بفوز الحلبي والنجار وفصيح.. إعلان نتيجة انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء المنوفية    رئيسة «القومي للطفولة والأمومة»: حماية الفتيات وضمان حقوقهن على أجندة أولويات عمل المجلس    أسعار البلح السيوي بأسواق مطروح اليوم السبت 11-10-2025    انخفاض العملة الخضراء عالميًا.. سعر الدولار اليوم السبت 11 أكتوبر 2025 (آخر تحديث)    «المالية»: مستمرون في التواصل مع المؤسسات الدولية لتوضيح التطورات الاقتصادية    رئيس شعبة الأدوات الكهربائية عن رفع التصنيف الائتماني: مصر تجني ثمار الإصلاح    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذى لمشروع التطوير العمرانى لعواصم المحافظات    «الزراعة»: خريطة صنفية لزراعة 3.5 مليون فدان من القمح بالموسم الجديد    الأمم المتحدة تحث على ضبط النفس مع تصاعد التوترات مع فنزويلا    عودة آلاف الفلسطينيين إلى منازلهم شمال غزة    مستشار ترامب: اتفاق شرم الشيخ يفتح باب الأمل لسلام دائم بالمنطقة    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة مصر ضد غينيا بيساو في تصفيات كأس العالم 2026    مدرب النرويج بعد اتفاق وقف إطلاق النار: «مباراة إسرائيل لها خصوصية غير رياضية»    رشاد العرفاوي: محمد صلاح أسطورة عالمية ومبارياتنا مع الأهلي والزمالك عرس كروي    إصابة 11 شخصا فى حادث تصادم على صحراوى البحيرة    حالة الطقس اليوم السبت 11 أكتوبر 2025.. رياح على القاهرة وفرص أمطار بهذه المناطق    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    ضبط سائق نقل يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس فى فيديو أثار الجدل    «الداخلية»: ضبط 6 أطنان دقيق «مدعم وحر» في حملات تموينية على الأسواق بالمحافظات    ضبط مسجل خطر بحوزته بنادق آلية وذخيرة فى حملة أمنية بقنا    ابنة إيناس الدغيدي: أمى حققت حلمها واتجوزت وهى فوق ال 70 سنة    الرئيس السيسى يؤكد خلال استقباله المدير العام المنتخب لليونسكو التزام القاهرة بدعم المنظمة لمد جسور التواصل بين الثقافات والشعوب.. ويشدد: فوز الدكتور خالد العنانى يجسّد التقدير الدولى العميق لإرث مصر الحضارى    الأونروا: لدينا كمية غذاء تكفى سكان غزة 3 أشهر ويجب إدخال المساعدات    فيلم هيبتا 2 يفاجئ أبطاله بسبب إيراداته في ثالث أيام عرضه (بالأرقام)    تشغيل وحدة الكلى الصناعى الجديدة بمستشفى كوم أمبو المركزى فى أسوان    استمرار تلقي طلبات الترشح لانتخابات النواب بالأقصر لليوم الرابع على التوالي    «التضامن» تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي الجيزة والقليوبية    اليوم.. ختام منافسات الكبار والناشئين ببطولة العالم للسباحة بالزعانف في المياه المفتوحة    «الداخلية» تعلن ضبط 5 شركات غير مرخصة لإلحاق العمالة بالخارج    تشميع مخزن مواد غذائية بأسيوط لمخالفته اشتراطات السلامة    «الشباب والرياضة» تنظم بطولة كاراتيه بمركز التنمية في أسيوط    مصر تتوّج ب13 ميدالية في منافسات الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    وزير الري يبحث تعزيز التعاون مع الشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    مصرع 22 شخصا جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في المكسيك    في عيد ميلاده.. عمرو دياب يحتفل ب40 عامًا من النجومية وقصة اكتشاف لا تُنسى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    اسعار الدينار الكويتي اليوم السبت 11اكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    هل فيتامين سي الحل السحري لنزلات