في أغسطس عام 1998 كان العرض الأول لفيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية، والذي حقق نجاحا كبيرا في دور العرض السينمائي، وأعلن مرحلة سينمائية جديدة أطلق عليها السينما الشبابية. حقق الفيلم إيرادات وصلت إلى 27 مليون جنيه في وقت كان متوسط أسعار تذاكر السينما 5 جنيهات، وبعد مرور 25 عاما يحاول النجم الكوميدي محمد هنيدي، البقاء والاستمرار والاعتذار للجمهور عن مستوى أفلامه بالفترة السابقة، بفيلمه الجديد "مرعي البريمو"، والذي اختار أن يصبح متاحا في دور صالات السينما في شهر أغسطس أيضا، وهو من إخراج سعيد حامد، المخرج الذي حقق له النجاح الأهم بشخصية خلف الدهشوري خلف. أصبح هنيدي نجما كوميديا بارزا وتوالت أعماله الناجحة، كما أن جميع الشباب الذين شاركوا في الفيلم، أصبحوا فيما بعد نجوم شباك، من بينهم منى زكي، وغادة عادل، وأحمد السقا، وهاني رمزي، ويعتبر هنيدي هذا الفيلم تميمة حظ كبيرة كما أن شخصية خلف إحدى الشخصيات المحبوبة لدى الجمهور، لذلك يحاول في فيلم مرعي البريمو إعادة استغلال بعض عوامل الفيلم، من خلال التعاون مرة أخرى مع سعيد حامد، وتقديم شخصية رجل صعيدي يعيش في القاهرة، وتشاركه البطولة غادة عادل، كما أنه يستخدم في الفيلم بعض الإفيهات الشهيرة من فيلمه القديم مثل "خليكي فريش إحنا في رحلة". تدور أحداث فيلم "مرعي البريمو" حول رجل صعيدي متزوج ويعيش مع أسرة زوجته لا يعرف من هم عائلته، فقد وجده رجل وهو صغير في أحد الشوارع وأخذه وتكفل بتربيته، ويشتهر بتجارة البطيخ، وفي إطار كوميدي تنكشف حقيقة العائلة لهنيدي ويدور صراع مع بعض رجالها بسبب الميراث "حبات من الألماس"، الفيلم تأليف إيهاب بليبل وشارك في البطولة محمد محمود وأحمد بدير، ونانسي عبدالفتاح وعلاء مرسي ومصطفى أبوسريع. ويضم الفيلم أكثر من أغنية، حققت تفاعلا كبيرا في صالة العرض أو في الجانب الدعائي المخصص للفيلم، في إحدى المولات الكبرى التي أُجري فيها العرض الخاص، الأغنية الأولى لعبد الباسط حمودة وأحمد شيبة ويشاركهم هنيدي، وهي باللهجة الصعيدية، وتقع في الجزء الأول من الأحداث عندما يتعرف مرعي على عائلته، والثانية "طبطبلي" لشارموفيز، في الجزء الأخير من الفيلم. ورغم تصريحات هنيدي الإيجابية عن الفيلم وظهوره في أكثر من لقاء تلفزيوني قبل العرض بأسابيع قليلة، واعتذاره عبر صفحته الشخصية للجمهور عن مستوى أفلامه الأخيرة، إلا أن ردود الفعل النقدية على فيلم "مرعي البريمو" تشير إلى بعض السلبيات في العمل وأنه به كثير من القصور. وقال الناقد السينمائي أحمد سعد الدين ل "الشروق"، عقب انتهاء العرض الخاص للفيلم: "التعاون مع سعيد حامد مرة أخرى، وهو مخرج صنع نجاحات مع هنيدي مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية وهمام في امستردام، كان ينذر أنها عودة لهنيدي، وهكذا كنا نتمنى، لأن ذلك في صالح صناعة السينما، ولكن للأسف لم يتحقق، نحن أمام ضحك ولكن أين السيناريو، ليست هذه هي الكوميديا، السيناريو غائب، والقصة مكررة للغاية، نحن شاهدنا مثلها منذ 60 عاما في أفلام مثل حماتي ملاك، وحل اللغز في نهاية الفيلم ساذج لا يصلح في عام 2023". وعلق سعد الدين أيضا على تكرار الإفيهات: "غير مفهوم بالنسبة لي توظيف