علن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الجمعة، أن قواته البرية توسع نطاق عملياتها في قطاع غزة، زاعما أن ذلك ليس العملية البرية التي يروج لها منذ عدة أيام، والتي أكدت إسرائيل أنها ستقوم بها، رغم طلب الولاياتالمتحدة منها تأجيلها، من أجل الاستعداد بشكل أفضل لهجمات محتملة على الجيش الأمريكي بالمنطقة، حسب ما صرح به مصدر أمريكي مطلع. ويقول الدكتور إيريك لوب، أستاذ السياسة والعلاقات الدولية بجامعة فلوريدا الدولية، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إنه يبدو أن هناك ترددا لدى الإسرائيليين فيما يتعلق بتلك العملية في غزة بسبب صعوبة، إن لم يكن استحالة القضاء على حركة حماس. وتابع: "هذا الأمر نفسه ينطبق على جماعات مثل حزب الله في لبنان، وطالبان في أفغانستان، فهذه حركات متعددة الأبعاد لديها ميليشيات، ومكاتب سياسية، وأجهزة استخبارات، ووسائل إعلام ودعم دولي". وأوضح: "وفي غزة، من المرجح أن حماس خططت لمقاومة أي غزو بري وسوف ترحب به، فرجال حماس لديهم التزام عالي المستوى وألفة جغرافية، كما أنهم مسلحون تسليحا جيدا ومتحصنون في خنادق وأنفاق تحت الأرض، والمشكلة التي قد تواجهها حماس وغيرها من الميليشيات هي عدم القدرة إلى حد كبير على التواصل مع أبناء غزة بعد القصف الإسرائيلي الشديد والإخلاء الجماعي لشمال غزة". وبالنسبة لإسرائيل، من المرجح كثيرا أن أي عملية برية تنطوي على قتال عن قرب على أرض غزة وتحت أرضها ستكون باهظة التكاليف، حيث ستكون هناك خسائر فادحة في الأرواح وتعقيدات تتعلق بعدد أكثر من 200 من الرهائن الذين تحتجزهم حماس وغيرها من الميليشيات. وأضاف: "عندما قامت إسرائيل بعمليات برية متقطعة في غزة منذ عام 2008، تعرضت لعدد أكبر من الخسائر في الأرواح، حتى لو كان من تواجههم قد تعرضوا لعدد أكبر كثيرا من الخسائر في الأرواح وكانت النسبة الأكبر بين المدنيين". وأشار لوب، وهو باحث غير مقيم بمعهد الشرق الأوسط، إلى أنه بدون التحدث عن تجربة الولاياتالمتحدة في دول مثل فيتنام، وأفغانستان، والعراق، مرت إسرائيل بسيناريو مماثل في جنوبلبنان مع جماعة حزب الله، التي تمتلك أيضا نظاما واسع النطاق من المخابئ والأنفاق، وبعد حوالي 20 عاما من احتلال غزة وتعرضها لهجمات حرب عصابات، انسحبت بعد أن سأم الإسرائيليون رؤية أبنائهم وهم يعودون في أكياس الجثث، وكلما طال أمد الصراع الحالي، كلما تفاقمت الكارثة الإنسانية، وكلما تضاءل الدعم الدولي لإسرائيل، وكلما زادت فرص اندلاع حرب إقليمية. وأردف لوب، أنه إذا ما تم افتراض إمكانية قيام إسرائيل بإضعاف أو تفكيك حركة حماس، كلما كانت الخيارات والنتائج الأطول مدى دون المستوى الأمثل، فالميليشيات الفلسطينية يمكن أن تعيد تشكيل نفسها، وأن تملأ الفراغ الذي تتركه حماس، وأن تطلق تمردا أكثر ضراوة. وأوضح لولب، أن إسرائيل ستكون مترددة في إعادة احتلال غزة وأن تصبح في مستنقع هناك، كما كانت في الفترة ما بين 1967 و2005، ومن الممكن أن تملأ السلطة الفلسطينية الفراغ ولكنها ستواجه أزمة شرعية مع الفلسطينيين، ومن الممكن أن تقوم الدول العربية المجاورة بالمهمة لكنها لن تريد أن يراها مواطنوها وغيرهم من العرب والمسلمين تحكم غزة، وتكون شريكا لإسرائيل، والولاياتالمتحدة، والدول الغربية. ويقول بوب في ختام تحليله، إن قوات حفظ السلام الدولية مثل قوات اليونيفيل في لبنان، على طول الحدود الإسرائيلية - اللبنانية لها سجل مختلط وليست بديلة عن القيادة والإدارة المحلية، وفي الوقت نفسه، وكما كشفت الصراعات السابقة بين إسرائيل وحماس، لا يمكن أن يلجأ الجانبان إلى الوضع الراهن غير المستدام، وسوف يتطلب إيجاد حل سياسي عملي وقابل للاستمرار أكثر شجاعة وإبداع من جانب العناصر الفاعلة المحلية، والإقليمية، والدولية، وهو ما يبدو أنه غير متوفر.