إنفوجراف| بورصة الذهب تختتم تعاملاتها على مكاسب أسبوعية 21 دولارا    المدير الرياضي لنادي سالزبورج النمساوي: مونديال الأندية.. بطولة استثنائية    مفاجآت في العيد| مراكز الشباب تفتح أبوابها مجانًا للمواطنين.. وخدمات سوبر ستارز    «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الأحد 8 يونيو | إنفوجراف    بأمر المحكمة.. سفاح المعمورة في مستشفى العباسية للكشف على قواه العقلية    التفاصيل الكاملة لاتهام زوجة المطرب إسماعيل الليثي بالاعتداء عليها وسرقة مجوهراتها    تقديس السينما عند جعفر بناهي.. دروس للأجيال    أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري في ثاني أيام عيد الأضحى    بينهم 4 دول عربية، برقية سرية تكشف خطة واشنطن لتنفيذ حظر السفر على 19 دولة    منير أديب يكتب: إسرائيل وداعش.. توافقات الأهداف أم نتائج الحرب؟    لماذا يجب تناول الخضروات والسلطة مع اللحوم في ثاني أيام عيد الأضحى؟ الصحة توضح    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالجيزة .. رابط وخطوات الاستعلام لجميع الطلاب فور ظهورها    ترامب ردًا على هجوم إيلون ماسك: قد يكون بسبب تعاطيه المخدرات    «لعيبة تستحق تلبس تيشيرت الزمالك».. شيكابالا يزف خبرًا سارًا لجماهير الأبيض بشأن الصفقات الصيفية    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    رئيس الوزراء الهندي: نتطلع لتعميق التعاون مع وسط آسيا في التجارة والطاقة والأمن الغذائي    إيلون ماسك يخسر 35 مليار دولار من ثروته بعد خروجه من الحكومة الأمريكية    ترامب: أوكرانيا منحت روسيا مبررا واضحا لقصفها بشدة    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    هوندا سيفيك تايب آر تُعلن نهاية مبيعاتها في أوروبا    ترامب يكلف بتوسيع إنتاج الطيران الأسرع من الصوت    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    «كذاب وبيشتغل الناس».. خالد الغندور يفتح النار على زيزو    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    نتيجة وملخص أهداف مباراة المغرب ضد تونس الودية    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    منال سلامة ل"الفجر الفني": لهذا السبب قد أرفض بطولة.. ولا أفكر في الإخراج    دار الإفتاء تكشف آخر موعد لذبح الأضحية    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    أجواء فرحة العيد في حديقة الحرية أول أيام عيد الأضحى| فيديو    سوزوكي توقف إنتاج سيارتها «سويفت» بسبب قيود التصدير الصينية على المعادن النادرة    الشناوي: المشاركة فى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وحزين لرحيل معلول    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع في جلسة نهاية الأسبوع    «محدش يروح لجزار».. تحذير من الذبح خارج المجازر الحكومية    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عسل أسود.. ولكن
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 04 - 2024

على الرغم من هيمنة السياسة العنيفة والحرب هذه الأيام، لا يزال بإمكاننا أخذ قسط من الراحة والنظر إلى السياسة والمجتمع بطريقة مختلفة، حتى بطريقة مضحكة ولكنها هادفة. وتذكرت خلال شهر رمضان موضوعا ذا صلة ولكن لا نعرف عنه كثيرا ألا وهو «المسلمون الصائمون خارج الديار»، خاصة فى البلاد غير الإسلامية فى أوروبا وأمريكا الشمالية. ذكرتنى بعض التعليقات بالفيلم المشهور «عسل أسود»، تابعت بالطبع هذا الفيلم الذى تم عرضه فى 2010 ولكن لم أشاهده فى ذلك الوقت رغم أهمية الموضوع لى شخصيا، ونجحت فى تعويض هذا التأخير عن طريق صديقة كبيرة وأستاذة متميزة فى الجامعة الأمريكية.