هنيدي لإفيهات من فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية، الجمهور لكي يستمر في حبك ينتظر دائما الجديد، ممكن سعيد حامد خلق صورة جيدة من خلال تحريك الكاميرا في الأغاني، والأغاني الجميلة، هناك بعض التوابل اللطيفة المضافة إلى بعضها البعض، ولكنها مثل الوجبات السريعة تشبع متغذيش، وكنا نرجو أن يكون الفيلم وعودة هنيدي أفضل من ذلك". من الواضح أن جزء السيناريو قد شغل النقاد بعد مشاهدة الفيلم، فهو أكثر الأمور التي كانت عليها النقاشات والتعليقات، والتي انتقلت فيما بعد للسوشيال ميديا، فقد كتب سعد الدين على صفحته: "السادة السينمائين من نجوم ومخرجين ياريت نضع نصب أعيننا، السيناريو ثم السيناريو ثم السيناريو". وقال الناقد رامي المتولي ل "الشروق": "يوجد في الفيلم مشكلة كبيرة جدا متمثلة في السيناريو، وأزمته الرئيسية عدم وجود حدث والقصة نفسها مستهلكة ومتوقعة من الجمهور الحاضرين لمشاهدة الفيلم، وبالتأكيد ذلك خلق حالة من الملل، لأن دائما المتفرج يستطيع توقع ماذا سيحدث، وهذا التوقع يؤدي بالضرورة إلى إحباط، بالإضافة إلى أن المخرج سعيد حامد لم يكن موجود تقريبا طول الفيلم، لم يتدخل لكي يتلافى مشاكل السيناريو، ولم يستخدم أدوات المونتاج والتصوير لخلق نوع من أنواع الإبهار البصري، فالصورة جيدة على المستوى التقني ولكن في الحقيقة ليس بها أي نوع من الجماليات الفنية، ونستطيع القول إن الأغاني في الفيلم مقحمة وغير منسجمة مع نسيج الفيلم". وذكر المتولي، بعض الإيجابيات وعلى رأسها فريق العمل، وأضاف: "كاست الفيلم جيد جدا وهنيدي قادر ككوميديان على خلق مساحات جديدة من الكوميديا، لكن المشكلة التي عوقته هو وباقي الممثلين باختلاف أجيالهم هي السيناريو، لم يكن هناك اعتماد على السيناريو لذلك تواجدت مساحات كبيرة من الارتجال لكي يتوارى خلفها قصور السيناريو". لكن الناقدة منار خالد، كانت ترى أمرا آخرا، وهو أن "السيناريو لم يكن وحده المشكلة"، وقالت: "يحتوي الفيلم على مجموعة مشاكل تبدأ من الإخراج، حيث قرابة الربع الأول من الفيلم لا يتم التعريف بالشخصيات والدوافع بشكل واضح إضافة إلى المونتاج الممتلئ ب jump cut القفزات السريعة بين عدة فضاءات بلا جدوى ولا تسلسل، والشخصيات بلا خلفيات أو رسم منطقي وإذا حُذف الكثير منها لن يتأثر الحدث في شيء، الذي يقوم على أزمة بخلاف كونها مكررة وباهتة فهي بها الكثير من الخلل في الرسم، فلا تحدث بوجودها أي تشويق ولا كوميديا موقف، بجانب افتقاد كوميديا الإفيه بالفيلم". وأضافت: "أما عن حل الأزمة في الفيلم الذي يؤكد دهاء شخصية البطل، بخلاف كونه مكررا ومتوقعا أيضا فهو ساذج ويعتمد على دهاء لم يؤسس له من البداية، أو تأسيس له أو لأي شخصية غيره تبرهن فيما بعد على أفعالها طوال الأحداث". يذكر أن "مرعي البريمو" حقق في أولى أيام عرضه، الأربعاء 2 أغسطس، بصالات السينما المصرية، أكثر من مليون جنيه، متفوقا على فيلم "ع الزيرو" للنجم محمد رمضان. وحاول هنيدي الظهور بشخصية مختلفة في الفيلم، من خلال مرعي المعلم الشعبي ذو الأصول الصعيدية، متخليا عن مظهره المعتاد ب "الباروكة"، بعد الانتقادات التي وجهت له في أفلام سابقة على خلفية ظهوره بشخصيات مازالت في مرحلة الشباب.