على أنغام «قارئة الفنجان» بدأ مطعم «الطابية» فى المهندسين ليلته، تنتهى أغنية وتبدأ أخرى أيضا لعبدالحليم حافظ، فالنغمات هنا حصريا للعندليب، الذى تعلو صورته واجهة المطعم وجدرانه. «الطابية» هو «مطعم عبدالحليم» كما يعرفه رواد ميدان لبنان، فالمكان الذى يحتل فيللا يحمل من الداخل والخارج صور العندليب، وأول ما تراه عند دخول «الطابية» هو وجه عبدالحليم حافظ بطريقة الظل «سيلويت» وتحته بعض النغمات الموسيقية وعبارة «لو كنت يوم أنساك»، فيما بدا وفاء للعندليب من صاحب المكان الأستاذ عبدالمنعم شطا، الذى يقول: «للأسف لم تجمعنى صداقة مع عبدالحليم، إنما أنا فقط من معجبيه». فى أركان المطعم الذى يفتح أبوابه فى السابعة والنصف مساء، تشيع الإضاءة الهادئة والزخارف العربية المختلطة فى كل ركن بصور حليم فى أفلامه ومع الموسيقار محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش، فيما تحتل صورته فى الفراش مريضا حائطا جانبيا. أنشأ المطعم عام 1994 كما يقول شطا: «كان عبدالحليم يخطط لإقامة استوديو فى هذا المكان لكنه لم يفعل، وأنا اشتريت الفيللا وحولتها لمطعم تخليدا له». نسبة كبيرة من رواد المطعم من الشباب خصوصا العرب، إضافة إلى عدد من الفنانين، الذين عاصروا العندليب. وأحيانا يأتى بعض أفراد أسرة الراحل الذين عرفوا بالمطعم بعد إنشائه، كما يذكر مؤسسه: «تجمعنى صداقة ببعض أفراد عائلته».وعلى مدار 15 عاما لا يدير المطعم سوى أغانى العندليب، التى قد تجد النادل يرددها أو أحد الزبائن، حتى الفرقة الموسيقية لا يمنعها تقديم الأغانى الحديثة من تقديم أغانى عبدالحليم. وإذا كنت من رواد وسط البلد ستعرف بسهولة الطريق إلى مقهى «العندليب» باللون الأصفر المميز لكراسيه وواجهته، ولا يختلف المقهى عن المطعم السبق ذكره، فصور العندليب تغطى الجدران بالكامل، إلا أن فى مقهى «العندليب» تحل الصور الملونة المرسومة باليد محل الفوتوغرافيا بالأبيض والأسود. واعتاد المارة فى شارع سراى الأزبكية أن يصل إليهم غناء عبدالحليم حافظ من خلال الجوانب الثلاث للمقهى المفتوحة على الشارع. أما اليوم فقد أصبح المقهى صامتا، والسبب كما يروى مديره محمد ضوى: «منذ تأسيس المقهى عام 1959 اعتدنا تشغيل أغانى العندليب، لكن مؤخرا بدأت تظهر مشكلات من جانب شرطة المصنفات الفنية، التى تأتى للتأكد من أصلية الأسطوانات التى نستخدمها». ودخل المقهى فى قضايا بسبب هذه الاسطوانات، لتقرر إدارة المكان أنه «عبدالحليم أو لا أحد». وقبل أن تتوقف اسطوانات عبدالحليم حافظ عن الدوران فى المقهى، كان بعض الزبائن يطلبون أغانى بعينها كما يضيف ضوى: «بعضهم حتى كان يأتى للمحل ومعه الأسطوانة التى يرغب فى سماع ما بها من أغانى حليم، لذلك اشترينا كل أعماله». ومع حلول ذكرى وفاته، يستعد المقهى فى الأزبكية والمطعم فى المهندسين، فالأول قرر تركيب إضاءة معينة لصور العندليب على الجدران وتعليق المزيد من صوره وصور الفنانين ممن شاركوه أفلامه، أما المطعم فقد اعتاد تنظيم حفل لأغانيه ودعوة عدد من الفنانين إليه، ويبتسم عبدالمنعم شطا قائلا: «نفسى أعمل مطعم لعبدالوهاب ومطعم لأم كلثوم!».