عملية طوفان الأقصى والهجوم الفلسطينى على إسرائيل قد يجبر البيت الأبيض على مواجهة احتمال اندلاع حرب إقليمية يمكن أن تستهلك الإدارة الأمريكية لأسابيع وربما أشهر قادمة، وهى أسوأ أزمة سياسة خارجية للرئيس بايدن فى الوقت الذى يستعد فيه لخوض حملة إعادة انتخابه. وفى ظل ارتفاع عدد قتلى إسرائيل وعوامل أخرى تتجاوز التصعيد الأكبر، ما بين أزمة رهائن وارتفاع أسعار النفط التى يمكن أن تزيد التضخم وتسبب ضررا اقتصاديا، يمكن أن تضع بايدن أمام تحديات سيكون لها آثار اقتصادية كبرى فى الولاياتالمتحدة. ربما لن تندلع حرب أكبر فى الشرق الأوسط، إلا أن المسئولين فى واشنطن يستعدون لإمكانية أن يتصاعد العنف. قالت لوسى كورتزر أيلنبيرج، مدير برنامج الصراع العربى الإسرائيلى فى معهد السلام الأمريكي، لنيوزويك إن السيناريو الكابوس لإدارة بايدن هو أن هذا الصراع سيتفاقم قبل أن يتم احتوائه، وأن تواجه إسرائيل حربا متعددة الجبهات. وتحدثت الصحيفة عن احتجاز العشرات من الإسرائيليين رهائن لدى الفصائل الفلسطينية، وقال أن هذا الامر أثار مقارنات بأزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين فى إيران عام 1979 عندما ظل 52 أمريكيا محتجزين داخل سفارة واشنطن فى طهران لمدة 444 يوما، والتى كانت سببا فى خسارة الرئيس جيمى كارتر لمساعى إعادة انتخابه. ربما لايكون التشابه دقيقا، لكن الخبراء يرون أن بايدن ربما يواجه ضغوطا سياسية لتأمين إطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين لتجنب تداعيات أزمة الرهائن التى كانت سببا فى خسارة كارتر للفترة الثانية. من خلال نشر قوات جوية وبحرية جديدة كبيرة فى الشرق الأوسط، يسعى الرئيس بايدن وكبار مساعديه للتعامل مع الأزمتين المزدوجتين التى أطلقتهما الحرب الساخنة بين إسرائيل وحماس، وهما احتمال أن يكون الرهائن الأمريكيون قد تم أخذهم إلى غزة مع الإسرائيليين ، وخطر انتشار الصراع فى المنطقة مما قد يجعل الولاياتالمتحدة أقرب إلى الصراع». وأعرب المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم من اندلاع العنف فى الضفة الغربية وأن تحاول القوات المدعومة من إيران فى سورياولبنان فتح جبهات إضافية ضد إسرائيل. يأمل مسؤولو إدارة بايدن أن يساعد استعراض القوة العسكرية الأمريكية فى البحر الأبيض المتوسط فى ردع تصعيد القتال فى أماكن أخرى على حدود إسرائيل، بما فى ذلك الضفة الغربيةالمحتلة. الولاياتالمتحدة تفعل أكثر من مجرد المشاهدة. يرسل الجيش الأمريكى ذخيرة ومعدات لجيش الدفاع الإسرائيلى ، وأمر بايدن مجموعة حاملة طائرات مدججة بالسلاح بتغيير مسارها والانتقال إلى المياه قبالة سواحل إسرائيل. فى الوقت الذى تواصل فيه إسرائيل هجومها ضد الفلسطينيين فى غزة، تتجه الأنظار بعصبية نحو لبنان، حيث أثارت سلسلة من الاشتباكات على طول الحدود مخاوف من اندلاع جبهة ثانية، وهى النتيجة التى قد تؤدى إلى حرب إقليمية كاملة. لا يبدو أن أيا من الطرفين يريد التصعيد، لكن المخاطر كبيرة لسوء التقدير الكارثي. ويكمن الخطر فى شعور «حزب الله» بأنه مضطر إلى رفع وتيرة عملياته إلى نقطة العتبة مع اشتداد الحرب فى غزة. وقد تواجه إسرائيل أيضا هجمات من داخل سوريا فى مناطق من مرتفعات الجولان، حيث يتواجد حزب الله وغيره من الجماعات المدعومة من إيران. ومن غير المرجح أن ترغب طهران فى دخول حزب الله فى حرب واسعة النطاق مع إسرائيل من أجل دعم حماس فى غزة. كما أن إسرائيل لا تسعى لفتح جبهة ثانية مع لبنان بينما تركز على تدمير غزة. ويكمن الخطر فى شعور حزب الله بأنه مضطر لرفع وتيرة عملياته مع تصاعد العمليات الاسرائيلية فى غزة وتصاعد الدمار والخسائر فى الأرواح، خاصة فى حالة قيام جيش الاحتلال بتوغل برى كبير. تدرك إسرائيل منذ فترة طويلة أنه إذا اندلعت الحرب مع حزب الله، فإن استخدام القوة الجوية وحدها لن يكون كافيا لهزيمة المنظمة. سيتعين على إسرائيل أن ترسل عددا كبيرا من القوات البرية للتوغل فى عمق لبنان على حساب حتمى يتمثل فى خسائر قتالية عالية. لكن شن هجمات جوية وبرية كبيرة فى غزةولبنان فى وقت واحد سيكون صعبا على قوات الاحتلال ، خاصة وأنها قد لا تقتصر على لبنان وإسرائيل فقط. فقد تتحول لحرب إقليمية مع انفتاح الجبهة السورية واحتمال وقوع هجمات من العراق واليمن وحتى إيران. يمكن القول ان الصراع العربى الإسرائيلى دخل فى مياه مجهولة ولا يمكن التنبؤ بها وخطيرة للغاية. ستحدد الأيام المقبلة ما إذا كانت المنطقة تتجه إلى حرب واسعة النطاق.