تقلصت خيارات الحياة المتاحة أمام سكان قطاع غزة المحطم المحاصر، لتدفعهم للنزوح أكثر إلى الجنوب بعد يومين من انهيار هدن متتالية لم تدم سوى لأسبوع، استشهد بعده مئات الفلسطينيين وجرح مئات آخرون مع إعلان إسرائيل العودة للحرب التي حصدت حتى الآن أرواح ما يزيد على 16 ألف شخص. وسددت إسرائيل، التي عاودت قصف غزة صباح أول أمس الجمعة، متهمة حركة حماس وفصائل فلسطينية مسلحة أخرى بخرق الهدنة، ضربة أخرى لآمال التهدئة بإعلان مكتب رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أن رئيس جهاز الموساد ديفيد بارنياع طلب من فريقه الموجود في العاصمة القطرية الدوحة العودة إلى إسرائيل. وقال مكتب نتنياهو، على منصة إكس إن مفاوضات كانت ترمي للتوصل لهدنة جديدة في القطاع قد وصلت إلى "طريق مسدود". ومع نزوح ألوف أخرى إلى خان يونس ورفح، ازداد الضغط على المنظومة الصحية في الجنوب، إذ قال متحدث باسم وزارة الصحة في غزة لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن نسبة الإشغال السريري في مستشفيات القطاع ارتفعت إلى 171%، إضافة إلى 221% زيادة في نسبة عمل العنايات المكثفة. وهي مستشفيات لم تدخلها أية مساعدات طبية في يومي العودة للقتال، ولا يتوقع أن تستقبل أي دعم في المستقبل القريب في ظل إعلان نتنياهو أن السبيل الوحيد لتحقيق هدف إسرائيل بتدمير حماس هو استمرار الهجوم البري على غزة. وقال نتنياهو، في مؤتمر صحفي، إن الحرب سوف تستمر حتى تحقيق هذا الهدف وإنه سوف يواصل العمل لتحرير المحتجزين الذين تحتجزهم حماس في غزة. - رد حماس لكن حماس التي لا تزال هي وشركاؤها تحتجز المزيد من الأسرى الذين تعتزم مقايضتهم بجميع الفلسطينيين في سجون إسرائيل قالت إنها قصفت تل أبيب بالصواريخ ردا على ما وصفته بالمجازر الإسرائيلية بحق المدنيين، واستهدفت قوة إسرائيلية في شمال غرب غزة. ودوت صافرات الإنذار أكثر من مرة في جنوب إسرائيل، في حين أعلنت سرايا القدس قصف مستوطنات قريبة في غلاف غزة. وقالت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحماس، إنها قصفت تل أبيب للمرة الثانية، مما تسبب في إطلاق صفارات الإنذار في وسط إسرائيل. - من أطاح بالهدنة ومن قد يعيدها؟ نشطت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي في المنطقة مؤكدة أهمية وقف إطلاق النار في غزة وحماية المدنيين، وأكدت أيضا خلال اجتماع برئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في دبي، ضرورة منع تهجير الفلسطينيين من القطاع وإيجاد أفق واضح للسلام على أساس حل الدولتين. - تحذير مصري وأردني وفي دبي أيضا، استمعت هاريس للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ناصحا ومحذرا من أن استمرار الحرب في قطاع غزة سيؤدي لمزيد من العنف وسيجر المنطقة لكارثة سيدفع ثمنها الجميع. كما حذر الملك عبد الله من أية محاولة للفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مؤكدا أنهما امتداد للدولة الفلسطينية الواحدة. وكان عليها (هاريس) أيضا أن تنصت للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي لعبت بلاده دورا كبيرا في التوصل لهدن الأيام السبعة، وهو يحذر من أن تردي الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة، يستوجب ضرورة تحرك المجتمع الدولي فورا لتوفير الاستجابة الإنسانية والإغاثية العاجلة لأهالي القطاع والتخفيف من وطأة معاناتهم. وشدد الرئيس السيسي، على "ضرورة استعادة التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة، ورفض مصر لتعريض الأبرياء لسياسات العقاب الجماعي بما يخالف الالتزامات الدولية في إطار القانون الدولي الإنساني". لكن لا أحد في غزة أو خارجها يتحدث عن العودة لوقف القتال، بل تدق الطبول في اتجاه مواصلة الحرب. وفي إعلان ملفت، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة قتل في الهجوم المباغت الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي، عملية طوفان الأقصى. وأوضح جيش الاحتلال، في بيان، أن العميد إساف حمامي "سقط في معركة السابع من أكتوبر واحتجزت حركة حماس جثته". - إعلان إسرائيلي دون دليل الجيش الإسرائيلي، ودون تقديم دليل واضح، أعلن في بيان مشترك مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) مقتل قائد كتيبة الشجاعية التابعة لحماس وأحد المخططين لهجوم السابع من أكتوبر على بلدات غلاف غزة. وجاء في بيان للجيش والشاباك على تليجرام، أن طائرات إسرائيلية تمكنت من "تصفية" وسام فرحات قائد كتيبة الشجاعية، الذي وصفه البيان بأنه أحد الذين شاركوا في التخطيط لهجمات أكتوبر بدفع مقاتلي حماس لاختراق بلدة ناحال عوز وموقع للجيش الإسرائيلي. وتتحدث وسائل إعلام أمريكية فقط عما وصفتها بضغوط من إدارة الرئيس جو بايدن على إسرائيل للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بنفس مستويات ما قبل انهيار الهدنة، إذ نقل موقع أكسيوس الإخباري عن مسئول أمريكي لم يسمّه القول إن واشنطن تريد السماح بدخول نفس الكميات من المساعدات التي دخلت القطاع خلال فترة التهدئة على الأقل. - ماذا تريد إسرائيل من جنوب قطاع غزة؟ منذ اجتياح مسلحين فلسطينيين بلدات ومستوطنات ومعسكرات قريبة من قطاع غزة في هجوم مباغت في السابع من أكتوبر، خلال عملية طوفان الأقصى، أجبرت إسرائيل أكثر من 850 ألف فلسطيني على النزوح إلى جنوب قطاع غزة من شماله، حيث شنت حملة قصف جوي ومدفعي جبارة لكنها وجدت نفسها في خضم معركة برية ضد عناصر من حماس لا يعرف أحد من أين يظهرون وأين يختفون. وبينما أعلنت إسرائيل أنها باتت تسيطر على شمال قطاع غزة، ظهر للعالم فجأة مئات المقاتلين المسلحين حاملين رايات كتائب القسام، الجناح المسلح لحماس، حين جرى تسليم دفعة من عملية تبادل الأسرى في ميدان فلسطين في قلب غزة. لكن إسرائيل، وقبل أن تقدم ما يثبت تفوقها في الشمال، تطلب اليوم ممن نزحوا إلى خان يونس في الجنوب أن يتحركوا مرة أخرى من خان يونس إلى رفح، حيث يوعدون مرة أخرى بمناطق آمنة. ونقلت قناة "إن.بي.سي نيوز" الأمريكية عن مسئول بوزارة الخارجية لم تكشف عن اسمه القول إن إسرائيل وافقت على تخصيص ما وصفها بأنها "مناطق آمنة كبيرة" في جنوب قطاع غزة. وأضافت أن المسئول المشار إليه أكد أن المناطق الآمنة في جنوبغزة أكبر بكثير مما جرت مناقشته، مشيرا إلى أنها رغم ذلك قد تكون "مركزا لعمليات محددة لمكافحة الإرهاب". لكن النازحين المتشككين في جدوى نزوح جديد يبعدهم أكثر عن موطنهم الأصلي في شمال وادي غزة يقولون إن غزة لم يعد بها مكان آمن. وقال أم شابة تجلس مع أسرتها في الشارع بعد قصف إسرائيلي هدم بيتا كانت تقيم به في مدينة حمد بخان يونس قالت لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن رفح لن تكون أكثر أمنا. وأضافت وهي التي أحجمت عن التصريح باسمها: "شُردنا من غزة وجئنا إلى هنا.. ما فيش مكان آمن، القصف ورانا ورانا. هل نضمن إذا ذهبنا إلى رفح أن نكون آمنين؟ لن نكون آمنين.. الله أعلم يمكن مصيرنا هناك.. ولا يمكن مصيرنا هنا. نريد أن نعرف ما الذي يريدونه.. دلونا على مكان آمن.. هاتوا لنا حد يضمنا ويحمينا من هذا العدوان.. يكفي هذا". - بداية حزينة لاحتفالات عيد الميلاد وصل موكب حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون، إلى بيت لحم في الضفة الغربية، قادما من مدينة القدس لبدء طقوس عيد الميلاد المجيد في غياب المظاهر الاحتفالية مع سقوط آلاف الشهداء الفلسطينيين جراء الغارات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكتوبر. وتقدم الموكب أربعة فرق كشفية لكنهم لم يقرعوا على الطبول كما جرت العادة بسبب الحداد والحزن على الشهداء الفلسطينيين في الشهرين الماضيين. وقال الأب فرانشيسكو: "هذا الأمر مهم بشكل خاص لأن الوضع صعب للغاية. وخاصة هنا في بيت لحم. نحن نعلم ونفهم أنه بدون الحجاج، فإن حياة مجتمعنا تكون صعبة للغاية". لم تكن الاحتفالات أفضل حالا في لبنان، رغم محاولات مهرجان البترون إضفاء قليل من البهجة والفرحة على الواقع الصعب الذي يعيشه اللبنانيون سياسيا واقتصاديا مع انطلاق فترة الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد رغم الأحداث الذي تشهدها المناطق الجنوبية من البلاد. ووسط مخاوف من أن تمتد الاشتباكات والقصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله في الجنوب إلى باقي مناطق لبنان، قرر منظمو المهرجان في شمال البلاد إقامته مرة أخرى للعام الثالث على التوالي. وأكد روك عطية أحد منظمي المهرجان أنه كانت هناك تساؤلات وشكوك حول إقامة نسخة العام الحالي مع اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي وما يحدث في جنوبلبنان والذي أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين. وقال "للسنة الثالثة نقيم مهرجان البترون عاصمة الميلاد. أول سنة كانت بميلاد 2021 وكان يوجد أزمة اقتصادية وكورونا وكان التحدي أكبر لكن نجحنا وأعدنا المهرجان في 2022 والآن في 2023 ومنذ حوالي الشهرين كان لدينا عدة تساؤلات هل نلغي لأنه ليس من المعقول أن نكون نحن نحتفل وغيرنا بمأساة". وأضاف "لكن في في النهاية يجب أن نكمل لأنه بالزمن الذي ولد به يسوع المسيح كان يوجد اضطهاد وقتل للأولاد واستمرت الحياة وولادة المسيح هي أمل بحياة جديدة. قررنا أن نكمل بالمشروع وهذه السنة كبرنا المساحة وأصبحنا موجودين في كل المدينة القديمة".