات أمام الجامعات - خاصة جامعة الأزهر- وصودر الكتاب الذي كان مطبوعا من خلال وزارة الثقافة المصرية!
وهو ما حدث أيضا مع مجلة "إبداع" الأدبية التي صودرت في 2007 بسبب قصيدة نشرتها للشاعر الكبير حلمي سالم، واتهموه بإهانة الذات الإلهية. وما حدث مع سالم وغيره يسمى قضايا الحسبة، التي كانت تتيح لشخص ما أن يقاضي آخرين بالنيابة عن المجتمع بأكمله بدعوى إضرارهم بالمجتمع أو بالإسلام أو بالقيم الأخلاقية عموما. وهناك العديد من المحاميين الإسلاميين الذين احترفوا رفع قضايا الحسبة ضد المثقفين والأدباء والكتاب الذين يعتقدون أن أرائهم تقلل من شأن الإسلام. لكن قضايا الحسبة تم تقنينها كثيرا الآن، ليصبح النائب العام فقط هو المخول برفعها.
ولا يقتصر الأمر على الإسلاميين فقط، بل امتد للأقباط أيضا، فهناك من الأقباط من يفكرون بنفس الطريقة، ويزعمون أنهم "حماة الأخلاق أو الدين" لمقاضاة الكتاب والأدباء في أي وقت. وما يحدث دائما هو أنه في الوقت الذي تكون فيه القضية قيد التحقيق، تتم مصادرة الكتاب من الأسواق، وكأن الحكم النهائي لا يهم.
وعادة ما يصاحب كل هذا الجدل تهديدات بالقتل، كما حدث مع جمال الغيطاني الذي اضطر لنقل مكتبه للحفاظ على حياته، بعد أن تم تهديده بالقتل. وهو ما حدث في عام 1994 مع الأديب نجيب محفوظ عندما كاد أن يلقى حتفه بسبب مهاجمة أحد المتشددين له لأنه رأى أن رواية محفوظ "أولاد حارتنا" فيها ازدراء للدين وللذات الإلهية.
من جانبها، تحاول الحكومة المصرية دائما تقديم نفسها على أنها الحاضنة لكل ماهو مستنير وحر، لكنها في الوقت نفسه تنصب نفسها قاضيا للحفاظ على القيم الإسلامية والتقليدية. تماما كما أوضحت الدكتورة سامية محرز في كتابها "الحروب الثقافية في مصر" التي وصفت فيه الحكومة ووزارة الثقافة بالقاضي المتشدد الذي يرى أن من حقه ربط الثقافة بمسألة توازن القوى السياسية، وعليه يجب أن يخدم الأدب قواعد اللعبة لا أن يخرج عنها.
يذكر أن عبد المجيد محمود النائب العام أعلن اليوم حفظ البلاغات المقدمة ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة وبعض العاملين بالهيئة بسبب إعادة طباعة ونشر كتاب "ألف ليلة وليلة"، مؤكدا أن الكتاب ثروة للأدب الشعبي ومكونا أصيلا من مكونات الثقافة العامة يجب الحفاظ عليه، وأنه لم تتوفر فيه أركان جرائم استغلال الدين الترويج للأفكار المتطرفة وازدراء الأديان السماوية وإثارة الفتن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.