عقد المجلس المصري للشئون الخارجية، اليوم الخميس، مؤتمره السنوي لعام 2023 تحت شعار "القضية الفلسطينية بين مساعي التسوية ومحاولات التصفية"، بمشاركة نخبة من الدبلوماسيين وأساتذة الجامعات والخبراء والمتخصصين. وافتتح أعمال المؤتمر ممثل عن وزير الخارجية سامح شكري، و السفير محمد العرابي رئيس المجلس. * 4 محاور للمؤتمر وتناول المؤتمر أربعة محاور؛ الأول "تطورات القضية الفلسطينية"، بما فى ذلك أسباب عملية طوفان الأقصى وتداعياتها، والمقاربة الإسرائيلية فى إدارة الصراع، وجرائم إسرائيل ومنظومة العدالة الدولية، وسيناريوهات ما بعد الحرب فى غزة. أما المحور الثاني فتعلق بسياسات القوى الكبرى ومواقفها إزاء ما يجرى فى الأراضى المحتلة (الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين وروسيا الاتحادية والصين والهند)، وذلك بجانب المقاربة المتعددة الأطراف للصراع، سواء فى الأطر الإقليمية أو فى إطار منظومة الأممالمتحدة. و ركَّز المحور الثالث على مواقف القوى الإقليمية، وتحديدًا إيران وتركيا ودول الخليج العربى، بينما استأثر المحور الرابع والأخير ببحث "الدور المصرى: الفرص والتحديات"، حيث استعرض مسألة التهجير القسرى للشعب الفلسطينى والموقف المصرى منها، والدعم المصرى للقضية الفلسطينية، ورؤية القاهرة لسيناريوهات ما بعد العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. * مساعي الاحتلال لتغيير جغرافى وديموجرافى فى غزة وقد خلص المؤتمر إلى أن العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، ردًا على عملية طوفان الأقصى، لم يكن فى حقيقة الأمر يستهدف فقط حركة حماس، بدعوى أنها منظمة إرهابية، مما يستوجب حق الدفاع عن النفس كما تدَّعى إسرائيل، وإنما استهدفت أيضًا إحداث تغيير جغرافى وديموجرافى فى القطاع، لصالح إسرائيل على حساب الشعب الفلسطينى، وذلك امتدادًا لنفس الممارسات الإسرائيلية على مدى عقود مضت فى الضفة الغربية. وأكد المؤتمر على أن ليس لسلطة الاحتلال حق الدفاع الشرعى طبقًا للقانون الدولى فى مواجهة المقاومة الوطنية المشروعة، خاصة وأن إسرائيل تمارس بالفعل الإجراءات التى تمت الإشارة إليها، سواء فى الضفة الغربية أو فى القطاع، حيث أنها تتم برؤية استراتيجية رسمية، عن طريق الجيش الإسرائيلى والقوات والأجهزة الأمنية والمستوطنين المتطرفين ومنظماتهم الإرهابية. وأكد المؤتمر على أن عملية طوفان الأقصى لم تكن ردًا فقط على الانتهاكات الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين المتطرفين للأماكن المقدسة فى ظل إرهاب الدولة، وإنما أيضًا ما شهدته الضفة الغربية من ممارسات وإجراءات – جرت ولم تزل – مستهدفة إحداث ما تم الإشارة إليه من تغييرات جغرافية وديموغرافية لصالح إسرائيل. وأشار المؤتمر إلى أنه من الوهم أن تتصور إسرائيل أن بإمكانها الاندماج فى المنطقة، وأن تنعم بالسلام والاستقرار بمثل هذه الممارسات التى من شأنها تصفية القضية الفلسطينية، وفقدان الشعب الفلسطينى لحقوقه المشروعة المؤكدة بقرارات الشرعية الدولية. * أولوية القضية الفلسطينية لدى الدول العربية والإسلامية وأكد المؤتمر أن الأزمة الحالية التى يشهدها قطاع غزة كانت كاشفة لأمورٍ عدة، أبرزها أن القضية الفلسطينية لا يمكن تجاهلها، وأنها تحتل الأولوية لدى الدول العربية والإسلامية ولشعوب هذه الدول، كما أنها كشفت أيضًا الوجه القبيح للعديد من الحكومات الغربية، والتى ظهر أن بعضها متواطئ ومتحالف مع إسرائيل، وداعم لها عسكريًا وسياسيًا وماديًا وإعلاميًا، بل وأيضًا شريك فى إطار الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية بصدد مستقبل القضية الفلسطينية. وبينما ثمَّن المؤتمر مواقف الدول الداعمة للحقوق الفلسطينية المشروعة، والتى تجسَّدت فى المؤتمرات الإقليمية والدولية التى عُقِدت، ومن أبرزها قمة القاهرة الإقليمية والدولية للسلام، وقمة الرياض العربية والإسلامية، فضلاً عن مواقف تلك الدول فى الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن فى منتصف نوفمبر 2023 بعقد هدن إنسانية، مع الإشارة تحديدًا فى هذا الصدد موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، فقد ظهر على النقيض من هذا الموقف مجموعة دول غربية تبنَّت موقفًا يدفع نحو استمرار العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، غير عابئة بتداعياته على أمن المنطقة بصفة عامة، والأمن القومى المصرى بصفة خاصة. وهو الأمر الذى حذرت منه مصر – ولم تزل تحذر – من مغبة ما قد يسفر عنه هذا العدوان، وما به من ممارسات. كما شدد المؤتمر على أهمية مواصلة التحرك النشط والفاعل للآلية الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية، بهدف بلورة موقف دولى لوقف إطلاق النار، والدعوة لعقد مؤتمر دولى للسلام، لتسوية القضية الفلسطينية على نحوٍ شامل، استنادًا إلى الشرعية الدولية، ومبادرة حل الدولتين. * رفض مصر الحاسم لمحاولات تهجير الفلسطينيين وقد أشاد المشاركون بموقف مصر المبدئى والحاسم برفض أية محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين، والتى من شأنها تصفية القضية الفلسطينية، سواء من خلال تغيير التركيبة الديموغرافية أو تقليص المساحة التى تدخل فى إطار الدولة الفلسطينية وفقًا لحل الدولتين. كما حيَّا المشاركون الجهود الهائلة التى بذلتها الحكومة المصرية ومنظمات المجتمع المدنى من أجل التخفيف من الكارثة الإنسانية التى يعانى منها أبناء الشعب الفلسطينى فى غزة. وقد دعا المؤتمر البلدان الأخرى العربية وغيرها إلى مضاعفة دعمها الإنسانى لضحايا العدوان الإسرائيلى، خاصة مع مضي إسرائيل قدمًا فى جرائمها العدوانية فى الضفة الغربية والقطاع، بما جعل الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بمثابة كارثة إنسانية غير مسبوقة فى التاريخ الحديث.