بعد مرور أكثر من شهرين على العدوان الإسرائيلي على غزة، بدأت إسرائيل تواجه ضغوطا متزايدة من حلفائها بشأن عدوانها المستمر على القطاع، حيث انتقدت الولاياتالمتحدة، الداعم الرئيسي لها، ما وصفته ب"القصف العشوائي" الذي يؤدي إلى سقوط ضحايا مدنيين. فيما تغيرت مواقف دول عديدة من حلفائها، فبعدما كانت تدعمها فيما أسمته ب"حقها في الدفاع عن نفسها" ضد المقاومة الفلسطينية، تغيرت مواقف أكبر 3 دول أوروبية وهي بريطانيا وألمانيا وفرنسا، والتي غيرت من لهجتها تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة. وأكدت صحيفة الجارديان البريطانية، في تقرير لها، أن هناك تحولا واضحا في لهجة حكومة المملكة المتحدة، حيث قالت في بيان لها: "إن إسرائيل لن تنتصر في هذه الحرب إذا دمرت عملياتها احتمالات التعايش السلمي مع الفلسطينيين، لقد قُتل عدد كبير جدًا من المدنيين". وأكد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، "الحاجة العاجلة" لتحقيق "وقف دائم لإطلاق النار" في غزة، حيث أكدا أن "عددا كبيرا جدا من المدنيين قتلوا في هذه الحرب"، وطالبا إسرائيل بإنهاء عمليتها العسكرية ضد حماس بشكل سريع و"دائم" أيضا. فيما طالبت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان أيضا، بعقد هدنة إنسانية فورية ومستدامة في قطاع غزة. من جانبهم، طالب رؤساء وزراء إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا ومالطا، يوم الأحد، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشال، باتخاذ الاتحاد موقف واضح بشأن الأوضاع في غزة، يتضمن الدعوة بشكل مشترك إلى وقف دائم لإطلاق النار لأسباب إنسانية ينهي الصراع. وقبلها، ندد رئيسا وزراء إسبانيا وبلجيكا، بالحرب المدمرة على قطاع غزة، وحثا تل أبيب والمجتمع الدولي على الاعتراف بدولة فلسطين. ولكن، لماذا تغيرت مواقف الدول الحليفة لأمريكا وإسرائيل تجاه عدوانها على غزة والقضية الفلسطينية؟ قالت الدكتورة انتصار محمد، الكاتبة والباحثة في الشأن السياسي، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إنه لا شك أن مرور أكثر من 70 يوما من العدوان على غزة وارتفاع عدد الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع والضفة الغربيةالمحتلة، والذي ارتفع لأكثر من 19 ألف شهيد و52 ألف جريح، أغلبهم من النساء والأطفال، كافي لأن يُغير المشهد ويغير مواقف الدول الحليفة للاحتلال الإسرائيلي وأكبر داعم له الولاياتالمتحدة. وأضافت، في تصريحات ل"الشروق"، أن تغير مواقف الدول أيضا يرجع لفشل المنظمات العالمية، في إصدار قرار بوقف إطلاق النار في غزة، حيث لم يتم الوصول لمشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة خاصة بعد استخدام الولاياتالمتحدة حق النقض "الفيتو". وأوضحت أن يضاف أيضا لذلك إخفاق مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار يطالب الاحتلال الإسرائيلي بوقف إطلاق النار في غزة. وتابعت أن كل التداعيات والأحداث التي تشهدها غزة كافية لتغيير موقف جميع الدول، خاصة أمام عدم انصياع الاحتلال الإسرائيلي لأي مناشدات دولية بوقف إطلاق النار. وأشارت إلى أنه في البداية كانت الدول الحليفة للولايات المتحدة وإسرائيل تعتبر أن حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" ارتكبت عملا إرهابيا ضد إسرائيل، لكن في نفس الوقت لا يوافقون على أن ذلك يستدعي أن تقوم إسرائيل بقتل ملايين الأبرياء، وأن تشن جرائم إبادة جماعية، يرتكبها قوات جيش الاحتلال يوميا اتجاه الفلسطينيين في قطاع غزة. وأردفت أن كل هذه الأسباب أدت إلى أن الدول تتخذ مواقف مختلفة، لتناشد وتدعو للتوصل لوقف إطلاق نار، مشيرة إلى أنه مع ذلك فإسرائيل لا تنصاع إلى هذه الدعوات، بل اعتبرت أن الدول الحليفة خاصة الدول الأوروبية التي تطالب بذلك بأنها "تشن عداء سياسي تجاه إسرائيل". وأوضحت أنه وجراء ذلك اتخذت إسرائيل العديد من الإجراءات، حيث تفاقمت الأزمة بين إسرائيل وإسبانيا، خاصة بعد دعم إسبانيا لوقف إطلاق النار في غزة، حيث اعتبرت إسرائيل أنه "عدم احترام لحقها في الدفاع عن نفسها".