الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن مواعيد جولة الإعادة للدوائر ال 19 الملغاة والصمت الانتخابي    خبير اقتصادي: توقعات بارتفاع أسعار الذهب والفضة في 2026    أخبار الاقتصاد اليوم: استقرار سعر الدولار والذهب.. وزير المالية يوضح كيف تدير الحكومة الدين.. 21 مليار جنيه خسائر للبورصة    جمال رائف: صفقة الغاز مع إسرائيل رابحة لمصر ولا تمثل أي ورقة ضغط سياسية    ترامب: السيسي صديقي وسأكون سعيدا بلقائه    الخارجية الروسية: تطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن ليس بالأمر السهل    ليفربول يفتح ملف التجديد لنجم الفريق بعقد طويل الأمد    وفاة الفنان التشكيلي محمد عمر سليمان    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    الدفاع المدني بغزة يحمّل المنظمات الدولية والاحتلال مسؤولية ضحايا مخلفات الذخائر    تكريم مسؤول ملف السيارات ب«البوابة» في قمة EVs Electrify Egypt تقديرًا لدوره الإعلامي    إصابة 5 أشخاص باختناق نتيجة تسرب غاز في بشتيل بالجيزة    مجمع الفنون والثقافة يحتضن فعاليات مسرح المنوعات بجامعة العاصمة    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تنظم زيارة للمعرض الدولي السابع للأقمشة    ضياء رشوان: لا يوجد أي نوع من الترتيبات أو الاتصالات بشأن عقد لقاء بين الرئيس السيسي ونتنياهو    الداخلية تكشف حقيقة نقل ناخبين بسيارة في المحلة    سوريا تتوج بجائزة اللعب النظيف في كأس العرب    محاربة الشائعات    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    نازك أبو زيد: استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات مستمر منذ اندلاع الحرب في السودان    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    الداخلية تضبط سيارة توزع أموالا بمحيط لجان فارسكور    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر غدا الجمعة    أراضى المانع القطرية بالسخنة «حق انتفاع»    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    بنك الإسكندرية يحصل على حزمة تمويل بقيمة 20 مليون دولار أمريكي    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    بتكلفة 10.5 مليون جنيه، افتتاح 5 مساجد بمراكز إهناسيا والفشن وبني سويف    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    قطر تستضيف مباراة إسبانيا والأرجنتين فى بطولة فيناليسيما 2026    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    عبد اللطيف صبح: 55% من مرشحى الإعادة مستقلون والناخبون أسقطوا المال السياسى    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعراء الوطن.. فوق الشوك مشانى زمانى
نشر في صباح الخير يوم 18 - 05 - 2010

فى بداياتى الشعرية.. وكان ذلك فى الستينيات.. وكان عمرى وقتها لا يتجاوز الخامسة عشرة.. كنت أمارس التمرد على معانى كلمات الأغانى التى تسقط فى بئر الحرمان والضنا والدموع والعذاب، وأظن أن مرشدى فى هذا الموقف كان أولاً تكوينى الشخصى الذى لا يميل إلى «استعذاب الألم»، ولا يرضى بتلك المناحة التى نصبها بعض الشعراء عند أطراف قدمى الحبيب.
وأظن أيضاً أننى تأثرت فى هذا الموقف بموقف بيرم التونسى.. الذى كان يمثل لى النموذج فى التمرد الفكرى والفنى والإنسانى.. ضد سلطة القهر «السياسية» أو سلطة الحبيب «العاطفية». فى قصيدة «أهل المغنى» قال بيرم التونسى:
يا أهل المغنى.. دماغنا وجعنا.. دقيقة سكوت لله.. دا إحنا شبعنا كلام ما له معنى.. يا ليل ويا عين ويا آه حافظين عشرة اتناشر كلمة.. نقل من الجورنال.. شوق وحنين وأمل وأمانى وصدّ وتيه ودلال
واللى اتقال يتعاد من تانى.. ليل ونهار هواه يا أهل المغنى.. دماغنا وجعنا.. دقيقة سكوت لله. وهكذا.. رحت أفتش فى كلمات الأغانى المشهورة وقتها عمّا يقوى موقفى فى رفض معانى الهوان المنتشرة فى أغانينا.