الشاب المصرى - الأمريكى (الذى يقوم بدوره أحمد حلمى) فى الثلاثينيات من عمره والذى هاجر إلى أمريكا مع أبويه وهو طفل فى عامه العاشر، ولكن مع وفاة أبيه وأمه، يأتى إلى مصر بعد عشرين عاما للزيارة تمهيدا للاستقرار كمصور، ويختار موعد الزيارة هذه فى شهر رمضان ليعيش طقوس هذا الشهر الكريم.
• • •
فى الحقيقة، الفيلم رائع لأنه يعالج موضوع الساعة فى مصر والمنطقة العربية ألا وهو الهجرة وخاصة اللحاق بالحلم الأمريكى والنجاح فى وطنه الجديد، ولكن مع الاشتياق إلى وطنه القديم وأصوله الماضية، أى الحيرة بين ثقافتين. إلا أن الفيلم يعالج هذا الموضوع الهام بأسلوب كوميدى، ويثبت بوضوح أن الكوميديا ليست مجرد تهريج بل ذات رسالة، حتى لو كان الأداء مسليا وفى أحيان كثيرة يهدف إلى الضحك وحقيقة ينجح.
بالنسبة لهذا التمزق الثقافى، اسم الفيلم ذو مغزى. العسل الأسود هو البقايا بعد تكرير وتصنيع السكر من القصب حتى يصبح أبيض، ورغم شعبيته إلا أنه يقترب إذن من النفايات، وكان فى الماضى يباع مع البائعين الجائلين فى البلاص.
وفى الواقع، فإن فيلمنا يبين الأسود أكثر من العسل وحلاوته، والذى يهزم مبدئيا مثالية هذا المواطن المصرى فى التمسك بأصوله؛ فهو يختار أن يصل مصر بجواز سفره المصرى فقط ويترك الأمريكى فى وطنه الثانى، ويفاجأ فى المطار بسوء المعاملة التى يتعرض لها المصرى وينجو منها الأجنبى، بل يجد صعوبة فى الحصول على غرفة فى الفندق بسبب اعتماده على الباسبور المصرى وليس الأمريكى.
ثم يواجه مشاكل المجتمع المصرى، بداية من الخروج من المطار حيث يقع ضحية للسواق الذى يؤكد له وجود ليموزين له بدلا مما يشبه ميكروباصا ويبالغ فى سرقته عن طريق محاسبته فيسعر الدولار أكثر من ضعف المتداول، ويستمر ليرى تدهور التعليم حيث مدرّسة الإنجليزى الجاهلة التى لا تعرق نطق اللغة، ولكنها لا تود أن تسمع وتتعلم لكى تساعد نفسها وتلاميذها، ثم معاملة رجال الأمن له كمصرى وسجنه دون أدنى معايير إنسانية، على العكس تماما من معاملة الأجنبى والتسامح معه. يفيض الكيل به ويضطر لبذل المجهود لاستعادة جواز سفره الأمريكى، حيث المعاملة تختلف إذن، من الفندق إلى مستويات الأجهزة الحكومية المختلفة.
الفيلم يظهر فى الحقيقة منظرا غاية فى التعبير عندما يقوم هذا المواطن الأمريكى الذى يتخلص من مصريته ويرمى باسبوره المصرى بكل انتقام فى أعلى الفضاء من بلكونة فندقه. ولكن يحدث أثناء أحد احتجاجات الشارع المصرى أن يفقد جواز سفره الأمريكى، ويصبح دون أية وثائق رسمية تثبت شخصيته، وبالرغم من عدم التوضيح فى الفيلم، فمن الممكن تفسير وضعه إذن أنه بدون هوية؛ لا هو أمريكى ولا مصرى.
