انتقدت رسالة ماجستير تناقشها كلية الإعلام جامعة القاهرة اليوم برامج الرأى المقدمة على القنوات الفضائية المصرية والعربية على حد سواء، معتبرة أن تلك البرامج تحولت إلى «ساحة معارك بين الضيوف دون أن يترك أحد الأطراف فرصة لفهم وجهة نظر الآخر». وطبقت الدراسة الميدانية التى أجراها الباحث محمد عبده المذيع فى قناة «أون.تى.فى» على عينة عشوائية طبقية قوامها 400 مفردة من الجمهور العربى موزعة بالتساوى على المناطق الجغرافية الأربع فى العالم العربى بواقع 100 مفردة لكل إقليم والأقاليم منطقة وادى النيل (مصر والسودان) منطقة المشرق العربى وبلاد الشام، منطقة الخليج العربى وشبه الجزيرة العربية، منطقة المغرب العربى. ورأى غالبية المبحوثين أن برامج الرأى تشهد أحيانا استخدام ألفاظ خارجة غير لائقة فى الحوار وأحيانا يتم استخدام أساليب الاتصال غير اللفظى (حركات الأيدى وإيماءات الوجه) بشكل غير لائق بين المتحدثين فى برامج الرأى العربية. كما أكدت الرسالة التى أشرف عليها الدكتور عدلى رضا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالكلية ويناقشها أ.د.صفى الدين خربوش رئيس المجلس القومى للشباب وأستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ود.نبيل طلب الأستاذ المساعد بالكلية أن برامج الرأى العربية شهدت طفرة فى اتساع مساحة إبداء وجهات النظر وحرية طرح الآراء فضلا عن ظهور ضيوف غير مألوفين من المعارضين لحكوماتهم على شاشة التليفزيون بعد سنوات طويلة من المنع. وأشاد الباحث بتنوع الأفكار والموضوعات فجاءت أكثر جرأة وصراحة بل إنها تخطت فى بعض الأحيان حدود الجرأة، واتسمت بحالة من حالات الصراع على الهواء مما أدى إلى تحول بعض الحوارات إلى مبارزات ومعارك كلامية، يريد كل طرف فيها أن ينتصر على الطرف الآخر، فتغيب الحقيقة ويكون الخاسر دائما هو المشاهد العربى. وحذرت الرسالة من تحول الفضائيات العربية من كونها وسيله مهمة للتواصل وتفعيل ثقافة الحوار بين العرب إلى وسائل ومراكز لبث روح الفرقة والتناحر والتعصب والانغلاق ونفى الآخر. وشددت على أن هذا الأسلوب فى الحوار لا يثمر فهما حقيقيا للواقع العربى بل يشوهه فى كثير فى الأحيان ويساهم فى تقديم صورة سلبية عن الشخصية العربية، فتظهر وكأنها تتحدث دائما بصوت عالٍ وبطريقة انفعالية لا تقبل الأفكار المختلفة عنها. وحمل الدراسة القنوات الفضائية المسئولية عن هذا المستوى الذى وصلت اليه برامج الرأى، وقال إن المنافسة المحمومة على الجمهور وبالتالى على الإعلانات، وقعت القنوات الفضائية العربية بين حدى الجدية والإثارة وصعوبة الموازنة بينهما، ولاسيما عندما يضع التليفزيون نفسه أمام خيار الوصول إلى ما هو مشترك بين أكبر عدد ممكن من الجمهور. وأضافت أن السباق نحو الاعلانات دفع القنوات إلى التبسيط والجذب والإثارة إلى درجة التسطيح أحيانا وبروز ما أطلق عليه الباحث «المسرحة السياسية» القائمة على الإثارة Action والإجبار على الاختلاف لإضفاء الطابع الجدلى المثير على البرامج تحت عنوان الحوار، ما يوحى للمواطنين استحالة التلاقى، ويجعل الأفكار تنقض بعضها بعضا بحيث تكون النتيجة النهائية للحوار صفرا.