رئيس جامعة طنطا يعلن إطلاق تطبيق رقمي جديد لتطوير منظومة عمل الإدارة الطبية    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    نائب محافظ الفيوم ومساعد وزير البيئة يفتتحان المركز البيئى بقرية شكشوك    إيران: برنامجنا الصاروخي غير قابل للتفاوض ونرفض الاتهامات بشأن أوكرانيا    من هو قائد الجيش الباكستاني عاصم منير الذي مٌنح وسام الملك عبدالعزيز الرفيع؟    الداخلية تضبط 108 محلات مخالفة لقرار ترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    افتتاح قسم جديد للجوازات في مول شهير بالإسكندرية| صور    مجلس الوزراء يوضح حقيقة نقص أدوية البرد والأمراض المزمنة    شعبة القصابين : ارتفاع أسعار اللحوم فى شهر رمضان بسبب زيادة الطلب    كامل الوزير يلتقى وزير التجارة والصناعة فى عمان    وزير المالية: نستهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي للتصنيع والتصدير    البورصة المصرية تترتفع بمستهل تعاملات جلسة اليوم الإثنين    وزير الزراعة يبحث مع وزير الاقتصاد الأرميني آفاق التعاون الزراعي المشترك وزيادة فرص الاستثمار    المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يلتقي متدربي "المذيع الصغير"    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    مد غزة ب130 ألف سلة غذائية و22 ألف قطعة ملابس ضمن قافلة زاد العزة ال99    جيفرى إبستين.. العدل الأمريكية تدافع عن النشر الجزئى وعودة صورة ترامب المحذوفة    البيت الأبيض يكشف عن الأموال التي حصلتها أمريكا من الرسوم الجمركية    أمم إفريقيا - كاف يعلن طاقم تحكيم لقاء مصر وزيمبابوي    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر 2025.. مصر في أمم إفريقيا ومواجهتان بالكأس    مواعيد مباريات اليوم.. مصر مع زيمبابوى في أمم أفريقيا ونهائى كأس السوبر الإيطالي    الهلال يخشى صحوة الشارقة في دوري أبطال آسيا النخبة    موعد مباراة بيراميدز ومسار في كأس مصر.. والقنوات الناقلة    حسام عزب حكما لتقنية الفيديو فى مباراة نيجيريا وتنزانيا بأمم أفريقيا    الحضري: مجموعة مصر صعبة.. والشناوي الأنسب لحراسة مرمى المنتخب    نقابة الأطباء البيطريين: نقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين    منذ قليل .. مجلس الشيوخ يبدأ مناقشة تعديلات قانون نقابة المهن الرياضية لمواكبة التطور    ارتكب 5 وقائع، إحالة عاطل للمحاكمة بتهمة سرقة السيارات والموتوسيكلات في الزيتون    المتحف القومي للحضارة يحتفي باليوم العالمي للغة العربية    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    شعبة الملابس الجاهزة تكشف ارتفاع الصادرات بأكثر من 21% منذ بداية 2025    روائح رمضان تقترب    وزير المالية: حزمة من التسهيلات الجمركية لدفع حركة التجارة الخارجية    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    مجلس قصر العينى يناقش سياسات تحديد ضوابط حجز الحالات ونطاق تقديم الخدمات    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى المريوطية    مصر تواصل جهودها المكثفة لاستجلاء موقف المواطنين المصريين المفقودين في ليبيا    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    اليوم.. ساحة الشيخ الطيب تستضيف صلحا قبليا لإنهاء خصومة ثأرية بين أبناء عمومة في قنا    الحكومة النيجيرية تعلن تحرير 130 تلميذا مختطفا    جريمة 7 الصبح.. قاتل صديقه بالإسكندرية: نفذت صباحا حتى لا يشعر أحد بالواقعة    تفاصيل المشروعات المزمع افتتاحها بالتزامن مع احتفالات العيد القومي لبورسعيد    اليوم .. ذكرى رحيل "كونتيسة المسرح" سناء جميل بعد رحلة فنية مميزة    شديد البرودة.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل طقس اليوم    ألمانيا تعلن تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025 .. وتصاعد المخاوف الأمنية    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    اليوم .. الإدارية العليا تفصل فى 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد اليوم 22 ديسمبر 2025    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    «المهن التمثيلية» تكشف تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    لجنة تحكيم أيام قرطاج السينمائية توضح سبب غيابها عن حفل توزيع الجوائز    السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    بدون تدخل جراحى.. استخراج 34 مسمارا من معدة مريضة بمستشفى كفر الشيخ العام    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صافينى مرة
نشر في الشروق الجديد يوم 31 - 03 - 2010

لم يكن عبدالحليم حافظ بالنسبة لى سوى صوت للستينيات أحن إليه، ولا أستند له كمرجعية غنائية فى لحظات الحب، ولكن حينما أخذت أتأمل كلمات أغانيه وأتخيل الأحبة فى حجراتهم يستمعون إليه ويتنهدون من مشاعر الحب الفياضة، ما بين الاشتياق إلى الحبيب أو افتقاد وجوده، أخذتنى صور الأبيض وأسود ليعيدنى إلى الواقع صوت صاخب لعمرو دياب فى أغانى الشريط الجديد تسمعها جارتنا المخطوبة حديثا، وأتخيل صورة بالألوان لها فى حجرتها وهى جالسة على الكمبيوتر وتفعل عشرات الأشياء فى الوقت ذاته، بينما ينطلق صوت عمرو دياب فى أرجاء الحجرة.