تستمر مغامرات مصرى سيد العربى، فيذهب إلى جامع المعز الذى تم تجديده للصلاة، وعندما يخرج يكتشف سرقة حذائه، ولكن خادم الجامع يعطيه قبقابا لكى يصرف أموره. ويقفز من الأتوبيس بعد التحرش به، ويجلس على الرصيف منهكا، فيتصور أحد المارة إنه أحد المتسولين، فيعطيه إحسانا كنوع من صدقة رمضان. والمغزى أنه برغم كل هذه المشاكل فى بلد فقير، فإن أهل الخير موجودون. وهو ما نراه بصورة أكبر عندما يجد أخيرا بيت أسرته القديم ويلتقى بصديق طفولته سعيد - الذى لا يستطيع أن يتزوج من خطيبته لأنه لا يجد عملا - بل إن سعيد لا يزال يأخذ المصروف من أمه، وبالرغم من ضيق اليد فى هذه الأسرة الشعبية إلا أنها تئويه وتقدم له الطعام، بل تتبناه كأحد أفرادها، وهو ما يجعله يصر على ارتداء خاتم يحمل علم مصر.
• • •
الفيلم شديد الثراء ولا تسمح مساحة المقال بعرض تفاصيل هامة مثل مناقشة البطل مع المصور القديم عم جلال (يوسف داوود) الذى لا يزال مقتنعا بمصر رغم التدهور المستمر. كما أن الفيلم مكتمل الأداء من تأليف وحوار وموسيقى تصويرية وتمثيل. فالبطل أحمد حلمى نجح فى نطق العربية بلكنة أجنبية. وبالرغم من اعترافه فى برنامج تليفزيونى أنه لا يجيد الإنجليزية، فإننا لا نلحظ ذلك فى تكرار كلماته القليلة بهذه اللغة، حتى عندما ينفعل ويكرر غاضبا اللعنة الشعبية shit، التى نستطيع ترجمتها تأدبا ومجازا «زفت».
البعض قد يحتج على الفيلم على أساس أنه ينشر الغسيل الوسخ عن مصر وسلبياتها، بل نضحك على خيبتنا كما قال أحد النقاد، ولكن رد البعض الآخر هو عدم تجاهل الواقع المر، بل نشر السلبيات للفت النظر بعدم التعود عليها وقبولها بل الاعتراض عليها ومحاولة تغييرها. وهذا الانقسام الداخلى هو ما يعانيه البطل نفسه. إذ فى الطائرة فى طريق العودة لأمريكا، يقرر الرجوع لمصر ويتظاهر بالمرض، ولكن الطيار يرفض العودة بالطائرة، ثم يغير رأيه عندما يكتشف أن الراكب يحمل جواز السفر الأمريكى.
الرسالة واضحة حتى نهاية الفيلم، وقد يكون هذا تحفظى على الفيلم، فى وقت يشتد فيه حلم الهجرة؛ وهو الإيحاء من خلال جواز السفر أن أمريكا هى الجنة على الأرض، لكن هذا يختلف تماما عن أمريكا الحقيقية حتى بالنسبة لدول متقدمة أخرى ومتجاورة مثل كندا، وأيضا لدى العديد من الأمريكيين الذين ولدوا فيها ولم يتركوها.
وحتى دون التفكير فى السلوك السياسى الحالى مثل توريد السلاح لإسرائيل لمواصلة الإبادة الجماعية فى غزة، فهى بلد العنصرية ضد السود، السماح بحمل السلاح وانتشار العنف والقتل داخل مدارس الأطفال، استمرار التأييد الشعبى لعودة رئيس مثل ترامب المدان فى عدة قضايا من التحرش الجنسى إلى الغش المالى، والذى يهدد بأنه إذا لم يعاد انتخابه عن طريق صندوق الانتخابات، سيكون هناك حمام دم. وقد يكون هذا موضوع مقال آخر لتوضيح أنه إذا كانت مصر بلد العسل الأسود، فقد تكون أمريكا أحيانا العسل المر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.