البرد؟.. خبراء يكشفون الحقيقة    الصين تعتزم فرض قيود شاملة على تصدير المعادن الأرضية النادرة    قتلى ومفقودين| انفجار مصنع متفجرات يورد منتجات للجيش الأمريكي بولاية تينيسي    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    مواقيت الصلاه اليوم السبت 11اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    منة شلبي طاردتها بأربعة أفلام.. هند صبري نجمة الربع قرن    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    ديشامب يكشف تفاصيل إصابة مبابي    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    متطوعون جدد في قطاع الشباب والرياضة    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    العراق: سنوقع قريبًا في بغداد مسودة الاتفاق الإطاري مع تركيا لإدارة المياه    سامح الصريطي: مصر استعادت مكانتها بدبلوماسيتها وحكمتها في تحقيق اتفاق شرم الشيخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بائعو الأحلام عبر وسائل التواصل الاجتماعي
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 07 - 2025

فى عددها رقم 1803 الصادر فى 23 - 27 مايو 2025، نشرت دورية «كورييه إنترناسيونال» الفرنسية مقتطفًا من تحقيق أجراه كل من دانييل جيرنى Daniel Gerny وبت ستوفر Beat Stauffer لصحيفة Neue Zürcher Zeitung، اليومية السياسية الناطقة باللغة الألمانية ومقرها زيوريخ، والمنشور بتاريخ 14 أبريل الماضى.
ننقل الجزء الأكبر من هذا التحقيق الذى يتناول الهجرة غير النظامية من بلدان المغرب إلى أوروبا.
فى المغرب، غالبًا ما يستخدم المهربون الأشخاص المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعى لجذب مهاجرين إلى أوروبا. عبر تيك توك وفيسبوك أو إنستجرام يبيع هؤلاء المؤثرون أبناء مجتمعاتهم الوهم بحياة أفضل، من دون التطرق إلى المخاطر المترتبة عن العبور غير النظامى عبر البحر الأبيض المتوسط.
تظهر الصورة التى نشرها «أمير المدينة» (لقب يتخذه أحد المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعى) على صفحته على فيسبوك فى يناير الماضى شابًا ذا طلة مبهرة من قلب مدينة باريس. الوقت هو المساء، و«الأمير» المذكور بنظاراته الشمسية فوق أنفه وقبعة مسحوبة لأسفل فوق الرأس، يقف أمام سيارة تسلا سوداء، بابها مفتوح لأعلى يظهرها على شكل فراشة، وذات مقعد من الجلد الأبيض، وإضاءة داخلية بنفسجية. فى الخلفية يبدو برج إيفل سابحا فى ضوء أصفر. فى أعلى الصورة كتب "أمير المدينة" بالعربية: "لا تحزنى يا أمى، مستقبلى هو فى الجهة الأخرى من البحر".
شباب المغرب والجزائر وتونس لا يهربون من الحرب ولا من الاضطهادات، بل هم، بغالبيتهم العظمى، وببساطة، يبحثون عن حياة أفضل. فى بلدانهم ليس لديهم الكثير ليخسروه: كثر يعيشون فى حالة من عدم الاستقرار، ومن دون أمل برؤية أفقهم مفتوحا ذات يوم. أوروبا، القارة التى يربطها تاريخ طويل بالمغرب، ثقافيا واقتصاديا، هى فى البداية، بالنسبة إلى المرشحين للهجرة، الأرض الموعودة.

هؤلاء الشباب الذين تسكنهم رغبات ممضة فى العيش فى مكان آخر، هم ال«harraga» (الحراقة). وتعنى الكلمة بالعربية فعل «الحرق»، وتحيل على عادة المهاجرين فى إحراق أوراقهم الثبوتية وكل المستندات الشخصية للحؤول دون كشف السلطات الأوروبية عن هويتهم. وتعنى «الحرقة» الهجرة غير النظامية، وهى بطريقة ما تعبر عن الذين يحترقون رغبة فى مواجهة العقبات من أجل تجربة حظهم فى أوروبا. على «تيك توك» أيضا، نشاهد شبابا مبتهجين وهم يتلفون أو يرمون أوراقهم الثبوتية. مقاطع فيديو تكسبهم عشرات الآلاف من المشاهدات والإعجابات.
