حماة الوطن يرفض إعلان إسرائيل احتلال غزة.. ويدعم الموقف المصري    متهم فيها 9 أشخاص.. تأجيل محاكمة "شبكة تجفيف العملة" ل17 سبتمبر    تكريم 12 شخصية.. تفاصيل الدورة 33 من مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    محمد صلاح يوجه ضربة موجعة ل «يويفا» بشأن وفاة «سليمان العبيد»    التنسيق: الطلاب المتخلفون عن تسجيل الرغبات يقتصر تسكينهم على الكليات المتبقية    تعرف على جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 «الدور الثاني»    الأهلي يتعادل 2-2 مع مودرن سبورت في الجولة الأولى بالدوري المصري    نجوم الفن يشاركون في عزاء الفنان الراحل سيد صادق بمسجد الشرطة    الكليات المتاحة وفق مؤشرات التنسيق ل دبلوم صنايع 3 سنوات 2025    اليوم، موقع تنسيق الجامعات يختتم تسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية    السيطرة على حريق محلات وباكيات شبرا الخيمة (فيديو وصور)    مترو الأنفاق: توقف حركة القطارات بمحطة شبرا الخيمة بسبب الحريق (فيديو)    5 معلومات عن GPT-5 من "OpenAI"    محافظ الإسماعيلية يشهد منتدى الإسماعيلية الاقتصادي الأول للغرف التجارية (صور)    بمشاركة مرموش، مانشستر سيتي يتغلب على باليرمو بثلاثية    في حفل كامل العدد، حمزة نمرة يشعل مهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية (صور)    في أول أيام الترشيح ل"القراء"، حشاد يتقدم بأوراقه على مقعد النقيب و28 للعضوية    لميس الحديدي تكشف تفاصيل جديدة عن الحالة الصحية لأنغام    إيران ترحب بتوصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق سلام    محمود سعد يكشف أخر تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام    آخر تحديث لأسعار السيارات في مصر 2025.. تخفيضات حتى 350 ألف جنيه    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    مراسل الحياة: زوار مهرجان العلمين سعداء بجمال الأجواء وحلاوة حفل تامر عاشور    اللواء أيمن عبد المحسن: نتنياهو يعمل على إبعاد نفسه عن المسائلة    محافظ الإسماعيلية يشهد منتدى الإسماعيلية الاقتصادي الأول للغرف التجارية    قائمة منتخب مصر لخوض بطولة الأفروباسكت 2025    مرموش وهالاند يقودان هجوم مانشستر سيتي أمام باليرمو وديا    كبار القادة العسكريين يعارضون خطة نتنياهو.. رئيس أركان جيش الاحتلال: جنودنا مرهقون.. وجاهزيتهم متراجعة بعد عامين من القتال المتواصل    فضل صلاة قيام الليل.. تعرف عليه    يسري جبر: «الباءة» ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    أمين الفتوى يوضح حكم قراءة القرآن والتسبيح دون حجاب    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    شراكة جديدة بين محافظة المنيا والهيئة القبطية الإنجيلية لدعم الأسر الأولى بالرعاية    ضجيج بلا طحين!    ضبط تشكيل «بياضة وطوبسية» بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالدقهلية    ترخيص 817 مركبة كهربائية خلال يوليو الماضي ..المركز الأول ل بى واى دى    رئيس لبنان: دماء شهدائنا الأبرار لن تذهب هدرا وستبقى منارة تضيء طريق النضال    شيخ الأزهر يلتقى عدد من الطلاب ويستذكر معهم تجربته فى حفظ القرآن الكريم فى "كُتَّاب القرية"    نائب رئيس هيئة الكتاب: الاحتفال باليوم العالمي لمحبي القراءة دعوة للثقافة    محافظة الجيزة: أنشطة وبرامج مراكز الشباب من 10 إلى 15 أغسطس 2025    «اتفق مع صديقه لإلصاق التهمة بزوج خالته».. كشف ملابسات مقتل شاب بطلق ناري في قنا    «المستلزمات الطبية» تبحث الاثنين المقبل أزمة مديونية هيئة الشراء الموحد    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي    