جدل واسع شهدته الساحة المصرية بعدما أُعلن مايك إيفانز، المستشار السابق بالبيت الأبيض ورئيس مؤتمر المسيحية الإنجيلية الدولي، عن مشروع ضخم يستهدف العالم العربي والإسلامي؛ يقوم على تجنيد وتدريب 100 ألف مسيحي إنجيلي ليكونوا "سفراء إعلاميين" لتحسين صورة "إسرائيل" وتسويق منتجاتها وثقافتها، مع إنشاء منصات تعليمية وأكاديمية دولية للتدريب والابتعاث. وأثار الإعلان الطائفي ردود فعل متباينة من رجال دين مسيحيين، ومثقفين، وإعلاميين، ونشطاء، حيث رأوا فيه تهديدًا مباشرًا للنسيج الوطني والعيش المشترك في المنطقة. وصفة لتدمير العيش المشترك ووصف الكاتب رضوان جاب الله الأكاديمي المتخصص في اللسانيات، المشروع بأنه "وصفة صهيو-غربية لتدمير العيش المشترك في مصر والبلدان العربية والإسلامية". وأشار إلى أن قساوسة وبطاركة من مصر والعالم العربي رفضوا المشروع، معتبرين أنه يهدف إلى التحريض ضد المسيحيين الشرقيين والقضاء عليهم معنويًا وأدبيًا، عبر نقل صورتهم الذهنية من كونهم شركاء في بناء الأوطان والحضارة إلى مجرد أدوات وظيفية تخدم أجندة خارجية.
وأوضح "جاب الله" أن قطاعات واسعة من المسيحيين في مصر نددت بالمشروع، وحذرت الشباب من الانخراط فيه تحت ذرائع الابتعاث أو البحث عن عمل أو التسجيل في منصات تعليمية مشبوهة مثل "البلاك بورد الدولي". وصدرت بيانات من شخصيات اعتبارية تجرّم المشروع وتطالب الدولة بالتصدي له باعتباره وصفة للحروب الأهلية في المنطقة.
وتناول "جاب الله" تفاصيل المشروع الذي أطلق عليه إيفانز اسم "هدية لشعب صهيون"، موضحًا ركائزه: تدريب 100 ألف مسيحي، إنشاء منصة تعليمية بالتعاون مع هارفارد وييل، توسيع مجال التعليم لتعريف إسرائيل بالقوة الروحية للمسيحيين الإنجيليين، إقامة متحف "أصدقاء صهيون" في أمريكا، والتأكيد أن الحرب القادمة ستكون حرب الإعلام والصورة والفكرة. واعتبر جاب الله أن هذه الركائز تمثل محاولة لاختراق المجتمعات العربية والإسلامية عبر التعليم والإعلام، وتحويل المسيحيين الشرقيين إلى أدوات في مشروع خارجي يهدد وحدة المجتمعات. https://www.facebook.com/dminisi/posts/pfbid0DBwxNhydAmJAS3rRUMpQU69UzPW3ybGwvKXVxJwFE6MhC32nuDk6jjSVaqomudqil خطر التيار المسيحي الصهيوني وتناول الصحفي قطب العربي عبر Kotb El Araby جانبًا آخر من القضية، مشيرًا إلى حملة قبطية ضد إعلامية مصرية نقلت حديثًا لرجل دين مسيحي مقرب من ترامب، قال فيه إنه يدرب ألف قس لتبييض وجه إسرائيل. الحملة وجهت غضبها نحو المذيعة بدلًا من مواجهة مضمون كلام رجل الدين. وأضاف أن هناك بالفعل تيارا مسيحيا صهيونيا داعما للكيان، ينطلق من عقيدة "الملك الألفي" التي تقول بعودة السيد المسيح ليحكم الأرض ألف عام.