تأخذنى فكرة مقارنة كلمات أغانى عمرو دياب وعبدالحليم حافظ، نموذجين لزمن الأبيض والأسود والألوان، وأنا أبحث عن الكلمات على الإنترنت، وجدت أغنية بعنوان «توبة» غناها كل منهما، بكلمات مختلفة لشاعرين مختلفين، بالطبع نذكر أغنية توبة لعبدالحليم، لكن يستوقفنى فيها ذلك المقطع: 
«توبة إن كنت أحبك تانى توبة
بس قابلنى مرة وتبقى دى آخر نوبة وبعدها توبة
توبة إن كنت أخاصمك وأرجع أصالحك تانى
ياما البعد سقانى وياما القرب ضنانى
وإن فات طيفك يوم فى منامى وجه صحانى
برضه أصالحك بس أهى نوبة وبعدها توبة»
وعندما غنى عمرو دياب أغنيته توبة كانت كلماتها تقول:
«اهى مرة وعدت وخلاص حبينا بصدق وإخلاص 
حبيتك من غير تفكير حبيتك والقلب اختار 
وفى بحرك ياما عومت كتير وغرقت فى آخر المشوار 
واهى توبة توبة توبة توبة»
بداية أحب أن أوضح أننى اليوم أخرج من عباءة أى كلام علمى، فقط مجرد تأملات، هل بالفعل شعر أى منكم بأن عبدالحليم أكثر رقة فى حبه، وأنه أكثر غفرانا، من كلمات أغنية عمرو دياب التى يصر فيها أن التجربة انتهت، كلمات عمرو بدت أكثر حسما وعنفا.
يجعلنى ذلك أتأمل فى شكل العلاقات ما بين الماضى واليوم، كان هناك طابع مختلف للعلاقة، هدوءا نادرا، ذلك الهدوء الذى تشعر به فى مكان خالٍ وصافٍ، العلاقات عميقة نحاول ان ننقذها دوما حتى فى اللحظات الصعبة يحاول أن يعيدها إليه بأى شكل، ويبدو ذلك واضحا فى أغنية عبدالحليم «صافينى مرة»، العلاقات الآن تجعلك تتأمل فى ذلك الزمن العجيب السريع، الذى يؤخذ فيه كل شىء بسرعة وروتينية غريبة. لدى صديق عندما أقابله فى كل مرة أسأله عن حبيبته، التى غالبا ما أجدهما وقد قررا الانفصال، العلاقة بينهما متوترة، هى تعجبها بشدة أغنية شيرين الجديدة «وأخيرا اتجرأت وهعلى صوتى عليك»، وهو تعجبه أغنية عمرو دياب «مالك مش خلاص حبيت ناس بقيت معاهم ليه بتسأل ليه ليه عنى من وراهم».
هذا هو الفرق بين الحب فى الستينيات وزمن الأبيض وأسود، وحب هذا العصر الملىء بالألوان الفاقعة.
لست أقصد أننا نفتقد إلى وجود عمق فى علاقاتنا حاليا لكنه شىء نادر الحدوث، أصبح من النادر جدا أن أجد علاقة حب حقيقية دافئة ومستمرة، كما أصبح من النادر أن تجد أغنية تعبر عن ذلك العمق الحقيقى.
لست مع مشاعر الحنين إلى زمن مضى، والوقوع فى براثن النوستاليجيا، أنا مع التوافق مع العصر بكل تحدياته وخلق لحظات حميمية عميقة وحقيقية. رغم عشقى للأبيض وأسود ولصوت مغنى رايق يغنى بمزيكا حلوة وناعمة، فإننى أسعى لاكتشاف أصوات دافئة حديثة وخلق لحظة دافئة فى هذا العصر بكل صخبه وعشوائيته.
عبدالحليم حافظ ليس مجرد صوتا دافئا نحتفى بذكراه، لكنه رمز لحلم لم يعشه أبناء جيلنا رغم أنهم دوما يشعرون بالحنين إليه، وفى لحظات الصفا يدخلون حجراتهم ويبحثون عن أغانيه فى قائمة الأغانى على أجهزتهم ويديرونه بهدوء خالص.
حتى عندما غنى عبدالحليم للوطن، كان نشيدا مختلفا، كان وطنا مختلفا غير الذى نعيش فيه، مثلا عندما أ سمع:
«أحلف بسماها وبترابها أحلف بدروبها وأبوابها
أحلف بالقمح وبالمصنع أحلف بالمدنة وبالمدفع
باولادى بأيامى الجاية ما تغيب الشمس العربية
طول ما أنا عايش فوق الدنيا».
أشعر بوطن آخر نعيش فيه حلما واحدا، لا يمت بصلة لهذا الوطن المفكك الذى لا يملك مواطنوه سوى حلم الحصول على قوت يومهم وما يكفى لعائلاتهم، فلم يعد هناك أحلام مشتركة ولا شمس عربية واحدة.
ربما تأتى هذه الذكرى الآن لتعيد إلينا نسائم زمن جميل ولى وتجعلنا نطل على حاضرنا بنظرة مختلفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.