• • •
«أمير المدينة»، المقدر أنه فى الأربعين من عمره، ويعيش فى باريس، إذا ما آمنا بصحة بروفايله، ناشط على فيسبوك منذ أغسطس 2021. واحد من منشوراته الأول يعلن معبرًا بوضوح عن توجهه. فى إحدى الصور، نشاهد أربعة رجال شباب على متن قارب مطاطى. والتعليق على الصورة بالعربية يرد كالآتى: «هل أنت قادم من إفريقيا؟ تشعر بأنك مضطهد؟ هل أنت فقير؟ تفكر بتغيير جنسيتك؟ أنت مريض وتريد أن تتعالج؟ إذا، أنت مثلنا ومكانك هو بيننا».
البروفايلات الشبيهة نجدها بالمئات، بل بالآلاف، على شبكات التواصل الاجتماعى كافة، لا سيما تيك توك، لكننا نجدها أيضًا على فيسبوك وإنستجرام.
ياسين ذو الأصول التونسية، كان لديه أكثر من 10.000 متابع على تيك توك، فضلًا عن سمعة طيبة. الاسم الذى اختاره لملفه الشخصى يختصر جيدا غرض حسابه: لقد استخدم عمدًا مصطلح «تقطيعة»، وهو باللهجة التونسية يعنى «الهرب». كان «ذهاب» الذين يتم نصحهم من قبل ياسين للهجرة غير النظامية نحو إيطاليا «مضمونًا»، وكانت هذه الضمانة هى شعاره.
ليس لكل المؤثرين المبادئ نفسها: كثر هم الذين لا يخفون دوافعهم المالية، بل يؤكدون على حقيقة أنهم على اتصال برعاة أو بجهات اتصال، وأنهم يستطيعون، مقابل رسوم، تولى مسئولية الزبون، طالب الهجرة، من الألف إلى الياء، منذ لحظة الانطلاق إلى لحظة الوصول إلى البلد الذى اختار الزبون الهجرة إليه.
من جانب آخر، الرسالة هى نفسها دومًا: يمكنك الوصول - ونحن سنساعدك. هذا ما يقوله ياسين أيضًا. من خلال رجل موثوق به فى تونس، استطاعت صحيفة Neue Zürcher Zeitung معرفة أمور أكثر عن الرجل الذى يختفى خلف بروفايل «تيك توك تقطيعة» وعن أنشطته. فى السنوات الأخيرة أنشأ دفتر عناوين واسعًا شمل شخصيات يقول إنها ضرورية لنشاطه: رجال شرطة، ووكلاء موانئ، وموظفون محليون. هذه الشبكة تسمح له بالاستعلام عن العمليات التى تخطط لها الشرطة أو خفر السواحل، وهى معلومات يستخدمها من أجل مساعدة المشتركين لديه على ترك البلاد بأمان تام. وإنه لمن الصعب بمكان التحقق بالتفصيل من تصريحات ياسين وأقواله. فبعضها متناقض، غير أن الأساسى مما يطرحه يتطابق مع البحوث التى أجريناها لاحقًا، ويستكمل بذلك الصورة التى تظهر من تحليل الملفات الشخصية الأخرى على شبكات التواصل الاجتماعى.
