قد يبدو الأمر طريفا لكنه واقع علمى تؤكده التجربة ويدعمه البرهان. قصة اكتشاف الأسبرين بدأت تحت صفصافة وارفة الظلال حينما التقط بعضهم قطرات من لحائها المتساقط ليداوى به جرحا بسيطا فانحسر عنه الألم. تكرار التجربة كشف أن لحاء شجرة الصفصاف يحتوى على حامض السلسليك الذى حوله العلم إلى ذلك القرص الأبيض السحرى الذى تعدى استخدامه من مضاد للألم والالتهاب إلى علاج أمراض شرايين القلب التاجية والمخ والوقاية منها. يكمن سر الأسبرين فى قدرته على مقاومة التصاق الصفائح الدموية بعضها ببعض مما يحول دون تكون الجلطة فى الشرايين أيا كان مكان وجودها، لذا تنصح كلية أطباء القلب الملكية بضرورة وجود أقراص الأسبرين دائما فى متناول الكبار وبعيدا عن أيدى الصغار. الجديد فى الأمر أن هناك دراسات حديثة تؤكد قدرة جسم الإنسان على إنتاج الأسبرين بنفسه متى توافرت له مادته الأولية اللازمة لتصنيعه. الملاحظة جاءت من التحقق من وجود آثار للأسبرين فى التحليلات المعملية الخاصة بمكونات دم أشخاص لا يتناولون الأسبرين للعلاج أو أغراض الوقاية. الدراسة نشرتها مجلة كمياء الغذاء والزراعة الأمريكية. وفيها تشرح الطبيبة التى صممت خطة البحث أن حامض السلسليك يضعه الجسم من حامض البنزويك الذى يحصل عليه من تناول الخضراوات والفواكه التى تتمتع بقدر كبير منه. الأشجار والنباتات أيضا تنتج السالسيلات لتدعم مناعتها فى مواجهة اعتداء الطبيعة عليها، الشمس الحارقة والريح المتعجلة دوما والحيوانات التى تقتات على أوراقها. المدهش أن علماء النبات يؤكدون أن نسبة إنتاج السالسيلات ترتفع دائما فى الأجزاء المضارة من النبات كما لو كانت تداوى جروحها بنفسها وتشجع التئامها فهى تخترق مادة الميثيل سالسيلات الخاملة لتحولها إلى مادة نشطة وفعالة هى حامض السلسليك وقت الحاجة إليها. تلفت الدراسة النظر إلى أن آليات جسم الإنسان لديها القدرة على إنتاج ما تحتاجه من مواد مهمة وفعالة كالأسبرين وقت الحاجة إليها حتى إذا لم ينتبه الإسان لغيابها فيتناولها كعلاج أو مكمل غذائى شرط أن يتناول قدرا كافيا من الأغذية الصحية وأهمها الخضراوات والفاكهة.