تتبقى 3 أيام.. «الضرائب» تعلن موعد انتهاء مهلة الاستفادة من التسهيلات الضريبية المقررة    رغم الغضب الدولى ضد إسرائيل.. قوات الاحتلال تواصل قتل الفلسطينيين فى غزة.. عدد الضحايا يقترب من 62 ألف شخصا والمصابين نحو 153 ألف آخرين.. سوء التغذية والمجاعة تحاصر أطفال القطاع وتحصد أرواح 212 شهيدا    أخبار الطقس في الإمارات.. صحو إلى غائم جزئي مع أمطار محتملة شرقًا وجنوبًا    ارتفاع أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    برلماني: موقف مصر ضد احتلال غزة رفض تام وحاسم لسياسات الإبادة والتجويع    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بالشكاوى المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة    ما هو الصبر الجميل الذي أمر الله به؟.. يسري جبر يجيب    موعد قرعة دوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية والقنوات الناقلة    خلال استقباله وزير خارجية تركيا.. الرئيس السيسى يؤكد أهمية مواصلة العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة.. التأكيد على رفض إعادة الاحتلال العسكرى لغزة وضرورة وقف إطلاق النار ورفض تهجير الفلسطينيين    تعرف على موعد فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    «100 يوم صحة» قدمت 37 مليون خدمة طبية مجانية خلال 24 يوما    مكتب التنسيق الإلكتروني بجامعة العريش يستقبل طلاب المرحلة الثانية    علي معلول: جاءتني عروض من أوروبا قبل الأهلي ولم أنقطع عن متابعة الصفاقسي    «قعدتوا تتريقوا ولسة».. رسالة نارية من خالد الغندور بعد فوز الزمالك على سيراميكا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم الصعود إلى مينا المتوحد

الطريق الصاعد إلى طاحونة البابا كيرلس البطريرك الراحل لا يستغرق سوى بضع دقائق بعد الخروج من محطة مترو الزهراء، لكنه فى هذا اليوم استغرق أكثر من ساعة، مع بداية موسم توافد مريدى البابا كيرلس على كنيسته بمصر القديمة «الطاحونة» والذى يستمر حتى نهاية الصوم الكبير فى منتصف أبريل، فمثله مثل مختلف شوارع مصر القديمة لا يحتمل الطريق الضيق غير الممهد صخب عربات النصف نقل عندما تتحول لوسيلة لنقل البشر.
فى الطريق تلتقى الكثير من العيون البريئة، التى اعتادت أن تنظر إلى العالم من خلف شبابيك البيوت، وجوه صعيدية وأخرى قاهرية وإن كانت أقل عددا، فطاحونة كيرلس فى النهاية ليست سوى مبنى حجرى قضى فيه البطريرك بعض سنوات حياته عندما كان راهبا باسم مينا المتوحد، أما ضريح البابا كيرلس الفخم فى دير مارمينا بالكينج ماريوط بالإسكندرية فيظل هو المكان الأصلى للاحتفال لكنه صعب الوصول على فقراء القاهرة والصعيد.
هكذا أصبح مولد كيرلس مولدين أحدهما لسكان وجه بحرى فى الإسكندرية حيث الضريح والدير الغنى الفخم بمبانيه الجديدة الخرسانية، ومولد آخر فى زهراء مصر القديمة الفقيرة، حيث الطاحونة المبنية من الطوب اللبن الفقير ككل المبانى المحيطة.
مكان صغير وشوراع ضيقة، تماما مثل أغلب طرق المنطقة التى تنتهى إلى دار السلام حيث التجمع العشوائى الأكبر فى مصر القديمة، لكن طاحونة البابا كيرلس الفقيرة، التى اختار أن يعيش فيها، لم تكن يوما مجرد مكان «لخروجه» جماعية ذات ملامح دينية، فهنا رسم الراهب مينا المتوحد (البابا كيرلس) ملامح جديدة للكنيسة لا تزال تحددها حتى الآن.
ففى هذه الطاحونة عاش الراحل الأب متى المسكين وتلاميذه فى حماية أبينا مينا المتوحد، عندما كان المسكين مطرودا من ديره، مطاردا من البطريرك الاسبق، فى خمسينيات القرن المنصرم، وهنا كان رجال الكنيسة الحاليون مجرد تلاميذ لأستاذهم المسكين وأستاذه مينا المتوحد (البابا كيرلس).