وفى هذا المجال.. كنت أستشهد بكلمات يغنيها عبدالحليم حافظ.. يقول فيها: لما عيونى لمحوا خياله وروحت وراه خدنى «لنار» و«عذاب» و«مرار» و«غلبت» معاه.
وكنت أقول لمن حولى هل هذا معقول؟! هل هذا هو الحب؟! هل يعقل أن تجتمع النار مع العذاب والمرارة والغلب فى سطر واحد؟!
عندما اشتد عودى.. شعرياً وإنسانياً.. تعلمت ألا أنزع الكلمات من سياقها العام ثم أحكم عليها، وتعلمت أن شخصية وتجربة شاعر لا يحق لهما نفى شخصية وتجربة شاعر آخر، وتعلمت أن هناك شاعراً عظيمًا لمع فى سمائنا كشهاب مبهر.. ثم اختفى من حياتنا كنسمة لم تستطع الصمود فى وجه السعير!!
أحدثكم عن «على مهدى» وهو بالتحديد الشاعر الذى كتب لما عيونى لمحوا خياله وروحت وراه خدنى لنار وعذاب ومرار وغلبت معاه فى أغنية اسمها.. «فوق الشوك»!!
قمتان غنائيتان أسسهما وجدان على مهدى.. شاركه فى توهّجهما عظيمان من عظماء الموسيقى فى القرن العشرين.. هما محمد عبدالوهاب ورياض السنباطى. الأولى.. هى أغنية «فوق الشوق» لحنها عبدالوهاب وغناها عبدالحليم. والثانية.. هى أغنية «لعبة الأيام» لحنها رياض السنباطى وغنتها وردة.
ودعونى أضم إليهما أغنية ثالثة تجاورهما فناً وقيمة، وإن لم يكتب لها نفس القدر من الانتشار.. أنها أغنية «فى قلبى جرح» التى لحنها حلمى بكر وغناها الراحل عماد عبدالحليم.. ونصيحتى لكل من لم يستمع إلى هذه الأغنية أن يبحث عنها ليستمع إليها.
وإذا رجعنا لفكرة «السياق العام» للكلمات.. سنجد أن هناك سياقاً عاماً لكل أغنية من هذه الأغنيات.. وأن هناك سياقاً عاماً يجمع بينهم جميعاً.
فكلها نتاج التجربة الحياتية الصعبة التى عاشها على مهدى فصبغت كلمات أغانيه القليلة البديعة.. والتى ربما أفلتت من حزنها أغنيته مع بليغ حمدى ووردة الجزائرية.
باحبك فوق ما تتصّور
وأعزك فوق ما تتصّور
وطول عمرى.. وأنا عينى
عليك يا عينى.. بتدوّر
جمال بخيت

ما أخذته من أبى أحاول نسيانه!!
شاعر من طراز فريد ومؤلف أغانى مرهف الحس يجعلك عندما تستمع إلى أغانيه تستمتع بعذوبة اللفظ الذى يمس مشاعرك ويلتحم مع وجدانك لذلك استطاع - رغم قصر عمره الفنى - أن يخلق لنفسه مكانا وسط أبناء جيله من الشعراء وأن يترك بصمة مؤثرة فى عالم الغناء والطرب، فضلا عن رصيد لا بأس به من الأغنيات التى ستظل خالدة إلى الأبد.
تُرى من هو هذا الشاعر الذى «لعبت به الأيام » لكى «يمشى فوق الشوك » ليسلك «طريق العذاب » إنه الشاعر الغائب الحاضر «على مهدى ».
ولأول مرة تتحدث «عطر الصباح » الابنة الوحيدة «لعلى مهدى » عن أسرار حياته وحادثة موته الحقيقية.
وكانت أولى كلماتها : «كما كانت حياة والدى حياة قاسية وصعبة كانت حادثة وفاته غريبة ومفاجئة لأنه توفى فى سن صغيرة عن عمر يناهز الثامنة والثلاثين عاما
فوق الشوك
تقول «عطر الصباح»: ولد أبى فى الحادى والعشرين من فبراير عام 1931 بحى بين السرايات بالجيزة، ورحل عنا فى الثامن عشر من سبتمبر عام 1968. وكانت نشأته فى ظروف صعبة، حيث انفصل والده عن والدته، وهو فى سن صغيرة، وعاش طفولته مع والده الذى تزوج لأكثر من مرة لذا لم يكن مستقرا.
