يجلس الدكتور محمد المخزنجى، وأمامه جرس من جبال التبت وكرات معدنية من الصين، وهى بعض أنواع العلاجات التقليدية التى تحدث عنها فى كتابه «مداواة بلا أدوية». يبدأ د. المخزنجى فى شرح الفوائد والاستخدامات الطبية لهذه الأدوات أمام جمهور مكتبة الشروق بالمهندسين أمس الأول. الجرس هو إحدى أدوات العلاج بالأوانى، الذى يستخدم الأصوات الحادة العالية الناتجة عن هذه الأجراس فى المساعدة على التأمل وعلاج بعض الحالات النفسية. أما الكرات فتسمى «تيان ما» أو الكرات الحافظة للصحة، وهى عبارة عن كرتين معدنيتين مصقولتين مطليتين بالكروم، داخلهما كرتين أصغر. تدوير الكرتين داخل كف اليد يؤدى لإنتاج شحنات كهربائية صغيرة، تمسد النهايات العصبية داخل اليد، تنشط المخ وتحفز الذهن، وتنشط الأعضاء الداخلية. أما تحريك الكرات نفسها فهو إلى جانب فوائده النفسية المتمثلة فى المساعدة على الاسترخاء، تمرين رياضى مفيد لمرضى الروماتيزم. «نكون مخطئين إن قمنا بتأويل نتائج هذه العلاجات بشكل مبالغ فيه، ونكون مخطئين إن تجاهلنا نتائجها تماما»، يدعو المخزنجى إلى دراسة جميع أنواع الطب القديم التقليدى بشكل علمى. يتحدث فى كتابه عن العلاج بالعطور، والمعادن، والتصور والتأمل، وبالأطعمة، وغيرها. لا يرى فى أى من هذه العلاجات أنها طب بديل، «بل هى طبابة مكملة ومتممة للطب الحديث، الذى قطعت البشرية شوطا كبيرا من التقدم للوصول إليه». بعد أن تخرج فى كلية الطب بالمنصورة، حصل المخزنجى على درجة الاختصاص العالمى فى الطب النفسى، وعلى دبلوم إضافى فى الطب البديل من أوكرانيا. ولأنه قضى عمرا يبحث فى العلاجات القديمة، فهو ينتقد بشدة وسائل الإعلام التى «تمنح شهادات علمية للدجالين»، من مدعى العلاج بالمعادن والطب الفرعونى وغيرها من وسائل النصب، ويتمنى أن تزيد مقاومة نقابة الأطباء لأمثالهم من المشعوذين. يطلب المخزنجى من مستمعيه أن يفتحوا أذهانهم لآفاق أوسع فى مفهوم العلاج، وأن يتخذوا موقفا وسطيا، لا تسيطر عليه المادية والحداثة فتتعصب بالطب الحديث، وفى ذات الوقت لا تبالغ فى تعظيم العلاجات القديمة. يجيب عن سؤال أحد الحاضرين حول الطب النبوى بأن الروحانية لها مكان فى مساعدة المرضى، ولا يجب رفضها من حيث المبدأ. يعطى مثلا بحكاية عن والده الذى كان يرقيه وهو صغير، فيمرر يده على وجهه ورأسه قائلا: «باسم الله الشافى المعافى». يعيد على المستمعين قراءة الرقية كى يلاحظوا ما فيها من حروف مد كثيرة. «يمكن تفسير الأثر النفسى للرقية فى ضوء العلاج بالتنفس»، فالرقية نوع من «العلاج التنفسى». الزفير الطويل المتكرر فى الجملة يساعد على استرخاء لقائله وسامعه معا، «إضافة إلى الهدوء الذى يشعر به الإنسان من تمرير اليد على وجهه». يؤكد المخزنجى أنه ليس ممارسا للطب بل مقدما له، وأن كتابه ليس دليلا طبيا بل «طواف معرفى» بين أشكال منسية من العلاج تحتاج من الطب الحديث نظرة موضوعية ونقدية.