ومن خلال حماية المتوحد للمسكين وتلاميذه فى طاحونته تمكن هؤلاء من الاستمرار فى الكنيسة إلى أن جاء منهم البطريرك الحالى البابا شنودة الثالث.
صحيح أن معظم الكنائس الآن، والتى يرأسها من كانوا تلاميذ الطاحونة فى الماضى، لم تعد جذابة بهذا الشكل للفقراء فملامحها فى الأغلب لم تعد تتوافق معهم، ولم تعد ملجئا للمطاردين من رجال البطريركية، لكن الطاحونة ذاتها حافظت على طابعها الأول فهى، على الأقل، لاتزال جذابه للناس.
ملامح الكنيسة الجديدة التى بدأها المتوحد حينما احتضن فى طاحونته شباب حركة مدارس الاحد وأستاذهم المسكين لم تتم، على ما يبدو، كما تمناها. فحياته التى اختار أن يقضيها بعد رسامته بطريركا، فى مقره المتواضع بالكنيسة المرقسية القديمة بكلوت بك، تتناقض مع ما آل إليه حال تلاميذ تلميذه المسكين الذين احتضنهم فى الطاحونة منذ نصف قرن، وربما يكون اختياره لاستكمال حياته فى المقر الفقير المفتوح على الشارع هو سبب استمرار حب الفقراء له ممن عايشوه إلى الآن.
38 سنة على رحيل كيرلس لم تكن لتمنع محبيه من التدافع لدق الأوشام على أجسادهم فى مولده، وأى بركة سينالونها أكثر من أن ينطبع الوشم فى أجسادهم إلى جوار طاحونته؟.
وخذات الإبر تدق أوشام المتوحد، لم تكن مرهقة، لأجساد أحبائه ومريديه الذين قضى الآلاف منهم ليلتهم بكنيسته بمصر القديمة، فقد اعتاد كبار السن منهم أن يسهروا الليل مع كيرلس فى حياته لقضاء الوقت فى الإنشاد الدينى حتى صباح اليوم التالى، لكن رحيل كيرلس منذ أربعة عقود لم يمنع الكثيرين منهم من الحلم فى استعادة الماضى، الذى يبدو لهم ماضيا سعيدا، تماما كما يفعلون فى أغلب ذكريات حياتهم.
وبالرغم من عدم اعتراف الكنيسة رسميا بقداسة البابا كيرلس البطريرك الراحل، لعدم انقضاء المدة اللازمة لذلك وهى خمسون عاما، فإن كيرلس سيظل بالنسبة لهؤلاء «رجل المعجزات» و«شفيع الطلبة».
صحيح أن أحدا من الباحثين لم يجمع آلاف الرسائل التى يلقيها مريدو المتوحد من بين الأسوار الخشبية المحيطة بالحجر غير المنحوت الذى اعتاد كيرلس أن يصلى عليه، لكن مضمونها يمكن أن نعرفه من خلال ما أفصح عنه أصحابها فى الكتب التى تضم شهادات محبيه عنه.
رسائل مريدى كيرلس، لا تختلف كثيرا عن رسائل مريدى الإمام الشافعى، فجميع الأولياء فى ذلك سواء، مهمتهم تحقيق العدالة للفقراء الذين يتعثر عليهم تحقيقها بأنفسهم.
لكن مريدى كيرلس عادة ما يكون لهم مطلب آخر هو النجاح فى الامتحانات، حيث شاع عن المتوحد أنه كان يحب تقديم الصلوات من أجل نجاح الطلبة فى حياته، هذا إلى جانب الأحلام الأخرى المعهودة، فهذه بصحبة خطيبها وذلك بصحبة فتاته، بعيدا عن رفض الأهل المعتاد، فهم ذاهبون إلى رحاب المتوحد، يتمنون إتمام الزواج وتلك السيدة هناك، تندر أن تسمى ولدها مينا أو كيرلس، لو تشفع لها المتوحد فحملت.
شموع المتوحد، التى يندرهها مريدوه لا تنطفئ طوال العام لكنها لا تكون أبدا بمثل هذا البريق إلا حينما يحل موسم الصعود إلى المتوحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.