وكان من الطبيعى أن ينتج عن تلك الظروف طفلا شديد الحساسية وشديد التأثر بكل ما حوله لدرجة أنه أُصيب بشلل نصفى، وهو فى الثانية عشرة من عمره.
وعندما فحصه الطبيب عرف مباشرة أن هذا الطفل نشأ بعيدا عن والدته.. فكان كلام الطبيب مستفزا لجدى، فقام على الفور بتطليق زوجته التى تسببت فى إيلام ابنه نفسيا.
وتحكى «عطر الصباح» أن من الروايات العجيبة التى سمعتها من عمها هو أن والدها «على مهدى » عندما كان صغيرا كان يجمع الحصى من الشارع ويضمه إلى قلبه ليدفئه من شدة البرد، وكان يقول: «الحصى بردان لازم أدفيه ».
وكان انتقال أبى ليعيش مع خاله فى الجمالية بمثابة التربة الخصبة التى أثمرت شخصا حساسا يفتقد إلى الدفء الأسرى.
أحبك فوق ما تتصور
ولكن كما يُقال «رُب ضارة نافعة» فانتقال والدى إلى حى الجمالية جعله يقابل فتاة أحلامه التى اشتعل قلبه حبا لها، كلما رآها فى النافذة المقابلة لشرفته، وخاصة أنها كانت فتاة فائقة الجمال إلى جانب كونها شقيقة صديقه فتقدم لخطبة والدتى ثم تزوجها. والحقيقة أن الظروف الأسرية الصعبة التى نشأ فيها والدى كانت هى دافعه لتكوين أسرة هادئة تنعم بالدفء والمودة.
ومن هنا فأنا أختلف مع مقولة أن فاقد الشىء لا يعطيه لأن أبى منحنى كل حبه وحنانه اللذين افتقدهما فى طفولته فكنت - بالنسبة له - خير تعويض عن الحياة التى قاساها فى طفولته فأحبنى حبا جما وفضلنى على الجميع، لدرجة أنه اختار لى اسما نادر الوجود، وقرر ألا ينجب طفلا آخر لأنه دائما ما كان يشعر أن شمعة حياته ستنطفئ مبكرا، نظرا، لأنه كان يعانى من حمى روماتيزمية أتلفت صمام قلبه.
وتضيف «عطر الصباح»: ومن المواقف الطريفة أنه عندما كان يعمل بالإذاعة سألوه.. إذا كانت ابنتك تمتلك صوتا عذبا هل ستوافق على أن تغنى فى الإذاعة؟!
فأجاب: نعم سأوافق شريطة أن أكون الملحن الوحيد والمؤلف الوحيد والمستمع الوحيد!! وتضيف قائلة: كان أبى يهتم بى اهتماما شديدا فقد حرص على إلحاقى بالمدرسة الأمريكية الكائنة فى غمرة آنذاك، وكان من المعروف عن هذه المدرسة أنها كانت باهظة المصاريف، وأنه كان لا يلتحق بها سوى أكابر القوم مثل ابنتى الأديب العالمى نجيب محفوظ. كذلك كان يحرص على حضور اجتماع الآباء.
بالإضافة إلى الاحتفالات التى تقيمها المدرسة، هذا إلى جانب دوره كأب يصر دائما على تفوقى، فكان لا يقبل إلا أن أكون الأولى على المدرسة.
أضيف إلى ذلك أن والدى حرص أيضا على تعليمى فن الإتيكيت، فكان يصر على أن أرتدى فساتينى - فور استيقاظى من النوم، لأنه كان يرفض أن أتجول فى المنزل بملابس النوم، كذلك كان يصمم على أن أتناول الطعام بالشوكة والسكين، وأذكر أيضا أن دوره لم يتوقف عند هذا الحد، فحسب بل كان يتدخل فى نوعية البرامج التى يجب أن أشاهدها فى التليفزيون، فكان لا يسمح لى سوى بمشاهدة البرامج الكوميدية مثل برامج «ثلاثى أضواء المسرح»، كذلك لم يكن مسموحا لى بمشاهدة إلا أفلام معينة، وكان لزاما علىَّ أن أشاهد التليفزيون وأنا جالسة على المقعد متجنبة بذلك وضع الاسترخاء الذى نفعله الآن ونحن نتابع الأفلام التى يعرضها التليفزيون.
