أودعت محكمة النقض برئاسة المستشار رضوان عبد العليم، اليوم الأحد، حيثيات حكمها الذي أصدرته مؤخرا بتأييد الأحكام الصادرة عن محكمة جنايات القاهرة في قضية المبيدات المسرطنة، والتي كانت قد قضت بمعاقبة يوسف عبد الرحمن، وكيل أول وزارة الزراعة السابق، بالسجن عشر سنوات، وعزله من وظيفته، وكذلك معاقبة راندا الشامي، مستشارة البورصة الزراعية سابقا، بالسجن لمدة سبع سنوات، وعزلها من وظيفتها، وبمعاقبة ثلاثة عشر متهما آخرين بأحكام تراوحت ما بين السجن لمدة ثلاث سنوات، وحتى الحبس لمدة عام واحد مع الشغل والنفاذ. وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها إدانة يوسف عبد الرحمن بجرائم استغلال النفوذ والإضرار العمدى بالمال العام والاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والاشتراك في تزوير وإتلاف محضري اجتماع مجلس إدارة البورصة الزراعية وتداول مواد زراعية خطرة بغير ترخيص. وأشارت المحكمة إلى أن يوسف عبد الرحمن قام بتعيين راندا الشامي مستشارا لشركة البورصة الزراعية التي عرفته على بعض المتهمين في القضية من أصحاب الشركات الخاصة، والذين يعملون في مجال إنتاج وتسويق المبيدات الزراعية، حيث اتفق يوسف عبد الرحمن مع بعض أصحاب تلك الشركات على أن تقوم البورصة الزراعية بتسويق منتجات تلك الشركات على أن يتولى يوسف عبد الرحمن تسجيل تلك المبيدات في مصر حتى يمكن استيرادها من الخارج وتداولها في البلاد. وأوضحت المحكمة أن يوسف عبد الرحمن أقنع وزير الزراعة بالموافقة على استيراد المبيدات بعد أن قدم إليه مذكرة ضمنها معلومات غير صحيحة؛ حيث تم إعطاء الحق لتلك الشركات بتوريد احتياجات وزارة الزراعة من المبيدات في صورة مركبات خام لتقوم الوحدة الاقتصادية بعد ذلك بتصنيعها عمليا وتوريدها للزراعة. وقالت المحكمة إن صاحب إحدى الشركات قام بطبع تسجيل للمبيدات المطلوب تسجيلها لشركته وسلمها لراندا الشامي التي قدمتها ليوسف عبد الرحمن فاستوقع عليها وزير الزراعة دون أن يتخذ في شأنها أيا من إجراءات التسجيل والتجريب المعمول بها في الوزارة ودون سداد الرسوم المقررة على أي منها. وأشارت إلى أن يوسف عبد الرحمن استوقع وزير الزراعة على 28 شهادة أخرى لتسجيل المبيدات بذات الطريقة السابقة دون أن يتخذ إجراءات التسجيل أو التجريب ووقع عليها وضمنها خاتم شعار الجمهورية فصارت وكأنها استوفيت إجراءات التسجيل والتجريب خلافا للحقيقة. وقالت المحكمة إن ممارسات يوسف عبد الرحمن بهذا الشأن أضاعت على الدولة مبالغ مالية تمثل قيمة المستحق عن التجريب والتحليل للمبيدات الواردة بهذه الشهادات، والتي تم على أساسها استيراد المبيدات المذكورة بها وتداولها واستعمالها رغم أن بعضها مسرطن للإنسان، وأضافت أنه ثبت حصول راندا الشامي على أموال في صورة رشوة من بعض تلك الشركات مقابل تدخلها لترسية توريد بعض الشركات الخاصة لمبيدات للوزارة. وأشارت إلى أن يوسف عبد الرحمن تذرع بنفوذه الحقيقي لدى وزير الزراعة وتعامل مع أصحاب شركات توريد المبيدات باعتباره صاحب القرار الأول في وزارة الزراعة، حيث أكد لهم أنه بوسعه أن يجعل الوزير يوقع له على أي طلب يقدم من جانبه. وأكدت أن يوسف عبد الرحمن أضر بالأموال العامة ومصالح وزارة الزراعة، حيث أضر عمدا بأموال وحدة الخدمات البستانية وصرف 3 ملايين و400 ألف جنيه كأجر ل 122 موظفا