انطلقت منذ قليل أعمال مجلس الجامعة العربية في دورته غير العادية على مستوى المندوبين الدائمين، برئاسة اليمن، رئيس الدورة ال162، بناء على طلب الأردن، وبمشاركة ممثلي الدول الأعضاء بالجامعة العربية. ويناقش الاجتماع بحث الرد العربي المشترك على القوانين غير الشرعية الخطيرة التي أقدم الكنيست الإسرائيلي على إقرارها، والتي تحظر أنشطة وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا" في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، بما في ذلك القدسالشرقية. كما تناقش الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية الخطوات اللازمة اتخاذها لاتخاذ موقف عربي موحد رافض لهذه القوانين والإجراءات الإسرائيلية الباطلة، وحشد دعم دولي للتصدي لها وإبطالها. ومن المنتظر أن يصدر بيان يعبر عن الموقف العربي الجماعي الرافض للإجراءات الإسرائيلية بحق وكالة "الأونروا". وترأس وفد دولة فلسطين، عضو اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير - رئيس دائرة اللاجئين أحمد أبو هولي، الذي أكد من جانبه أن هذا الاجتماع ينعقد في وقت هام حيث لا يزال الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والمدينة المقدسة يتعرض لحرب إبادة إسرائيلية شاملة، مشيرًا إلى أن حكومة الاحتلال ماضية أيضًا في حربها الممنهجة ضد الأونروا بهدف إنهاء عملها واستبدالها بوكالات إنسانية أخرى، محذرًا من العواقب الوخيمة للقانون الإسرائيلي الذي أقرته "الكنيست" بحق الأونروا التي تعتبر العمود الفقري والركيزة الأساسية في قطاع غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي منذ أكثر من 390 يومًا راح ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين. ومن جانبها، قالت سحر الجبوري - رئيس مكتب ممثل الأونروا بالقاهرة، إن هذه من أحلك الفترات التي تمر بها الوكالة في تاريخها الأبي، متوجهة بالشكر للمملكة الأردنية الهاشمية والجامعة العربية على الدعوة لهذا الاجتماع. وأشارت خلال كلمتها قائلة: "لقد وقف في هذا المكان المفوض العام للأونروا عدة مرات محذرًا من الهجمات الشرسة التي تتعرض لها الوكالة سياسيًا وعملياتيًا وإداريًا، بل وحتى معنويًا". وقالت: "في هذه القاعة ومن هذا المنبر، حذر فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، عدة مرات من الهجمات الشرسة التي تتعرض لها الوكالة سياسيًا وعملياتيًا وإداريًا، بل وحتى معنويًا". وأضافت: "كما حذر من تبعات هذه الهجمات منوهًا بالأهداف الحقيقية ورائها، مؤكدة أن القوانين المشينة التي اعتمدها الكنيست الإسرائيلي في 28 أكتوبر، والتي تخنق عمل الوكالة، ما هي إلا استكمال لحلقات سلسلة هذه الهجمات". وأوضحت الجبوري أن الوكالة دفعت طوال الحرب المدمرة على غزة، بغرض الضلوع بمهامها وتنفيذ التفويض الممنوح لها من الجمعية العامة، لأكثر من عام ثمنًا باهظًا، وذلك جراء التجاهل المتعمد لأرواح موظفيها ومقارها وعملياتها الإنسانية، مشيرة لمقتل 237 (مائتان وسبعة وثلاثون) زميلًا لها، وتدمير أو تضرر 200 (مائتي) مبنى من مباني الوكالة في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي. وأكّدت أنه رغم المخاطر الجمة والتهجير القسري والمآسي الشخصية وتحت القنابل، يواصل موظفو الأونروا بكل تفانٍ وإخلاص تقديم الخدمات للشعب الفلسطيني. وقالت الجبوري: "على مدار السنوات الماضية قاومت الوكالة وتصدّت - بفضل مساندتكم ومساندة المجتمع الدولي - لكل محاولات التشويه والاستهداف والاتهامات التي واجهتها، لكننا اليوم نرى إسرائيل تسعى لإنهاء دور الوكالة بحكم القانون". وأوضحت أن سيترتب على هذه