وتستطرد «عطر الصباح» قائلة: لم يكن أبى قد تلقى مثل هذه التربية من والديه عندما كان صغيرا فقد نشأ فى أسرة بسيطة، وتربى فى منطقة شعبية فكل ما أراده هو أن يفعل معى ما لم يفعله أبواه معه، كذلك كان يحرص على أن أذهب للنوم مبكرا لدرجة أننى لم أكن أراه أحيانا، لأنه كان يغلق باب غرفته ويدخل للكتابة طوال الليل وينام نهارا.
وكان أبى يشبه كتابة الشعر بعملية الإنجاب «الولادة» فقد كانت عملية ترهقه نفسيا، لأنه كان يكتب بكل جوارحه ويصب كل مشاعره فى القصيدة.
وعندما تعارض عمل أبى فى الإذاعة مع كتابته للشعر ترك الإذاعة ليتفرغ للشعر والأغانى لأنه كان يتكسب من الكتابة وهكذا عشنا مثل أغلبية الشريحة المتوسطة تتراوح الظروف بين وجود الكثير من المال أو انعدامه تماما.
فوق الشوك..
تروى عطر الصباح قائلة : كان والدى إنسانا بكل ما تحمله الكلمة من معان، فقد تمر عليه الأيام وهو لا يملك سوى قوت يومه، وإذا طلب أحد منه المساعدة كان لا يبخل بما فى جيبه، ويفضل هذا المحتاج على أهل بيته.
وكان شخصا معطاء وسخيا.. وكان شديد العطف خاصة على «الأطفال الغلابة » فكان لا يفوت أى فرصة لكى يلتقط صورة مع هؤلاء الأطفال.
وتكمل «عطر الصباح» حديثها قائلة: إذا كان أبى يتعامل بكل هذا القدر من الحنان والعطف مع أناس لا يعرفهم فما بالك بعلاقته بأهل بيته، فكان والدى بارا بوالديه لدرجة أنه إذا مرضت والدته كان لا يكتفى باستدعاء طبيب واحد أو اثنين، بل كان يحضر لها مجموعة كبيرة من الأطباء لكى يطمئن على صحتها.
تضيف قائلة: كان أبى يواظب على النزهة الأسبوعية، وأحيانا يومية فكان يأخذنا إلى النيل، إما لركوب المركب أو لصيد السمك، ومن أكثر المواقف التى أذكرها هى أنه عندما كنت أصطاد سمكة المشط كان والدى يصر على أن أخرج السمكة بنفسى لدرجة أننى كنت أخرجها، وأنا أبكى فكان يقول لى أريدك قوية صلبة الإرادة وكانت من أكثر النزهات التى يحبها السفر إلى الإسكندرية.
كان يجلس على الشاطئ متأملا بينما لا أكف عن التحدث إليه، فكان يمازحنى قائلا: «أديكى كام وتسكتى؟!»
لعبة الأيام
تقول عطر الصباح : «لم يكن أبى يفضل دخول غرباء إلى بيته حتى إذا كانوا أصدقاءه من الوسط الفنى اللهم إلا الفنان «سيد مكاوى » الذى كان من أقرب المقربين إلى قلبه هو وأولاده فكان منزل سيد مكاوى هو البيت الفنى الوحيد الذى دخلناه مع أبى. أما بالنسبة للملحن بليغ حمدى فلم تكن العلاقة على ما يرام فكانت العلاقة سمتها التوتر على عكس علاقة أبى بالشاعر محمد حمزة حتى أننى أذكر أننى قد عثرت على جواب كان حمزة قد أرسله إلى أبى وكان جوابا يملؤه الحب والتودد.
