في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة الهجمات الأوكرانية بواسطة الطائرات بدون طيار "الدرونز" تزامنا مع انعقاد محادثات السلام الأوكرانية التي تستضيفها السعودية بمشاركة قوى غربية، تساءلت صحيفة "تايمز" البريطانية، اليوم الأحد، عن أسباب تحول الاهتمام تجاه البحر الأسود. وقالت صحيفة "تايمز" إنه في أبريل العام الماضي، بعد أقل من شهرين على بدء الحرب الروسية في أوكرنيا، أحرزت كييف نصراً دعائياً عندما ضربت الطراد "موسكفا"، السفينة الرئيسية بأسطول روسيا في البحر الأسود، قبالة ساحل جنوب أوديسا. والآن، بينما يواجه الهجوم المضاد الأوكراني على البر مقاومة روسية أقوى من المتوقع، يتحول الانتباه مجدداً إلى البحر الأسود، بعد ضربات عسكرية "جريئة" من جانب كييف، شاركت فيها طائرات "درونز" ومسيرات بحرية على نحو متزايد. وأوضحت الصحيفة البريطانية أن المعارك المستعرة في مياه البحر الأسود لها تداعيات ليست فقط للصراع العسكري بل أيضاً للرأي العام العالمي، لاسيما بين الدول النامية، التى تشارك العشرات منها في المحادثات في السعودية بشأن إنهاء الصراع، والتى لم تدعى إليها روسيا. وأحرزت كييف نجاحاً كبيراً في وقت مبكر من يوم الجمعة، عندما ضربت بزورق مسير سفينة حربية روسية في ميناء نوفوروسيسك، وهي قاعدة على البحر الأسود شرق شبه جزيرة القرم، على بعد مئات الأميال من الأراضي الأوكرانية. وأظهر مقطع فيديو، التقطته طائرة درون على ما يبدو، السفينة، التي يعتقد أنها "أولينيجورسكي جورنياك"، سفينة إنزال، متضررة على جانب الميناء. ولم يتضح النطاق الكامل للأضرار، غير أنه تم الترحيب بالأمر باعتباره أحد أعظم النجاحات الأوكرانية في البحر منذ الهجوم على موسكفا، حتى بالرغم من أن بحرية البلاد قالت إنه ليس لها علاقة بالهجوم. وأشارت "تايمز" إلى أن تكثيف كييف للهجمات على الأهداف في البحر الأسود يبدو أنه مدفوع بانسحاب الكرملين الشهر الماضي من اتفاق يضمن المرور الآمن لسفن تصدير الحبوب من أوكرانيا. كما كثفت موسكو قصفها لموانئ البلاد. وقال مسئولون أوكرانيون إن 200 ألف طن من الحبوب معدة للتصدير تدمرت منذ ذاك الحين في الهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ استهدفت أوديسا وميكولايف على البحر الأسود، وريني وإزميل على نهر الدانوب. ويهدد ذلك بارتفاع أسعار الغذاء العالمية لاسيما للدول النامية، التي يعتمد الكثير منها على الصادرات الأوكرانية. وارتفعت أسعار القمح بالأسواق الدولية الشهر الماضي للمرة الأولى خلال تسعة أشهر، وإن كانت بنسبة طفيفة 1.6% عن يونيو، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو". ويتمتع البحر الأسود، الذي يحده الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تركيا، وبلغاريا، ورومانيا، بالإضافة إلى أوكرانيا، وروسيا، وجورجيا، بأهمية استراتيجية منذ كان شرياناً حيوياً للتجارة لليونان القديمة وروما. وكان تحت دائرة الضوء مجدداً في منتصف القرن التاسع عشر خلال حرب القرم. وأشارت "تايمز" إلى أن المعارك المستعرة في البحر الأسود على الأرجح ستراقب عن كثب من جانب مسئولين بارزين من نحو 40 بلداً في محادثات جدة بالسعودية، لمناقشة سبل إنهاء الحرب بأوكرانيا.