أمام مائدة تحمل أصنافا من حلوى الأطفال، وثلاجة مشروبات غازية على يسار الدكان، تجلس هدى، 28 عاما، تدير مشروعها الصغير بفخر. «كنت قاعدة فى الدكانة مكان أبويا، ولاقيت 3 ستات بيدونى ورقة مؤسسة خيرية اسمها باب رزق وتليفوناتها، وزعوها على كل الستات اللى فى المنطقة». كان ذلك منذ سنة ونصف السنة، ولم تتحدث هدى أكثر من 10 دقائق مع مندوبات المؤسسة، ولكنها تحدثت مع جيرانها فى المنطقة، من بائعات الخضار وأصحاب الدكاكين الصغيرة، حتى قررن الذهاب للمؤسسة. «ما طلبوش منا غير صورة البطاقة وشهادة الميلاد، والمتجوزة بتقدم قسيمة الجواز، واحنا الخمسة بنضمن بعض». هذه شروط الحصول على القرض الجماعى، إلا أن مؤسسة باب رزق لا تصرف القروض الجماعية إلا للسيدات فقط. من يومها حصلت السيدات الخمس على القرض، وأطلقن على المجموعة اسم «مجموعة سمسم»، وأصبحت هدى المسئولة عن جمع الأقساط لأنها الأكثر تعليما. «القروض الجماعية مخصصة للستات بس، وما ينفعش يبقى فى وسطهم راجل، لأن الستات متعاونة أكتر مع بعضها، وأفضل من الرجالة فى تسديد القروض». مؤسسة باب رزق الجميل التابعة لرجل الأعمال السعودى عبداللطيف الجميل، تم افتتاحها فى فبراير 2009 بمنطقة إمبابة. وتمنح القروض الجماعية من ألف إلى 4 آلاف جنيه، بمسئولية تضامنية بين المقترضين. سيد الغول مدير مؤسسة باب رزق يقول إن المؤسسة لا تحصل على فوائد. «كل اللى بناخده 160 جنيها مصاريف إدارية عشان رأسمال المؤسسة ما يتاكلش، وفى بند فى عقد القرض بينص على المصروفات الإدارية». تلتزم هدى بقسط نصف شهرى قيمته 58 جنيها، «يعنى مرتين فى الشهر، وأنا اللى بجمع الأقساط من المجموعة». حتى الآن نجحت مجموعة «سمسم» فى دفع أقساط القرض فى موعده لمدة 10 أشهر. يشرح سيد الغول أن المؤسسة تقدر المصروفات الإدارية حسب حجم القرض، «القرض الفردى مبلغ يبدأ من 5 آلاف جنيه لحد 10 آلاف، وده مبلغ كبير لازم المقترض يدفع 600 جنيه قبل صرف الشيك، لكن القرض الجماعى مبلغ صغير وما بناخدش عليه غير 160 جنيها مصاريف إدارية بيتقسموا على الأقساط». هدى تستكمل تعليمها الآن بالجامعة المفتوحة فى كلية التجارة، وتنوى الاقتراض من جديد بعد سداد القرض القديم، فتقول «المرة دى ها أخد قرض 1500 جنيه، وأجيب تلاجة آيس كريم وأزود البضاعة، أحسن من خدمة البيوت». «الأفضل فى مساعدة الناس، خلق فرص عمل جديدة، مش تمويل مشروعات صغيرة، لأن القروض بتروح لناس هى فعلا عندها مشاريع، مش عاطلة عن العمل». محمد واكد معيد بجامعة أمستردام وباحث فى شئون تمويل المشروعات الصغيرة، يقول إن برنامج مؤسسة الجميل لا يختلف كثيرا عن برامج البنوك التجارية، لأن الفائدة التى تسمى بمصروفات إدارية فى برنامج الجميل تمثل 160 جنيها فى حالة فئة القرض من ألف جنيه حتى 4 ألاف، ويساوى 16% فائدة وهو ما يوازى الفائدة على القروض فى البنوك التجارية. «البنوك التجارية تغطى جميع تكاليفها من سعر الفائدة، وبتحقق ارباحا وبالتالى ما عندهاش مصروفات إدارية، لدرجة إن بنك القاهرة بدأ فى إنشاء شركة متخصصة لتمويل المشروعات الصغيرة». يرى واكد أن «حسبة» الجميل تختلف مع صرف القروض الأكبر، حيث يدفع مقترض الفئة من 5 آلاف جنيه حتى 10 آلاف جنيه 600 جنيه فقط أى 6% فائدة، وهى نسبة ضئيلة تكاد تغطى تكاليفه فقط مقارنة بالبرامج التجارية التى تتقاضى فائدة بشكل صريح. «المؤسسة صرفت أكثر من 9 ملايين جنيه قروضا لفئة القرض الجماعى من فبراير 2009 لحد مارس لأكثر من 8 آلاف عميل، وفئة القرض الفردى مليونين و400 ألف جنيه لنحو 350 عميلا». سيد الغول يتحدث عن ميزانية المؤسسة منذ أن بدأت نشاطها فى العام الماضى، إلا أن محمد واكد يرى أن نسبة القروض التى تم صرفها لفئة القرض الجماعى تقع فى حدود ألف جنيه لكل عميل، وفئة القرض الفردى وصل قرضها إلى 7 آلاف جنيه تقريبا لكل عميل. «فى كل الأحوال معظم تمويل المشروعات الصغيرة بيروح لأصحاب المشروعات الصغيرة، عشان عندهم خبرة فى السوق، ولما بتروح للمبتدئين نسبة المخاطر بتكون 80%».