وقعت تونس مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي تهدف بصورة جزئية إلى الحد من الهجرة غير الشرعية. وأصبحت تونس نقطة انطلاق رئيسية يستخدمها المهاجرون من أجل الوصول إلى الأراضي الأوروبية عبر البحر المتوسط. وشمل اتفاق "الشراكة الاستراتيجية" مجالات أخرى من بينها التنمية الاقتصادية والطاقة المتجددة. وعقب الإعلان عن الاتفاق، الذي وُقّع في تونس، تعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بتعزيز ورفع مستوى التعاون في إدارة الحدود وعمليات البحث والإنقاذ. كما قالت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، إن الاتفاق خطوة مهمة نحو شراكة حقيقية لمعالجة ما تصفه ب"أزمة الهجرة". وحث أعضاء في البرلمان الأوروبي على أن تكون الصفقة مشروطة باحترام الديمقراطية وسيادة القانون في تونس. ودعا الرئيس التونسي، قيس سعيد، إلى "اتفاق جماعي بشأن الهجرة اللاإنسانية والتهجير (القسري) للناس من قبل الشبكات الإجرامية". وشدد على أن تونس "أعطت المهاجرين كل ما يمكنها تقديمه بكرم غير محدود". ويأتي الاتفاق، في الوقت الذي تعاني فيه تونس من أزمة اقتصادية حادة، وتتعرض فيه لانتقادات بسبب سوء معاملتها للمهاجرين منذ فبراير، عندما اتهم الرئيس قيس سعيد "جحافل" المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء ب"مؤامرة" لتغيير التركيبة الديمغرافية للبلاد. ومنذ ذلك الحين، شهدت تونس، التي تعتبر طريقا رئيسيا للمهاجرين الذين يحاولون شق طريقهم إلى أوروبا، زيادة في الهجمات بدوافع عنصرية. ووصلت التوترات إلى ذروتها بعد مقتل رجل تونسي في 3 يوليو في اشتباك بين مواطنين ومهاجرين في مدينة صفاقس. وعقب الحادث، فر مئات المهاجرين من بيوتهم في تونس وتم إجلاء من تبقوا قسرا ودفعوا إلى مناطق صحراوية على طول الحدود مع الجزائر وليبيا. وكانت تونس منذ فترة طويلة نقطة انطلاق للمهاجرين الذين يخاطرون برحلات بحرية على متن قوارب مؤقتة على أمل الوصول إلى أوروبا. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن 2406 مهاجرين لقوا حتفهم أو اختفوا في البحر الأبيض المتوسط في عام 2022، بينما تم تسجيل ما لا يقل عن 1166 حالة وفاة أو اختفاء في النصف الأول من عام 2023. مصالح مشتركة ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية الاتفاق بأنه يهدف إلى "الاستثمار في المصالح المشتركة". وأضافت "نحن بحاجة إلى تعاون فعال، أكثر من أي وقت مضى" بشأن الهجرة، معلنة عن تعاون أكبر ضد "شبكات المهربين". ورحبت ميلوني "بالخطوة الجديدة والمهمة للتعامل مع أزمة الهجرة"، ودعت سعيّد إلى مؤتمر دولي حول الهجرة في 23 يوليو. وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته إن الاتحاد الأوروبي و"الشعب التونسي" سيستفيدان من الاتفاقية، مشيرا إلى أن التكتل يعد الشريك التجاري الأكبر لتونس. ويغطي الاتفاق أيضا المساعدة المالية للمدارس في تونس ومبادرات خاصة بالطاقة المتجددة. قرض أم إملاءات وكانت فون دير لاين، عرضت على تونس في يونيو ، 105 ملايين يورو لدعم إجراءات الحد من الهجرة غير الشرعية و150 مليون يورو كدعم فوري، فضلاً عن قرض طويل الأجل بنحو 900 مليون يورو. لكن القرض طويل الأجل سيتوقف على الموافقة على قرض يقارب ملياري دولار حاليا مع صندوق النقد الدولي، والذي توقف بسبب خلافات مع سعيد، الذي أحكم قبضته بشكل شبه كاملة على السلطة في البلاد منذ عام 2021. وقالت فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي "على استعداد دائم لدعم تونس" وتوفير الأموال "بمجرد استيفاء الشروط اللازمة". لكن سعيّد رفض مرارا ما يسميه "إملاءات" صندوق النقد الدولي قبل منح القرض، حتى في الوقت الذي تكافح فيه البلاد في ظل تضخم شديد وديون تقدر بنحو 80 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي كما تمسك سعيد بموقفه، يوم الأحد، قائلاً إنه يرفض مطالب صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن المنتجات والخدمات الأساسية، لا سيما النفط والكهرباء، فضلا عن إعادة هيكلة 100 شركة مملوكة للدولة. عالقون في الصحراء وفي وقت سابق الأحد، قال مسؤول الحدود الليبي محمد أبو سنين لوكالة فرانس برس قرب الحدود التونسية إن "عدد المهاجرين القادمين من تونس يواصل الارتفاع كل يوم"، مضيفا أن دوريته أنقذت حتى الآن ما بين 50 و70 شخصا. وقال إبراهيم، وهو مهاجر كونغولي كان يعيش في مدينة جرجيس التونسية، لوكالة فرانس برس إنه أُوقف في الشارع في طريق عودته من عمله. وأضاف "رمونا في الصحراء. نحن هنا منذ عدة أيام." وقالت جماعات حقوقية تونسية، الجمعة، إن ما بين 100 و150 مهاجرا، بينهم نساء وأطفال، ما زالوا عالقين على الحدود مع ليبيا. وقال الهلال الأحمر التونسي إنه وفر المأوى لأكثر من 600 مهاجر تم نقلهم هذا الشهر إلى منطقة عسكرية في رأس جدير على ساحل البحر المتوسط.