أما الملحن عبد العظيم محمد فقد كان صديقا حميما لوالدى، وكان يسأل علينا بعد وفاته مثله مثل وردة الجزائرية التى كان يعشقها ويحب أن يعطيها أشعاره لتغنيها، أما عن أم كلثوم فكان أمل والدى أن تغنى له كلماته فقد طار فرحا عندما طلبت منه شراء أغنيتين هما «منك استجير» و«طريق العذاب»، ولكنها خيبت أمله ولم تغنهما، وحذرته من نشرهما فى أى مجلة وأطاعها فى أول الأمر، ولكنه فوجئ بجمل من أغانيه فى أغانيها لمؤلفين آخرين فُجن جنونه وقرر نشر الأغنيتين رغم تحذيرها لوالدى بعدم النشر فقال والدى : «لا أحتمل وجود كلماتى تحت اسم آخر غيرى»، وقام والدى بنشر الأغانى وعليه قررت أم كلثوم عقابه بعدم غناء الأغنيتين للأبد. فذهب والدى بعدها لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ليخبره عما فعلته أم كلثوم : فقال عبد الوهاب: الأغانى جيدة جدا، ولكن لن يجرؤ أحد على غنائها لأنها قاتمة للغاية وتنطوى على ملامح حزينة».
لعبة الأيام
تذكر عطر الصباح : تعجبت كثيرا عندما سمعت فى أحد البرامج التليفزيونية عن قصة وفاة أبى، وهى أنه غرق وهو يصارع الأمواج محاولا إنقاذى من الغرق، فحزنت كثيرا عندما سمعت تلك المعلومة الخاطئة والحقيقة هى أن أبى كان سباحا ماهرا.
ما حدث بالفعل هو أننا كنا نتناول وجبة الغداء فى أحد الكازينوهات التى كانت فى وسط البحر، وأنا كنت ألعب على الشاطئ وكان أبى ينظر لى من النافذة وهو سعيد وفور انتهائه من وجبة الغداء أراد أن يقفز من النافذة ليلعب معى ليعلمنى السباحة. فحاولت أمى جاهدة منعه من ذلك لأن الأطباء كانوا قد حذروه من السباحة عقب تناول الطعام مباشرة.
ولكنه كان مثل الأطفال عندما يحب أن يفعل شيئا يفعله فورا، فقفز من نافذة المطعم وسبح حتى وصل إلىَّ وبدأ فى اللعب معى داخل الماء وكنا بجانب صخرة فى الماء وهاجمته الأزمة القلبية، ولم يعد قادرا على الوقوف فحاولت دون جدوى مساندته للوقوف على الصخرة، ولكننى لم أستطع فكان يسقط فى الماء وجسدى الصغير لم يستطع حمله، فبدأت فى الصراخ وعندما أحس الناس بصوتى أخرجوه خارج الماء وكان قد فات الأوان وكان أبى قد فارق الحياة.
لعبة الأيام
رحل أبى وترك والدتى فى الحياة بمفردها لكى تلاقى مصيرها، تركها وهى شابة رفضت جميع عروض الزواج التى قدمت لها وفاء له وحرصا علىّ لأننى لم أتجاوز وقتها التسع سنوات، فكان رحيل والدى حقيقة لا أصدقها لدرجة أنه كان يراودنى حلم متكرر، وهو أنه لا يزال على قيد الحياة فلم أكن أرى هذا الحلم فى منامى فقط، بل كان مسيطرا على فى يقظتى إلى أن تمت خطبتى وأنا فى السابعة عشرة من عمرى، وفى هذا اليوم فقط تأكدت أن والدى قد رحل !!
تستطرد عطر الصباح قائلة : «تعلمت من والدى أشياء كثيرة أولها قوة الإرادة والمثابرة، وتعلمت أيضا ما أحاول نسيانه الآن وهو الحساسية المفرطة التى تسببت فى ألمى معظم الأحيان، وأيضا إسرافه الشديد، فقد كنا نعيش أوقاتا رغدة وأوقاتا من التقشف الشديد.
