وسط تصاعد وتيرة الأحداث في سوريا، تصدَّر الناشط والمعتقل مازن الحمادة المشهد، بعدما عُثر على جثته قبل أيام مع عشرات الجثث التي تعود لسجناء من سجن صيدنايا سيئ السمعة، حيث أعدمهم النظام قبل سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد. اعتُقل الحمادة، الذي عُرف بفضح سجون النظام السوري، عدة مرات، آخرها في عام 2020 بعد عودته إلى سوريا. ولم يعلم أحد مكان اعتقاله منذ ذلك الوقت حتى وُجدت جثته في سجن صيدنايا، سيئ السمعة والمعروف ب"المسلخ البشري". ولكن، ماذا نعرف عن مازن الحمادة الناشط السوري الذي أعدمه نظام بشار؟ مازن الحُمّادة مواطن سوري منحدر من محافظة دير الزور شرق سوريا، وكان يعمل في شركة نفط أجنبية، ويبلغ من العمر 33 عامًا قبل اعتقاله في عام 2011. فقد كان حمادة وجهًا معروفًا للاحتجاجات السورية خلال الربيع العربي آنذاك. واشتهر بمعارضته للرئيس السوري بشار الأسد وحكومته وجيشه، وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط". ووفق ما نقلت "الجزيرة"، اعتقل النظام السوري مازن الحُمّادة مع بداية الثورة، في عام 2011، عدة مرات قبل أن يطلق سراحه بعد سنوات من الاعتقال والتعذيب، ليتوجه إلى أوروبا ويحصل على اللجوء في هولندا، ثم عاد إلى سوريا مجددًا منذ 4 أعوام، ليجدد النظام اعتقاله قبل العثور على جثته الاثنين الماضي. اعتقالات وتعذيب داخل السجون ففي البداية، اعتُقل مازن مرتين، ولكن لفترات قصيرة في مدينته دير الزور، قبل انتقاله إلى دمشق في عام 2012، حيث اعتُقل هناك مجددًا، ونقل إلى مقر المخابرات الجوية المخيف في حي المزة، وهناك بدأ الكابوس الذي عاشه. وبعد الإفراج عنه عام 2014، اختار مازن حمادة أن يغادر البلاد إلى أوروبا؛ حيث حصل على اللجوء في هولندا. ومنذ ذاك الحين، نشط مازن حمادة في أوروبا لتعرية أساليب وطرق التعذيب داخل السجون السورية. وبعد إطلاق سراحه عام 2014، قدم شهادته التفصيلية في أنحاء العالم على التعذيب الذي تعرض له في سوريا، قبل أن يستقل الطائرة فجأة عام 2020 عائدًا إلى دمشق، حيث اختفى فور وصوله إلى المطار، ليُوجد جثة هامدة بعد 4 سنوات. فاضح سجون الأسد وجرائمه اشتهر مازن بتقديم شهادته أمام عدسات وسائل الإعلام وكذلك في أفلام وثائقية ومؤتمرات عن المعتقلين والمختفين قسريًا في سجون الأسد، شرح فيها ظروف الاعتقال والتعذيب الوحشية والمسالخ البشرية الموجودة في سجون الأسد. كما كان مساهمًا في إجراءات دولية لمحاكمة نظام الأسد. وبعد تقديم شهادته حول سجون الأسد، أطلق ناشطون عليه لقب "الميت المتكلم"، حيث أعادوا ذلك إلى نجاته من الموت الذي يهدد أي معتقل في سجون الأسد، وكذلك لتعابير وجهه الجامدة والحزينة والآثار النفسية التي خلفها فيه التعذيب في سجون النظام. عودة واختفاء ثم إيجاد الجثة وفي عام 2020، قرر مازن العودة إلى سوريا ليتم اعتقاله من مطار دمشق، واختفى أثره منذ ذلك الحين قبل أن تظهر جثته داخل غرفة التبريد في مستشفى حرستا بريف دمشق. وأكد ناشطون أن حمادة وغيره ممن عُثر على جثثهم في مستشفى حرستا، تم تعذيبهم والقضاء عليهم قبل فترة قصيرة من إسقاط نظام الأسد، وفق ما نقلت "سكاي نيوز". ليرحل الحمادة، الذي عُرف بأيقونة الثورة السورية، كما يصفه البعض، بعد قتله تحت التعذيب بعد سنوات من عودته إلى سوريا وغياب أي معلومات عنه في السنوات الأخيرة. كما تبقى قصة قرار عودته إلى سوريا مجددًا، بعد ما تعرض له من تعذيب في السجون السورية، لغزًا. فبينما يقول بعض المقربين منه إنه عاد إلى سوريا لزيارة عائلته بعد حصوله على "الأمان" وتطمينات من نظام الأسد بأنه لن يمسه، أشار البعض إلى أنه كان يعاني حالة اكتئاب حادة عند اتخاذه القرار، وهذا ما ظهر في مقاطع فيديو وأكثر من بث مباشر ظهر فيها قبل عودته إلى سوريا. قتلوا مازن حمادة عدة مرات في البداية، أعلنت جود، ابنة شقيق مازن الحمادة، على صفحتها بموقع فيسبوك، أنه عُثر على جثة الناشط السوري البارز بأحد مستشفيات دمشق. وكتبت جود أن جثمان مازن ملقى في مشفى حرستا منذ أسبوع، وعلقت: "لو كان بإمكانك أن تتحمل هذا الأسبوع فقط يا حبيبي... وداعًا مازن... وداعًا أيها الصادق... وداعًا أيها النبيل". فيما علقت الصحفية السورية ورد نجار: "قتلوا مازن حمادة عدة مرات.. مات قلبه وعقله وشعوره كل على حدة.. والآن بعد سقوط الطاغية وجلاديه، انتشرت صورة جثة مازن، فأدركنا أنه مات جسدًا، ولكن لم ولن تموت ذكراه فينا، بل وحتى سنخلّدها للأجيال القادمة". قتلوه حديثًا قبيل فرار بشار الأسد وقال معاذ مصطفى من قوة الطوارئ السورية، الذي عمل بشكل وثيق مع الحمادة: "إنهم قتلوه حديثًا على ما يبدو، ربما في الساعات الأخيرة قبل فرار الأسد واستيلاء الفصائل على السلطة"، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست". فيما أوضح ستيفن راب، الذي يرأس لجنة العدالة والمساءلة الدولية، وهي منظمة غير ربحية تجمع الأدلة على جرائم الحرب في سوريا، أن المستشفى في حرستا معروف بأنه محطة للسجناء الذين تعرضوا للتعذيب حتى الموت، وهم في طريقهم إلى الدفن بمقابر جماعية.