رئيس الوزراء يفتتح أكبر مستودع لوجستي للتجارة الإلكترونية لشركة «جوميا»    قرض ب35 مليون يورو لإنشاء خط سكة حديد الروبيكي- بلبيس    السيسي يوجه الحكومة بزيادة التعويضات في حادث طريق أشمون    الرئيس السيسي يوجه بطرح مطار الغردقة للشراكة مع القطاع الخاص    ترامب يعلن إنهاء المفاوضات التجارية مع كندا «فورًا»    الحرس الثوري الإيراني: سنرد على أي اعتداء جديد "بشكل مختلف وأشد قوة"    وسائل إعلام لبنانية: طائرة إسرائيلية موجهة عن بُعد تستهدف سيارة في "كونين" جنوبي لبنان    الهلال السعودي يكشف موقف المصابين من مواجهة مانشستر سيتي بمونديال 2025    صبحي وحبشي يتفقدان نادي بورسعيد ويؤكدان دعم الدولة لتطوير البنية التحتية للأندية    محمد زويد يكتب: وسام أبو علي لاعب من طراز رفيع وبيعة خسارة لن تعوض    «أؤمن بكم».. كريستيانو رونالدو يوجه رسالة ل جماهير النصر السعودي    أحمد سليمان: الأهلي أنفق مبالغ طائلة على الصفقات.. ونتائج المونديال جاءت مخيبة للآمال    التضامن الاجتماعي: صرف 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفي بحادث المنوفية    محافظ الدقهلية ورئيس هيئة السكك الحديدية يفتتحان وصلة خط قطار بلقاس - المنصورة    كيف تتظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالمنوفية؟    بين ليالي مراسي وهولندا.. روبي تعيش نشاطا فنيا مكثفا خلال موسم صيف 2025    محافظ الدقهلية يتفقد حملة التبرع بالدم بمستشفى بلقاس «تبرعك بالدم حياة»    مدرب بالميراس: لن نُغيّر أسلوبنا أمام بوتافوجو وسنسعى لإيقافهم    "زيلينسكي" يعيد تشكيل هيئة أركان الجيش ويعين قائدا جديدا للقوات المشتركة    عودة الهضبة وعمرو مصطفى للتعاون الفني.. أبرز ملامح ألبوم عمرو دياب الجديد    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    أحمد السقا يشوق الجمهور لفيلمه الجديد مع أحمد فهمي "أحمد وأحمد"    وزير الزراعة يبحث مع نظيره الهولندي تعزيز التعاون المشترك بين البلدين    وزير التعليم العالي ومحافظ دمياط ورئيس جامعة دمياط يفتتحون ويتفقدون عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة دمياط    الاتحاد الإفريقي يرحب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    الطائفة الإنجيلية تنعى ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    تحذيرات من عواصف وأمطار رعدية في الصين    هشام عاصي: مسئولو محافظة المنوفية يتهربون من الحديث عن كارثة حادث الإقليمي ولا يردون على اتصالاتنا    نقل حي ومُباشر لمبارايات الأدوار الإقصائية لكأس العالم للأندية من أمريكا حصريًا على شاشة MBC مصر2    الأرصاد تحذر: حرارة محسوسة 39 درجة بالقاهرة الكبرى.. وارتفاع الرطوبة يزيد الإحساس بالطقس    الحبس سنة لمتهم قتل شخصا في الإسكندرية.. ووقف تنفيذ العقوبة لمدة 3 سنوات    إسفكسيا الغرق وراء وفاة شاب بمياه الرياح الناصري    نقيب المحامين ينعي ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    عاجل| الحكومة تقرر صرف 1500 جنيه لهؤلاء المواطنين بعد شهريين: شوف لتكون منهم    "الفنية العسكرية" توقع اتفاقين لدعم الابتكار في المسابقة الدولية التاسعة    وزير الثقافة يشهد احتفالية البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية بذكرى 30 يونيو    في هذا الموعد.. شيرين عبدالوهاب تحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان موازين ب المغرب    تحت رعاية وزير الثقافة.. انطلاق التحضيرات لمهرجان أكاديمية الفنون للعرائس وتعيين إدارة تنفيذية جديدة    حقيقة خصخصة الجامعات الحكومية وإلغاء مجانية التعليم| مجلس الوزراء يكشف    الخارجية القطرية تؤكد وجود "فرصة" للتوصل إلى هدنة في غزة    "الصحة" تعلن توقيع 10 بروتوكولات ومذكرات تفاهم بمؤتمر صحة إفريقيا    للتخلص من السعال وبرد الصيف.. طبيبة تنصح بتناول هذا المشروب    اليوم، امتحان مادة "اللغة الإنجليزية" لطلاب القسم العلمي للثانوية الأزهرية    الأهلي يتحرك لحسم ملفات الموسم الجديد.. جلسة فنية بين ريبيرو ويوسف.. الأحمر ينهي صفقة جديدة.. إغراء أبو علي للاستمرار مع الفريق.. واجتماع حاسم للإدارة    6 علاجات منزلية للتخلص من أعراض القولون العصبي    رئيس الوزراء يصدر 3 قرارات جديدة.. تعرف عليها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    إذا أردت أن تتصدق علي صحة جسدك.. فعليك بإقامة تلك الصلاة    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : شهداء لقمة العيش!    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    واشنطن تؤكد لمجلس الأمن: استهدفنا قدرات إيران النووية دفاعًا عن النفس    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    رسميًا.. موعد إجازة ثورة 30 يونيو 2025 للقطاع العام والخاص بعد قرار رئيس الوزراء    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل الأقدار.. مهمة إنقاذ الأمة وبناء نظام يرتقى لقامتها
