• «مذكرات زوج» لا يشجع على الانفصال.. والتهميش وغياب التقدير مشكلة الرجل الأساسية • «رءوف» ليس رجلا منحرفا وانجذابه لفتاة صغيرة نقطة ضعف وليس «فراغة عين» • أعرف 10 أصدقاء انفصل منهم 6 فى منتصف العمر.. والاعتراف بالأزمة ليس أمرا مخجلا • طلباتنا ليست تعجيزية.. وكثير من النساء ستراجع نفسها بعد المسلسل • تجسيد الشخصيات البسيطة أصعب من المركبة.. و«الهرشة السابعة» يناقش موضوعا مختلفا • كلمات بسيطة مثل «شكرا» و«لو سمحت» يمكن أن تنقذ بيوتا كثيرة من الطلاق «أنا كنت حاجة و20 وكبرت فى غمضة عين»، بهذه الكلمات اختصرت أغنية تتر مسلسل «مذكرات زوج» الإحساس الذى شعر به «رءوف» الذى يجسده الفنان طارق لطفى، عند مروره بأزمة منتصف العمر، وهى مرحلة انتقالية حساسة، تبدأ من سن الأربعين إلى خمس وستين سنة بالنسبة للرجال والنساء، يختلف فيها منظور الشخص للأشياء والوقائع فى حياته ويختلف تعامله معها، وكأنه يقوم ببناء شخصيته من جديد. فى هذا الحوار يتحدث الفنان طارق لطفى ل«الشروق»، عن سبب حماسه لتقديم شخصية رجل يمر بأزمة منتصف العمر، وإلى أى مدى كانت هذه الشخصية صعبة فى تجسيدها مقارنة بالأدوار المركبة التى قدمها فى «جزيرة غمام» و«القاهرةكابول» و«ليلة السقوط»، كما يكشف عن أنه عانى من هذه الأزمة فى حياته، ويوضح كيف تجاوزها. يقول طارق لطفى: جذبنى لتقديم مسلسل «مذكرات زوج» هذا العام، أن «رءوف» إنسان وقصته حقيقية جدا، والجميع بشكل أو بآخر مر بهذه التجربة، ربما لا يكون التمرد بنفس الشكل الذى فعله فى المسلسل، لكن أزمة منتصف العمر، فى النهاية مثبتة علميا، وتحدث للرجال والنساء، وإن كانت تكون أكثر وضوحا على الرجل. وميزة المسلسل أنه إذا تم تقديمه قبل 30 سنة سينجح، وإذا تم تقديمه بعد 30 سنة سينجح أيضا، وإذا تم ترجمته إلى لغات أخرى سينجح، لأن الأزمة التى يتناولها إنسانية حقيقية يعانى منها الجميع فى كل العالم. من أدوار مركبة مثل التى قدمتها فى «جزيرة غمام» و«القاهرةكابول» و«ليلة السقوط» لمسلسل اجتماعى لايت.. هل التغيير كان قرارا؟ - التغيير هذا العام كان قرارا وليس صدفة.. فقناعتى أن صناعة «حالة الدهشة» هى جزء كبير من تركيبة النجاح، وهذا يتحقق بذهابك إلى مناطق فى التمثيل لا يتوقع جمهورك أن تذهب إليها، كما فعلت هذا العام بتجسيد شخصية «رءوف» البسيطة، والتغيير يجعلنى كممثل أستمتع وأتحدى نفسى، ولا أستسهل الرهان على المتوقع والذى يعتقد البعض أن نجاحه مضمون مع الجمهور. وبالمناسبة، تجسيد الشخصيات البسيطة أصعب بكثير من المركبة، لأنها لا يكون لها ملامح واضحة، عكس مثلا الشخصية الصعيدى أو الإرهابى أو الشرير، تكون أكثر وضوحا ويسهل تقمصها. فمثلا عندما نمشى فى الشارع، مؤكد سيكون بجوارك «بنى آدم» لديه حدوتة مهمة، لكن لأنه إنسان عادى بسيط لن تتوقف عنده ولن تنتبه، فأن تعمل على تحويله إلى شخص ملفت مع الحفاظ على هذه البساطة هذا هو الأصعب فى التمثيل. هل تقصد أن «رءوف» فى «مذكرات زوج» أصعب من «خلدون» فى «جزيرة غمام»؟ - الشخصيات التى لها قالب محدد مسبقا مثل «خلدون» فى جزيرة غمام، النجاح فيها يكون متوقفا على إتقان الممثل لطبيعة هذه الشخصية المرسومة على الورق، لكن الشخصيات البسيطة لا تكون مضمونة النجاح، لأنها رغم عدم وجود ملامح لها، تتغير طول الوقت خلال الأحداث، ولذلك سنجد أن شخصية «رءوف» اختلفت بعد أن ترك المنزل وانطلق فى كل شىء، بداية من طريقة المشى إلى ألوان الملابس وتسريحة الشعر، ورغم أنها ليست تغيرات جذرية ملفتة، لكنها تصل إلى المشاهد. الرجل يرى أنه عادة يكون مظلوما فى الدراما ووجهة نظره غائبة.. هل ترى أن المسلسل أنصفه؟ - المختلف فى «مذكرات زوج» أنه تناول القصة من وجهة نظر الرجل، بشكل إنسانى وبسيط جدا، وربما هذا لم يكن معتادا فى الدراما، فوجهة نظر الرجل عادة تكون غائبة، لكن المسلسل سلط الضوء عليها، ولذلك حصل جدل كبير، وأعتقد أن كثيرا من النساء ستراجع نفسها بعد المسلسل، لأن كل ما يحتاجه الرجل هو التقدير فقط. فالرجل فى حالة «رءوف» كل طلباته كانت بسيطة وليست تعجيزية، وهناك مشهد يوضح طبيعة الأزمة، عندما حول لها مصاريف مدارس أبنائهم وجزء إضافى من أجلها، فقالت له أعملك تمثال يعنى ما هو دا دورك، فى حين أنه كان ينتظر كلمة «شكرا» فقط، فغياب التقدير هو مشكلة الرجل الأساسية. النساء ستراجع نفسها بعد المسلسل أم ستغضب بسبب الانحياز لوجهة نظر الرجل فى التناول؟ - جمهور النساء لم يغضب، بالعكس المسلسل دفعهن لمناقشة أنفسهن، والكثير ممن أعرفهن وصل لقناعة أن الرجل يكون معه حق عندما يهرب من المنزل، لأنه لا يسمع على مدار حياته كلمة «شكرا». لكن ما أزعج النساء فى المسلسل، أن «رءوف» انجذب لفتاة صغيرة، فنظرة المرأة لما فعله أنه نوع من «السرمحة» و«فراغة العين»، رغم أنه فى الحقيقة ليس رجلا منحرفا، وحاول الحفاظ على بيته، لكنه بالفعل فى أزمة حقيقية. وبالمناسبة هو كان تفكيره برىء عندما تعرف على «هدى» الفتاة التى تصغره سنا، لذلك أكد لزوجته شيرين أنه لا يخونها، لكنه فى هذه اللحظة كان يحتاج إلى شريك فى حياته، بحث عند زوجته ولم يجد، فأصبحت نقطة ضعف عنده، دخلت منها هذه الفتاة التى تعرف عليها. لكنه لم يكن يريد أن يصل إلى هذه النتيجة، فهو حاول كثيرا، وعندما لم يجد أملا، غادر المنزل. هذا يعنى أنك متعاطف مع «رءوف» وتعتبره ضحية؟ - أنا متعاطف جدا مع رءوف، فهو بنى آدم لطيف، وشخص مستقيم جدا، ليس فى حياته إلا أنه يذهب إلى الشغل ويجلس مع أولاده، يحب زوجته، لكنها لا تقدره ولا تعطيه مساحة للتعبير، فوجد نفسه «مهمشا»، وبالمناسبة هذه هى مشكلة الرجل بشكل عام، أن الزوجة والأبناء يعتبرونه شخصا مضمون الوجود، وأن كل ما يقوم به مهما كان فوق طاقته من المسلمات، وهذا ليس طبيعيا. صحيح من حق الأبناء والزوجة أن يشعروا بأن الأب هو الأمان بالنسبة لهم وموجود إلى ما لا نهاية، لكن فى نفس الوقت لابد أن يتم تقدير تعبه، فالرجل يحبط جدا عندما ترى الزوجة أن كل ما يبذله من جهد هو دوره ولا يستحق الشكر عليه، وفى المقابل إذا رأى الرجل أن دور زوجته هو الطبخ والنظافة والاهتمام بالأبناء فهو أمر محبط جدا بالنسبة لها، لابد أن يكون هناك شراكة وتقدير، حتى إذا كان كل طرف يقوم بدوره المطلوب منه. وفى المسلسل، نعطى رسالة للأبناء أيضا، ونعلمهم أن يقولوا لوالدهم شكرا، لأنه يفعل كل ما فى وسعه لتكون حياتهم أفضل، ولذلك هو يستحق شكرا. المسلسل هنا يحذر البيوت التى تعتقد أنها مستقرة أم يشجع على الانفصال لتكون حياة الطرفين أفضل؟ - المسلسل لا يشجع على الانفصال لكى يكون الطرفان أفضل، ولكنه دعوة للطرفين أن يتصرفا بشكل أفضل وهم معا حتى لا يخسرا بعضهما البعض. علاقة الزواج ليست علاقة سجين وسجان، فالإنسان يتزوج ليس فقط لينجب ويكون أسرة، ولكن أيضا ليكون نفسى، فإذا لم تتحقق السعادة، سيكون هناك إحباط، وربما يكون ذلك دافعا للانفصال. وقناعتى الشخصية أن هناك كلمات بسيطة مثل، «شكرا» و«لو سمحت» و«كتر خيرك» و«آسف تعبتك» يمكن أن تنقذ كثيرا من البيوت من الوصول لمصير «رءوف وشيرين». هل كان مقصودا عدم مرور الزوجين بأزمات اقتصادية طاحنة حتى لا تكون الشماعة لعدم وجود السعادة؟ - بالفعل كان مقصودا ألا يكون هناك أزمة اقتصادية طاحنة حتى يكون واضحا أن غياب السعادة ليس فقط لعدم توافر المال، كما أننا تعمدنا أيضا ألا تكون المرأة «بايخة»، فهى سيدة منظمة ومسئولة وتسعى إلى الكمال، لكن بعض التفاصيل تكون مزعجة بالنسبة لزوجها، فهى تهمشه، وتعيش معه فى ضغط مستمر، فغابت المتعة بالحياة. لكن رغم أن رءوف وشيرين من الطبقة المتوسطة، فالحقيقة أن هذه الأزمة يعانى منها الرجل فى جميع الطبقات، فلو عامل بسيط عاد لبيته بعد يوم عمل طويل ولا يستطيع أن يصلب طوله، فقابلته زوجته بجملة «كتر خيرك»، هل سيكون نفس الشخص الذى تلتقيه زوجته بجملة مزعجة ليس فيها أى تقدير، فالأحاسيس ليست رفاهية وليست مرتبطة بعامل اقتصادى ولا طبقة اجتماعية. فى تجربتك الحياتية.. هل عانيت من أزمة منتصف العمر التى مر بها «رءوف»؟ - نعم عانيت من أزمة منتصف العمر، فالمسلسل يتناول قصة مر بها أشخاص كثيرون، وأنا شخصيا مررت بجزء من الأحداث التى شاهدناها فى المسلسل. ف«منتصف العمر» أزمة يمر بها كل الناس بشكل أو بآخر، المهم أن تفهمها وتستوعبها وتلحقها، وأن يستوعبها الطرف الآخر ويلحقها معك ويقدرها، لأنها بالفعل أزمة حقيقية. فالرجل يأت فى لحظة ويسأل نفسه «أنا فين؟»، كيف وصلت حياتى إلى هنا.. ما هذا الروتين؟ فالرجل لابد أن يهتم بأسرته، ولكن فى الوقت نفسه إذا لم يهتم بنفسه لن يستطيع الاهتمام بأسرته، فليس من المنطقى أن تنتهى حياة الرجل لكى يبنى حياة أبنائه، فمن الممكن ان تكون حياته وحياتهم أفضل بطرق سهلة وبسيطة. وبالمناسبة أنا أعرف 10 أصدقاء، بينهم 6 حالات لجأوا لقرار الطلاق فى أزمة منتصف العمر، وأكثر من صديق يظن أننى أحكى قصته، لدرجة أن أحدهم جاء لى وقال أنت تعرف بأن زوجتى اسمها شيرين ومهندسة، والآن أنا أمامها متهم بأننى حكيت لك تفاصيل ذكرتها بالمسلسل، ولى صديق آخر كانت كل مشكلته أن زوجته لم تكن تسمعه، فأصبح لديه صديقة فقط لتسمعه وليست علاقة، وهذا يدفعنا للتأكيد على أنه إذا لم يكن هناك تفاهم حقيقى بين الزوجين، فالأزمة تتطور لطلاق. تجاوزت هذه الأزمة بمفردك أم بمشاركة آخرين؟ - تجاوزت هذه الأزمة مع زوجتى، بفهم شديد جدا. نحن نحتاج مساعدة الطرف الآخر طول الوقت، لأن فى المشاعر لا يوجد إنسان خارق. والاعتراف بمرور الرجل بأزمة منتصف العمر ليس أمرا مخجلا، فهى أزمة حقيقية يمر بها الرجال والنساء، ربما تكون أكثر وضوحا عند الرجال، ولكن البعض للأسف يراها شيئا مخجلا، لأن البعض يختصرها فى أن الرجل يكون مراهقا عندما يمر بأزمة منتصف العمر. «رءوف» فى المسلسل لجأ لكتابة مذكراته بعد ما وصل لهذه الدرجة من الإحباط واليأس.. هل طارق لطفى يكتب مذكراته؟ - لا أحب كتابة المذكرات، ولم أعتد عليها، أنا أفضل الحكى، أقول ما أشعر به طول الوقت، لكن لا أمارس فعل الكتابة، جزء من شخصيتى وتركيبتى أننى أعبر عما أشعر به عن طريق الحكى وليس الكتابة. أخيرا.. كيف رأيت الربط بين مذكرات زوج والهرشة السابعة؟ - لم أشاهد «الهرشة السابعة» حتى الآن، لأننى كنت أواصل التصوير إلى يوم 10 رمضان تقريبا، لكن قيل لى أن الموضوعين قريبين من بعضهما. «الهرشة السابعة» يتحدث عن الحياة بين شخصين فى السنة السابعة، وهذه نظرية معروفة، لا يستطيعا التعامل مع بعض، فيستعرض مشاكلهما اليومية، لكن «مذكرات زوج» يتحدث عن أزمة حقيقية يمر بها الرجل، من وجهة نظر الرجل، نحن نتحدث عن حلول بسيطة جدا وفهم بسيط جدا يجعل الحياة أفضل، وتجعل الطرفين يمران من الأزمة بسهولة.