... هكذا قد انتهت قصة حياة على مهدى الشاعر العظيم الذى لا يعرفه أحد.. الحاضر الغائب وسيظل خالدا مادامت «لعبة الأيام» مستمرة.؟
من كلمات أغانى على مهدى
فوق الشوك
لحن: محمد عبدالوهاب
غناء:عبد الحليم حافظ
فوق الشوق مشانى زمانى
قاللى تعالى نروح للحب
بعد سنين قاللى ارجع تانى
حتعيش فيه مجروح القلب
اللى مشيته رجعت امشيه
واللى قاسيته رجعت أقاسيه
فوق الشوك
قبل ما أشوف الحب وأقابله
ياما خيالى وطيفه اتقابلوا
وأما عيونى لمحوا مكانه.. وروحت وراه
خدنى فى نار وعذاب ومرار وغلبت معاه
آه من الحب ومن اللى رمانى
وخدنى إليه
بعد النار والشوك إيه تانى
رح أمشى عليه
راجع بعد الشوك ما ضنانى
راجع راجع راجع تانى
فوق الشوك.. فوق الشوك
غلطة عمر خدتنى لحبى
رُحت وراحت راحة قلبى
ليه يا قلبى جرينا ورا المجهول ليه
ليه على نار الجرح مشينا وعشان إيه
آه م الحب وم اللى رمانى
وخدنى إليه
بعد النار والشوك إيه تانى
راح أمشى عليه
راجع بعد الشوك ما ضنانى
راجع راجع راجع تانى
فوق الشوك.. فوق الشوك
ياللى نسيك الحب.. انساه
وابعد عنه عشان تلقاه
عايز تعرف فين الحب وفين لياليه
بص فى أى دموع تقابلها رح تلاقيه
آه من الحب ومن اللى رمانى
وخدنى إليه
بعد النار والشوك إيه تانى
رح أمشى عليه
راجع بعد الشوك ما ضنانى
راجع راجع راجع تانى
فوق الشوك.. فوق الشوك
لعبة الأيام
ألحان: رياض السنباطى
غناء: وردة
تضحك لك الأيام تهجر وتنسانى
تغدر بك الأيام ترجعلى من تانى
بتغيرك أيام وتبدلك أيام
وبتجينى تلاقينى مع الماضى مع الذكرى مع الأحلام.. عشان قلبى أنا أوفى من الأيام يا لعبة الأيام
يا لعبة الأيام ارتاح وريحنى
ياما غلبت كلام ولا مرة تسمعنى
بتاخدك الأيام أعيش بجرحك
وتجيبك الأيام أعيش لجرحك
بتغيرك أيام وتبدلك أيام
وبتجينى تلاقينى مع الماضى.. مع الذكرى مع الأحلام
عشان قلبى أنا أوفى من الأيام
يا لعبة الأيام
فى يوم ما الدنيا تغدر بك
وأيام الهنا تخونك
وأيام الضنا تذلك
تجينى وتفتكر حبك
وأشوف الذل فى عيونك
أقول نفسى فدا ذلك
يا أغلى عندى من نفسى
ما بين أملى وبين يأسى
ضنانى الصبر وجروحى
ولولا بقية من رسمى
وحرف وكلمة من اسمى
لا تاهت عينى عن روحى
ياللى هواك كاسين أحلى ما فيهم مر
والصبر على الاتنين فاق العذاب والمر
بتاخدك الأيام أعيش بجرحك
وتجيبك الأيام أعيش لجرحك
بتغيرك أيام وتبدلك أيام
وبتجينى تلاقينى مع الماضى مع الذكرى مع الأحلام
عشان قلبى أنا أوفى من الأيام يا لعبة الأيام
فى قلبى جرح
غناء:
عماد عبدالحليم
ألحان: حلمى بكر
فى قلبى جرح متخبى
ولا مرة شاورت عليه
.. وناس تشكى
.. وناس تبكى
وأنا جرحى بادارى فيه
فى قلبى جرح
من الدنيا وعمايلها
وأيامى اللى جرحانى وباحايلها
كتير حاولوا يهدون
يذلونى
يبكونى
يشوفوا الدمع فى عيونى
وبضحك للى ظالمنى
وتضحك ضحكتى منى
وأبات والجرح متخبى
ولا مرة شاورت عليه
.. وناس تشتكى
.. وناس تبكى
وأنا جرحى بادارى فيه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.