تواصل أزمة مستلزمات الإنتاج الصناعية تكدسها فى الجمارك بسبب عدم القدرة حتى الآن على توفير الدولار المطلوب، إلى جانب استمرار دخول بضائع جديدة من الخارج تم التعاقد عليها مسبقًا وهو ما يزيد من أزمة خروجها، بحسب ما ذكره مصدرون عاملون فى قطاع الصناعة، مؤكدين فى الوقت نفسه أن قرار إلغاء الاعتمادات المستندية لم يؤثر حتى الآن بالإيجاب على المصانع. قال محمد البهى، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، ورئيس لجنة الضرائب والجمارك، إنه حتى الآن لم يتم السماح بدخول المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة بسبب عدم القدرة على توفير دولار لها، مشيرا إلى أنه على الرغم من إلغاء الحكومة قرار الاعتمادات المستندية والعودة بمستندات التحصيل إلا أن المشكلة لم يتم حلها ومازالت المصانع تعانى من عدم القدرة على الإنتاج الكامل. وتمكنت بنوك داخل السوق الأسبوع الماضى من توفير دولار يستخدم فى طلبات المستوردين بعد سماح البنك المركزى الأسبوع الاخير من ديسمبر الماضى بالعودة بالعمل من جديد بمستندات التحصيل بعدما تضرّر العديد من المصنّعين والشركات ورجال الأعمال من قرار العمل بالاعتمادات المستندية الذى صدر فى فبراير 2022 على خلفية الحرب. وألغى البنك المركزى المصرى قرارا يشترط على المستوردين فتح اعتمادات مستندية عند القيام بعمليات الاستيراد، والذى يرى البعض أنه تسبب فى تكدس الواردات فى الموانئ. وأعلن المركزى الأسبوع قبل الماضى، إلغاء قراره الصادر فى فبراير الماضى الذى قضى بوقف التعامل بمستندات التحصيل فى تنفيذ جميع العمليات الاستيرادية والعمل بالاعتمادات المستندية فقط، بعد وعود سابقة للبنك بتيسير شروط الاستيراد. ولفت البهى إلى أنه تم السماح باستثناء المواد الخام من قرار الاعتمادات المستندية بعد توجيهات الرئيس السيسى لكنه فى الوقت نفسه لم يتم التنفيذ بسبب عدم توفير العملة الخضراء. يشار إلى أن القرار الملغى، الذى صدر لمواجهة نقص العملة الأجنبية والحد من تدفقها للخارج، كان يتضمن بعض الاستثناءات، وقد أصدر البنك المركزى كتابا دوريا فى أكتوبر رفع قيمة الشحنات المستثناة من شروط فتح الاعتماد المستندى من 5 آلاف دولار أو ما يعادلها من العملات الأخرى إلى 500 ألف دولار أو ما يعادلها. وأضاف البهى ل«مال وأعمال الشروق»: «نحتاج إلى صدور قرار بتوفير الدولار وخروج كل المنتجات العالقة بالجمارك ولا يقتصر فقط الأغذية والأدوية». وأوضح عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، أن كل مصنع لديه عمالة ومصروفات وبعضها تأثر بشكل كبير يهدد استمراريتها، مشددًا على ضرورى حل المشكلة مرة واحدة حتى لا تتأثر المصانع، ومنوها إلى أن الجمارك تشهد كل يوم وصول بضائع جديدة من شأنها تزيد الأزمة. فيما أكد مصدر باتحاد الصناعات، أنه لم يتم خروج أى من المنتجات العالقة والمرتبطة بقطاع الصناعة، لافتا إلى أنه لم يخرج إلا مواد غذئية وأدوية فقط ولا يوجد أى مستلزمات إنتاج صناعية تم خروجها حتى الآن. وأضاف المصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه: «تحريك أسعار الصرف الأخيرة سيكون لها صدى سلبى يؤثر على الأسواق الفترة المقبلة موضحا ان الوقت غير مناسب لها». وأوضح أن قرار إلغاء الاعتمادات المستندية لم نشعر به بسبب عدم توافر الدولار فى البنوك من أجل الاستيراد وخروج البضائع المتراكمة فى الجمارك. وقد تسببت أزمة العملة الصعبة فى تخفيض قيمة الجنيه المصرى مرتين فى عام 2022، وزيادة أسعار الفائدة المعيارية فى أحدث قرار للجنة السياسة النقدية بمقدار 300 نقطة أساس. اشتراط فتح الاعتمادات المستندية دفع المستوردين إما إلى التوقف عن الاستيراد أو الاضطرار إلى جلب العملة الأجنبية من السوق السوداء، مما يترتب عليه ارتفاع التضخم فى الحالتين. أعلنت مصر فى وقت سابق من الأسبوع الحالى أنها تعمل على إنهاء مشكلة تكدس الواردات فى الموانئ، علاوة على تصريحات الرئيس السيسى بأن البنوك ستضمن توفير العملات الأجنبية الضرورية فى غضون أيام.