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 03 - 2010

انقضى زمن طويل من مراهنة النخبة الثقافية والقوى الحية فى الأمة عموما والنخبة السياسية بصفة خاصة، على قيام النظام السياسى بإجراء تغييرات إصلاحية جوهرية، تنهى الحالة المأساوية التى وصل إليها هذا النظام وأوصل مصر إليها وتدنى بوضعيتها الإقليمية والدولية بصورة مفزعة، فضلا عن التردى المروع للأحوال الداخلية فى ظل غياب المؤسسية وضعف احترام القانون وانعدام الديمقراطية، الذى لا تنتقص منه حرية الصياح المتاحة فعليا، وفى ظل انتشار البطالة والفقر وسوء توزيع الدخل والفساد المالى والإدارى والسياسى وانهيار مستوى التعليم والخدمات الصحية العامة ونظام الأجور الفاسد والمفسد ونظام الضرائب غير العادل وتغول الأنشطة الطفيلية.. إلخ، هذه القائمة من علامات التردى الكبير فى مصر.
لكن يبدو أن هذه المراهنة قد سقطت عمليا إلى غير رجعة، فلمرات عدة كانت الفرصة متاحة فيها للنظام لإحداث تغييرات إصلاحية جوهرية دون أن يفعل، لكن القوى الحية فى الأمة بمشاربها السياسية والأيديولوجية المختلفة وبتفتتها الكبير، تفتقد لقيادة ملهمة تستطيع جمع هذه القوى وتحقيق لحمة حقيقية بينها فى مسعى تاريخى لبناء نظام سياسى اقتصادى اجتماعى جديد فى مصر، يرتقى لقيمة وقامة أمتنا العظيمة وميراثها الحضارى الهائل وحقها فى مستقبل لائق ومكان تحت الشمس بين الأمم. وهو افتقاد لا يعنى عدم وجود المؤهلين لهذه القيادة، بل إن هذه الأمة الولاَّدة لديها كثرة من هذا النوع، لكنهم مختلف عليهم بسبب انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية، التى تثير حساسيات الفرق السياسية الأخرى.
وربما من هذا الافتقاد للقيادة التى توحد الجميع، تتعلق آمال الأمة وقواها الحية الساعية إلى الإصلاح والتغيير فى مصر، برجل من خارج الأحزاب والخنادق الأيديولوجية التقليدية وهو الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والحائز على جائزة نوبل للسلام، كقائد مؤهل لهذه العملية النهضوية المنوطة بالأمة وقواها الحية بصورة أساسية والرامية إلى بناء نظام سياسى اقتصادى اجتماعى ديمقراطى وعادل يقوم على دستور يؤسس للفصل بين السلطات والتوازن بينها، ويبنى منظومة حقيقية لاحترام حقوق وحريات الإنسان على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويضع نظاما مؤسسيا لمنع ومكافحة الفساد من خلال أجهزة مستقلة تماما، وبالذات عن السلطة التنفيذية، ومن خلال إجراءات سهلة وخالية من التعقيدات البيروقراطية فى تأسيس الأعمال ومنح التراخيص، وإجراءات صارمة لمراقبة التصرفات فى المال العام والذمة المالية لموظفى العموم والقيادات الإدارية والسياسية عموما، ويضع نظاما عادلا للأجور تكفل للعاملين وأسرهم حياة كريمة وتحصن موظفى العموم، بدلا من اضطرار أعداد كبيرة منهم للتورط فى الفساد الصغير لاستكمال متطلبات حياتهم فى ظل نظام الأجور الحالى الفاسد والمفسد وإصلاح الجهاز الوظيفى العام بصفة إجمالا، ويضع نظاما ضريبيا عادلا يساعد على إعادة توزيع الدخل وتحقيق إيراد عام كافٍ لتمويل الإنفاق العام الضرورى على الصحة والتعليم والدفاع والأمن والاستثمارات الضرورية لدفع النمو الاقتصادى واختراق المجالات المهمة التى يستنكف القطاع الخاص عن الدخول فيها، والمحافظة على مستوى مرتفع من التشغيل لتمكين البشر من كسب عيشهم بكرامة من عملهم وعلمهم فى وظائف حقيقية، ويضع نظاما كفؤا وفعالا للدعم والتحويلات، بما يحقق ضمانا حقيقيا للفقراء وتحفيزا للنمو فى المجالات الاقتصادية الأكثر حيوية لمصلحة الأمة ومستقبل اقتصادها، ويهيئ البيئة الاقتصادية بصورة ملائمة لازدهار الأعمال، وبالذات الأعمال الصغيرة والمتوسطة والتعاونية فى قطاع الصناعة التحويلية وبالذات التصنيع الزراعى والصناعات عالية التقنية، التى تعتمد على كفاءة وعلم البشر بصورة أساسية، من خلال سياسات مصرفية ومالية ونقدية تؤدى إلى تحقيق هذا الهدف، وتخلق بالتالى بابا واسعا لرفع مستوى التشغيل.
