عبر لغة سلسة وعدد من الخيوط السيريالية فى السرد مع الأفكار المدهشة، قدم الكاتب والروائى عمرو العادلى أحدث رواياته بعنوان «مريم ونيرمين» الصادرة عن دار الشروق فى 359 صفحة، والتى يصطحب فيها القارئ داخل متاهة سردية لمتابعة مغامرات شيقة عاشها بطل الرواية فى ظل وجود مجموعة أخرى من الأصوات المؤثرة فى مسار الحكى. تدور أحداث الرواية بين مصر والعراق منذ عام 1997 وحتى وقتنا الحالى، وتعد ضمن الأعمال الأكبر حجما فى مسيرة عمرو العادلى، لها طابع مختلف عما اعتاده القراء من طريقة ونزوع العادلى إلى نوعيات معينة من الكتابة، حيث يصبح القارئ شغوفا منذ اللحظة الأولى للتعرف على علاقة مريم ونرمين، ومن هو محيى الدين الذى يربطهما ببعضهما. ينجذب القارئ فى أحدث روايات عمرو العادلى إلى غلاف العمل للفنانة ورسامة الكاريكاتير دعاء العدل والتى منحت الكتاب وعنوانه وغلاف كعتبات للنص حاله تشويقية إضافية لمعرفة ما سيدور داخل تلك الرواية والتى استهلها العادلى بإهداء قال فيه: «إلى زينب.. أدين لك بالكثير»، معتمدا على قدر كبير من التشبيهات التى تثير النوستالجيا فى بداية الرواية حول شخصية أروى التى تصل إلى شقة خالها بعد أن غادر إلى العراق وضاع هناك ونظرا لكونها قد ورثت عنه حاله الشغف بالكتابة والتدوين والحكى فإنها تفصح للقارئ عن تفاصيل مشوقة حول حكاية خالها مع امرأتين لكل منهما عالم ملىء بالتفاصيل المثيرة. تستند الرواية على بعض الواقعية السحرية وتمازج الذكريات مع الأحلام والواقع، لتخبرنا بأن المرة الأولى التى ارتبط بها خال أروى هى امرأة تزوجها عن حب وأنجب منها بعد أن عاش معها أغلب سنوات عمره، فى حين أن المرأة الثانية كانت قد ظهرت فى حياته بهدف واضح ووحيد وهو تعلم تقنيات الكتابة وكيفية إجادتها وتتطور الأمور إلى قصة من الحب بينهما تنتهى إلى الزواج. ويعكس وجود الخط الفانتازى أو المنتمى للواقعية السحرية فى النص استمرار الهاجس الذى يطغى على كتابات العادلى بمزج الواقع بالمتخيل، فيضفى حالة تشويقية على الرواية، التى تتسارع وتحتفظ بإيقاعها حيويا فتكون لها القدرة على جذب انتباه القارئ وتوريطه مبكرا وإبقائه منغمسا فى عوالم تشكلها أبطالا يصيغهم العادلى ويرسمهم بعناية، وذلك وسط الأولوية القصوى التى يمنحها للأسلوب، حيث يعتبر أن عديد الأفكار جرى طرحها ومناقشتها، وإنما يبقى للأسلوب قوة يستطيع من خلالها منح رونق خاص للعمل الأدبى. واعتمادا على إيقاع سريع ومجموعة من الصور والترميزات التى استعان بها عمرو العادلى نتعرف داخل الحكايه على مجموعة من الهواجس التى عاشها البطل بعد أن تلقى دعوة لحضور ندوة بالإسكندرية وجهتها له امرأة تعرف عنه كل شىء، وترسم يومها وفق مسارات ووقائع استمدتها من رواية كتبها وضاعت. يلجأ عمرو العادلى إلى لغة تتراوح ما بين العامية والفصحى من أجل إبقاء ذهن القارئ منتبها معه فى العمل الروائى الأحدث له، والذى استخدم فيه خطا تشويقيا أقرب إلى متاهة سردية نتابع من خلالها المغامرات الجمة التى عاشها البطل كما أفرد المؤلف مساحة ملحوظة كى تلعب كل الأصوات داخل الرواية أدوارها فى استكمال الأجزاء الناقصة فى التفاصيل التى عليها أن تتكامل لكى تنسج بالنسبة إلى القارئ مجموعة من الخيوط والمعطيات الواضحة داخل النص. منح مؤلف رواية مريم ونرمين هذا العمل الاهتمام الكامل بعديد من التفاصيل بداخله ومنها رءوس المحطات الخاصة بتلك الرواية أو عناوين الفصول التى تتكون منها الرواية حيث نجدهم كالتالى: الطريق إلى محيى الدين أنيس والكراسة الأولى من جحيم العودة، الكراسة الثانية مطهر مريم، الطريق إلى دار النشر، الكراسة الثالثة فردوس عالق، وهكذا. وواصل عمرو العادلى تلك الحالة الإبداعية عقب مجموعة من الأعمال الناجحة التى أصدرها نظرا لكونه روائيا وقاصا مصريا، حاصل على ماجستير فى علم اجتماع الأدب من جامعة عين شمس. له ست مجموعات قصصية، منها: «حكاية يوسف إدريس»، و«عالم فرانشى»، كما صدر له تسع روايات، منها: «السيدة الزجاجية»، «الزيارة»، «اسمى فاطمة»، و«رجال غسان كنفانى»، ورواية واحدة للأطفال «المصباح والزجاجة». نالَ عدة جوائز، منها: جائزة الدولة التشجيعية فى الآداب، وجائزة ساويرس لكبار الأدباء، وجائزة اتحاد كُتاب مصر، وجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابى، كما ترشحت أعماله مرتين للقائمة الطويلة بجائزة الشيخ زايد.