وأوضح أن هذا التيار يرى أن دعم "إسرائيل" شرط لعودة المسيح، وبالتالي يسعى أتباعه لتسريع هذه العودة عبر تعزيز قوة إسرائيل وازدهارها. الكاتب اعتبر أن إنكار وجود هذا التيار خطر في حد ذاته، ودعا الكنائس المصرية الثلاث الرئيسية إلى التنديد الواضح به، بغض النظر عن حجمه العددي، لأنه يمثل تهديدًا للمسيحيين أنفسهم وللوحدة الوطنية. https://www.facebook.com/kotbelaraby/posts/pfbid02DPdgJQUSunctFNX3YoosfMqjXg3BpKQgUEGrSxkABuUjXtidcZtRrKCPNXS9LmkCl خطورة الصياغة الإعلامية
وركز الصحفي أحمد سالم ركز على الجانب الإعلامي، معتبرًا أن بعض الأخبار التي تناولت المشروع صيغت بطريقة "صهيو-يونية مشبوهة" بأيدٍ مصرية، ما يرسخ صورة في الذهن العام بأن فئة ضخمة من المجتمع عملاء للعدو. هذه الصياغة، بحسب سالم، تعمّق الانقسام وتزيد الاحتقان في مجتمع يعاني أصلًا من ضغوط اقتصادية وسياسية واجتماعية. وأوضح "سالم" أن المذيعة هند الضاوي كانت تنقل كلام مايك إيفانز في سياق حديثها عن الصراع مع "إسرائيل"، لكن الصياغة الخبيثة نقلت الخبر إلى الداخل المصري، وحوّلته إلى أداة للشحن الطائفي. وحذّر من أن ضعف الوعي والسطحية في تناول مثل هذه القضايا عبر الإعلام يمكن أن يكون سببًا مباشرًا في إشعال فتنة داخل المجتمع.
و شدد على أن الهدف الخفي للمشروع هو استهداف وحدة مصر واستقرارها، وأن الإعلام غير المسئول يسهم في تحقيق هذا الهدف عبر الجري وراء الإثارة والترند، دون اعتبار لأمن المجتمع. https://www.facebook.com/photo/?fbid=10163082798983591&set=a.10158777160353591 ويرى الباحث الصحفي إسحاق إبراهيم Ishak Ibrahim (مسيحي) "أن تصريحات الإعلامية هند الضاوي حول تدريب ألف قس إنجيلي أمريكي لدعم إسرائيل قد تكون مثيرة للقلق ومزعجة للبعض، وهذا مفهوم ومبرر، لكنها لا تتضمن أي تحريض أو مخالفة قانونية تستوجب العقوبة أو الجزاء الإداري. ويؤكد أن الأقباط ليسوا في موضع شك أو محاسبة جماعية، فبينهم من يؤيد إسرائيل، ومن لا يهتم، ومن يرفض سياساتها ويدعم حقوق الفلسطينيين". وشدد عبر فسبوك "على أن الحساسية المفرطة والمنع وفرض قيود على حرية التعبير هي ممارسات ضارة، لا تفيد سوى الأنظمة السلطوية. كما يشير إلى أنه تناول في مقالات سابقة موقف المسيحيين من فلسطين والمقاومة (2023)، وكذلك نقد الطائفيين في محاولات "صهينة المسيحيين" (أكتوبر 2025)." أما الصحفي بالأهرام أحمد السيد النجار فأشار إلى أنه تعاطف مع المنتقدين لها (هند الضاوي) والذين وصل البعض منهم للمطالبة بطردها من القناة التي تقدم برنامجها عليها، لأن البعض منهم محل ثقتي، مستدركا "..شاهدت الحلقة لأتبين الأمر مباشرة، فوجدت أنها لم تخطئ إطلاقا، فقد عرضت بثا حيا لمستشار لترامب وهو من المسيحيين الإنجيليين من أقصى اليمين الديني، يقدم هذا الطرح. وكل ما فعلته أنها طالبت الكنائس الشرقية بالرد عليه إيمانا منها بوطنية تلك الكنائس التي ترعى مواطنين قبل أن يكونوا متدينين". واعتبر "النجار" أن ".. الحكام المسلمين الذين روجوا لما يسمى اتفاقيات "السلام" الإبراهيمي هم خدم أكثر سوءا للصهيونية، من مستشار ترامب والأصوليين الإنجيليين الذين يتبعونه. هناك صهاينة من كل الأديان، والمعيار الوحيد لذلك هو دعمهم لكيان تأسس بالاغتصاب ويستمر بالعدوان والعربدة والاعتقال والتعذيب والقتل والهدم والتخريب والإبادة الإجرامية لأبناء الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والحق"