• • •
من الصعب أن نعرف ما إذا كان أحمد يحصل على شىء من خلال دوره كوسيط. ياسين، الرجل ذو بروفايل «تقطيعة» على تيك توك يزعم أنه لم يسبق له أبدا أن طلب أى شىء من زبائنه لقاء النصائح أو خدمات الوساطة التى يقدمها لهم. فهو رفض فى البداية الإفصاح عن كيفية كسبه المال، لكنه فى النهاية لمح إلى أن اتصالًا به تم من طرف أحد أعضاء شبكة مهربين فى إيطاليا، وأنه يعمل مع المنظمة المعنية منذ عام 2021. أما مهمته فهى تتمثل ببناء علاقة ثقة مع الزبائن المحتملين عبر تيك توك والترويج للهجرة غير النظامية، وذلك من خلال نشر صور وفيديوهات مغرية. ياسين ظل مراوغًا فى ما يخص تفاصيل التنسيق مع هذه الجهة. وعندما كنا نصر على معرفة تفاصيل أكثر، كان يغدو عصبيًا. وليس ثمة ما يثير الدهشة من هذا الموقف: الخوف من جهاز الدولة كبير فى تونس. وهذا البلد سبق له أن وقع اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبى وإيطاليا تجبره على وقف تدفقات الهجرة غير النظامية التى تمر عبر البحر الأبيض المتوسط مقابل دعم مالى معين. وها قد مرت ثلاث سنوات، منذ أن أصدر الرئيس التونسى قيس سعيد أيضًا مرسومًا يقضى بفرض غرامة مالية على نشر المعلومات الكاذبة والشائعات على الإنترنت، وبعقوبة السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات. فى نهاية عام 2024، أوقف ياسين نشاطاته بصورة مؤقتة خوفًا من السجن.
• • •
فى سبتمبر، قبل ست سنوات، أطلق مؤثر ماهر، عن قصد، شائعة فى شمال المغرب، مفادها أن قارب زودياك Zodiac (هو قارب مطاطى ماركة زودياك الفرنسية) قام بنقل الشباب الذين يخططون للمغادرة إلى إسبانيا مجانا. وعلى فيسبوك شهدنا أفلام فيديو تزدهر، ويظهر فيها رجال من على متن قارب وهم مبتهجون ومنتصرون يصرخون: «فيفا إسبانيا!». فى 22 سبتمبر، مئات «الحراقة» انتظروا على شاطئ مرتيل، غير البعيد عن تطوان. كان ثمة مركب هناك بالفعل، لكن سرعان ما تبين أن الرحلة ليست مجانية، وهذا ما لم يحل دون تكرار المشهد نفسه فى المساءات التالية؛ مشهد الشباب «الحراقة» مجتمعين على الشاطئ المذكور نفسه. فى 25 سبتمبر، تفاقم الوضع وتدهور: حراس الشواطئ فتحوا النار على الشباب المجتمعين، ما أفضى إلى عدد من الجرجى، ووفاة طالبة.
من الصعب قياس أو تحديد مسئولية شبكات التواصل الاجتماعى عن قنبلة الهجرة الموقوتة هذه. خالد مونة، الخبير فى الموضوع، كان قد لفت إلى هذه الظاهرة المتفجرة خلال مقابلة معه منذ سنتين؛ قال حينها: "ثمة سوق كبيرة فى صدد التكون والظهور ستكون قادرة دومًا على جذب عدد أكبر من المؤثرين". هذا ما لاحظه يومها الأستاذ فى كلية العلوم الإنسانية فى مكناس، المغرب. يبيع المؤثرون الأوهام حول طرق الهجرة غير النظامية من دون تقدير النتائج المؤذية التى يمكن أن تترتب عن ذلك. آلاف الأشخاص يتم الإعلان عن موتهم أو اختفائهم سنويًا جراء محاولاتهم عبور المتوسط. وعلى الرغم من ذلك يبقى الطلب على الهجرة كبيرًا (...).
تحت تأثير عدم الأمان والقمع، يستمر الشعور بالضيق أو الكرب بالتنامى والانتشار، متيحا للمهربين استقبال موجات منتظمة من المرشحين للهجرة. آخر الأرقام تدفع إلى التفكير بأن عدد العابرين غير النظاميين قابل للازدياد على المدى القريب؛ وبأنه كلما غدت شروط الذهاب إلى أوروبا أصعب، زاد ارتفاع الأسعار حدة.
رفيف رضا صيداوي
مؤسسة الفكر العربي
النص الأصلي
https://tinyurl.com/3tmcct6c


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.