يسعى الفلسطينيون إلى تكرار التجربة المصرية في إنشاء (تمثال نهضة مصر) عبر اكتتاب وطني لإقامة صرح للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش وحديقة تحمل اسم بلدته (البروة) في المكان الذي وري فيه جثمانه الثرى في رام الله. وقال ياسر عبد ربه رئيس مؤسسة (محمود درويش) التي تأسست بعد وفاته "إن الفكرة (إنشاء الصرح والحديقة) تقوم على السماح لكل فلسطيني بالتبرع ماديا أو من الجهد الذاتي لانجاز هذا المشروع الوطني". وأضاف خلال احتفال بيوم الثقافة الفلسطينية مساء يوم السبت الذي أقرته الحكومة بمناسبة ميلاد درويش في الثالث عشر من مارس "سيتم إقامة لوحة رخامية لا مانع من أن تمتد عشرات الأمتار لكتابة اسم كل من يساهم بدولار فأكثر لانجاز هذا المشروع". ووزعت خلال الاحتفال نشرة تضمنت تصميم الصرح والحديقة الواقعة على تلة جنوبرام الله مشرفة على القدس كتب فيها "في العام 1928 دشن المصريون تمثال نهضة مصر أهم أعمال الفنان محمود مختار بعد حملة للاكتتاب الوطني أسهمت فيها جميع فئات الشعب المصري وأشرف عليها قادة الحركة الاستقلالية في مصر من أمثال سعد زغلول وهدى شعراوي". وأضافت النشرة "وعلى غرار المصريين سيبني الفلسطينيون حديقة البروة وصرح محمود درويش في رام الله عن طريق الاكتتاب الوطني العام تعبيرا عن إرادة الشعب وتحت شعار شاعرنا لنا فمن عاش لنا يعيش إلى أبد الدهر معنا". وأوضح عبد ربه أنه خلال مداولة الفكرة أعلن عدد من رجال الأعمال والمؤسسات التبرع بمبالغ مالية ترواحت بين 200 ألف دولار ومئة دولار وقال "صرح محمود درويش تعبير عن الوفاء والاعتزاز بالثقافة الوطنية ورمزها الكبير". وتوفي درويش في التاسع من أغسطس 2008 إثر مضاعفات لعملية جراحية في القلب أجريت له في هيوستون بالولايات المتحدة، وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض خلال كلمة له بالاحتفال بيوم الثقافة عن تبرع الحكومة بمبلغ نصف مليون دولار للبدء في إنشاء هذا المشروع مع استعداده لاستكمال الدعم لإقامته. ودعا فياض الكتاب والأدباء والإعلاميين والمثقفين في ذكرى الاحتفال بميلاد شاعر فلسطين إلى المشاركة في صياغة "ميثاق شرف ثقافي". وقال "فإنني أعلن وفي يوم الثقافة الفلسطينية ومن على منبر محمود درويش وما يمثله من مكانة في حياتنا الثقافية ومستقبلها عن توجه الحكومة لاعتماد ميثاق شرف ثقافي ليكون دليلها في التعاطي مع كل المبدعين والمثقفين والإعلاميين والكتاب والفنانين والصحفيين والأدباء والباحثين والعلماء وأصحاب الرأي". وأضاف قائلا "وبما يضمن لهم الفضاء الحر غير المسقوف إلا بالسماء وتحريم كل أشكال الرقابة والمنع والكف والملاحقة بكل أشكالها وسيكون عنوانا أساسيا فيه أن لا شرط على الحرية إلا المزيد منها والمزيد من العمل على إيجاد مساحات أكثر اتساعا للرأي والرأي الآخر دون اعتراض أو تجريم". وشهد احتفال الليلة الماضية تسليم جائزة محمود درويش في دورته الأولى مناصفة بين الكاتبة المصرية أهداف سويف والكاتب الجنوب إفريقي برايتن برايتنباخ إضافة إلى العديد من الفقرات الفنية التي قدمتها فرقة الثلاثي جبران والفنانان عمار حسن وعبد الرحمن علقم والفنانة سناء موسى. وقال عبد ربه "الجائزة ستصبح تقليدا سنويا دائما تمنح فيه للمبدعين في المجالات الثقافية المختلفة -دون حصرها في الشعر فقط- لأولئك الذين يمثلون قضية الإنسان والحرية والتقدم". وأضاف "إعلاننا عن هذه الجائزة لهذا العام وعن منح هذه الجائزة إلى برايتن برايتنباخ وأهداف سويف هو تعبير عن البعد الإنساني العميق الذي جسده محمود درويش عبر أعماله ومسيرة حياته الإبداعية بأكملها.. محمود درويش كان صوتنا وكان صوت الإرادة الإنسانية عند كل المبدعين والمدافعين عن حرية الإنسان وحرية الشعوب في عالمنا الأوسع".