القوانين، إذا ما تم تطبيقها، عواقب عملياتية وقانونية وخيمة، تحرم الوكالة من الحماية والوسائل الأساسية التي تمكنها من أداء مهامها داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وتعرض سلامة موظفيها ومنشآتها لخطر جسيم. وأشارت لما تواجهه هذه التشريعات من ضربة قاصمة للخدمات في قطاع غزة، مما يضع على المحك توزيع المساعدات الغذائية وخدمات الإيواء والرعاية الصحية، بل وكل الجهود الإنسانية للأمم المتحدة التي تعتمد على الوكالة في تقديمها. وشددت على عدم وجود أي منظمة أممية أو غير حكومية دولية بديلة قادرة على تقديم هذه الخدمات شبه الحكومية لهذا العدد الكبير من السكان، وإن توقف العمل الإنساني كليًا في ظل غياب البديل سيؤدي إلى كارثة، في وقت تشتد فيه معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون أصلًا في جحيم مطبق. كما أشارت أن هناك أيضًا على المحك تعليم أكثر من 650,000 (ستمائة وخمسين ألف) طفل فلسطيني في غزة والضفة الغربية، مما يعني ضياع جيل بأكمله. ومع تعطل التعليم والخدمات الصحية وخدمات الدعم الاجتماعي لأكثر من 150,000 فلسطيني في الضفة الغربية، فإن تعطل الاستجابة الطارئة للوكالة التي تعقب العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، سيؤدي إلى تزايد حالة عدم الاستقرار والأمن في المنطقة بشكل خطير، إضافة إلى ذلك، فإن تطبيق هذه القوانين في ضوء ما يحدث في لبنان سيؤدي إلى انهيار عمليات الوكالة، مما يعرض آلاف الأشخاص الذين يأوون في منشآتها إلى الخطر. وأوضحت أنه لا يمكن تجاهل التداعيات السياسية الكارثية على أفق التوصل إلى حل سياسي مستقبلي للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني المستمر منذ عقود، مؤكدة أن هذه التدابير تسعى بوضوح لإنهاء تطلعات الشعب الفلسطيني نحو تقرير المصير وإغلاق الباب نهائيًا أمام حل الدولتين، مما يشكل انتكاسة للجهود المستدامة لتحقيق السلام في المنطقة، مؤكدة أنها تنتهك بشكل صارخ أحكام محكمة العدل الدولية وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة. وقالت الجبوري: "إن كان الهدف من هذه الإجراءات إنهاء قضية اللاجئين وحق العودة، فهذا فهم خاطئ للحقائق، فحقوق لاجئي فلسطين، بما فيها حق العودة، أُقرت بقرار الجمعية العامة رقم 194 قبل إنشاء الأونروا، وعليه فحقوقهم قائمة بذاتها وستبقى تمامًا كما ستبقى مخيمات اللاجئين في غزة والضفة الغربية شاهدة على معاناة شعبها وحقوقه، دون أي ارتباط بوجود الأونروا". وأضافت قائلة: "في الوقت الذي تشتعل فيه وتتوسع النزاعات والاضطرابات في المنطقة، فإن إنهاء دور الأونروا سيؤدي إلى انهيار إحدى ركائز الاستقرار في المنطقة، ففي الفراغ الذي ستتركه وراءها، سيقع الأطفال الفلسطينيون فريسة للكراهية والتطرف والإجرام، مؤكدة أن الحاجة للوكالة اليوم أكثر من أي وقت مضى". وأشادت بما قدمته الدول العربية من دعم استثنائي للوكالة خلال العام المنصرم، مناشدة بتكثيف هذا الدعم، مؤكدة أن هذا لا يعني الدعم المالي فقط وإن كان هامًا، فما زالت الوكالة بحاجة إلى 80 مليون دولار لتتمكن من مواصلة جهودها حتى آخر العام، بل أيضًا الدعم السياسي القوي والملموس للضغط تجاه منع تطبيق القوانين الإسرائيلية وتفكيك الأونروا وبالتالي تهميش دور الأممالمتحدة ككل وتقويض النظام متعدد الأطراف. وتابعت: "إن مستقبل الأونروا مسؤولية جماعية مشتركة، ومن المهم الحفاظ على دورها وحمايته في المرحلة الراهنة وفي المرحلة الانتقالية وحتى تسليم خدماتها إلى حكومة فلسطينية يتفق عليها، داعية إلى وضع مسار سياسي فعّال يؤدي إلى حل الدولتين، مما يسهم في إنهاء الصراع".