للعاملين بجهة عمله ومن ميزانيتها دون أدائهم عمل فعلي لتلك الجهة، إلى جانب أنه أصدر أوامره بإلحاق 37 سيارة مملوكة لوحدة الخدمات البستانية للعمل في شركة البورصة الزراعية خلال الفترة من يناير 1997 وحتى 22 أغسطس 2002، وهو ما ترتب عليه إهلاك بعض قيمتها كأصول. وقالت المحكمة إن راندا الشامي مدانة بالرشوة والاشتراك في تزوير محررات رسمية والإضرار العمد بأموال الجهة التي تعمل بها وتداول مواد زراعية خطرة بغير ترخيص. وأكدت المحكمة قناعتها بجدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتسجيل والضبط الذي تم لراندا الشامي، كل تلك الأمور أوكل بها القانون إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأضافت المحكمة أن باقي المتهمين مدانون بتقديم رشاوى لموظفين عموميين للإخلال بواجبات وظيفتهم وتوريد مبيدات غير مطابقة للمواصفات الفنية مع علمهم بذلك، والتزوير في محررات رسمية تتعلق بشهادات تسجيل المبيدات الصادرة لصالح البورصة الزراعية، فضلا عن امتناع بعضهم عن عدم إصدار شهادات تفيد عدم صلاحية مبيد "السيبركال" على الرغم مما ثبت من عدم صلاحيته وفقا لنتائج تحليل العينات المأخوذة منه. وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد أحالت المتهمين في قضية"المبيدات المسرطنة" إلى المحاكمة، حيث نسبت إلى يوسف عبد الرحمن إخلاله بواجبات وظيفته حين طلب من راندا الشامي معاشرتها جنسيا على سبيل الرشوة مقابل تعيينها مستشارا فنيا له، وكذلك قيامه بتسجيل مبيدات مسرطنة دون اتباع الإجراءات المقررة قانونا في هذا الشأن، وأضر عمدا بأموال ومصالح جهة عمله بوصفه رئيسا لمجلس إدارة البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، حيث حصل لغيره دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته. كما نسبت النيابة له أيضا أنه أضر بأموال ومصالح جهة عمله بأن أصدر أوامره بإلحاق 37 سيارة مملوكة لوحدة الخدمات البستانية للعمل في خدمة الشركة المصرية لإنتاج وتسويق وتصدير الحاصلات الزراعية، وهو ما ترتب عليه إهلاك بعض قيمتها كأصول وحمل جهة عمله نفقات تشغيلها، ونسبت النيابة أيضا إلى راندا الشامي طلب وأخذ رشوة لنفسها مقابل الإخلال بواجبات وظيفتها مقابل تسهيل وإنهاء إجراءات توريد مبيدات مكافحة آفات القطن. ونسبت النيابة إلى المتهم الثالث هاني مصطفى كمال أنه أضر عمدا بأموال جهة عمله بأن ورّد لوزارة الزراعة كميات من المبيدات دون الالتزام بالأسس والقواعد المقررة لحساب قيمتها لدى توريدها، فألحق بذلك أضرارا بأموال جهة عمله، كما نسبت النيابة إلى باقي المتهمين في القضية عددا من الاتهامات، من بينها أخذ وتقديم رشاوى لموظفين عموميين للإخلال بواجبات وظيفتهم، وتوريد مبيدات غير مطابقة للمواصفات الفنية مع علمهم بذلك، والتزوير في محررات رسمية تتعلق بشهادات تسجيل المبيدات الصادرة لصالح البورصة الزراعية، فضلا عن امتناع بعضهم عن عدم إصدار شهادات تفيد عدم صلاحية مبيد "السيبركال" على الرغم مما ثبت من عدم صلاحيته وفقا لنتائج تحليل العينات المأخوذة منه. ونسبت النيابة أيضا إلى المتهمين تزويرهم لشهادات رسمية تفيد -خلافا للحقيقة- بأن بعض المبيدات خالية من المواد المحظورة، وأن مواصفاتها الفنية سليمة وقاموا بمهرها بخاتم شعار الجمهورية ووضعوا عليها تواريخ لا تتفق وتاريخ صدورها الحقيقي.