ويبدو البرادعى الذى خرج فى الأصل من رحم الدولة والذى يمكن لقطاع واسع منها أن يقبله فى إطار عملية إصلاح وتطوير تحول دون وقوع مصر فى أزمة سياسية-اجتماعية كبرى.. يبدو هذا الرجل بما يحظى به من احترام دولى وما يتيحه له ذلك من حصانة وقدرة على الحركة بمرونة فى قيادة النهوض والإصلاح.. يبدو بالفعل كرجل الأقدار الذى يمكن التوافق عليه وتتعلق به آمال أمة هائلة فى الإصلاح وتغيير المسار والمصير، وفى تقديم نموذج نهضوى ملهم يعيد الهيبة والكرامة ودفة القيادة العربية والإقليمية إلى مصر عن استحقاق وجدارة وليس بالأغانى والإدعاءات السمجة حول القيادة والريادة البعيدة عن الواقع.
فالبرادعى رجل يمكن قبوله كزعيم وقائد من مختلف التيارات السياسية الراغبة فى الإصلاح والتغيير، لأنه ببساطة لم يخض معارك ومبارزات وانقسامات هذه التيارات، كما أن أفكاره بشأن الإصلاح والتغيير فى مصر والتى طرحها فى حواراته المختلفة تركز على الأهداف المشتركة بين مختلف التيارات، وبالذات ما يتعلق منها بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ومواجهة انتشار الفقر والبطالة ومعالجة العشوائيات وإصلاح التعليم بصورة جوهرية وتحقيق درجة مقبولة من العدالة الاجتماعية تضمن تحقيق الاستقرار الاجتماعى الموضوعى وليس المصنوع بقبضة بوليسية تمثل إرهابا حقيقيا للشعب وقواه الحية كما هو الوضع فى الوقت الراهن.
والبرادعى مثل آلاف فى مصر، رجل راقى التأهيل والتعليم، ويتميز بأن لديه خبرات دولية كبيرة، والحصيلة أن مهاراته العقلية والعلمية تؤهله لإدارة دفة الحكم بصورة عالية الكفاءة بالتوافق مع فريق الحكم والسلطات التشريعية المنتخبة ديمقراطيا بدون التزوير المعتاد، وبالتعاون أيضا مع أجهزة الدولة بعد دمقرطتها فى إطار آليات ديمقراطية حقيقية ضمن نظام يتوافر فيه الفصل بين السلطات والتوازن بينها كأسس حاكمة لأى نظام ديمقراطى.
وفضلا عن كل ما سبق فإن النظام السياسى فى مصر تعود على إرهاب الداخل والقمع المادى والمعنوى لأى مطالبة بالديمقراطية الكاملة، بالقول دائما بأن مثل هذه الديمقراطية الكاملة والحقيقية ستأتى بالقوى الدينية السياسية الظلامية والطائفية إلى سدة الحكم، ليبدأ عصر من الانقلاب على أى حد أدنى من الحريات.. بل والدخول إلى تمزيق الكيان الاجتماعى للأمة المزدوجة الديانة والتى لا يحتمل مستقبلها كأمة موحدة بالفعل، أى نظام دينى أو طائفى. وفى هذا السياق لإرهاب الداخل يجرى تضخيم قوة تلك التيارات بصورة بعيدة عن الواقع، كما تتسابق الحكومة وأجهزة إعلامها مع تلك التيارات على التطرف الدينى. كما تعود النظام السياسى المصرى على إرهاب الخارج وبالذات الغرب الذى يطالبه بالإصلاح السياسى والديمقراطي، بأن مثل هذا الإصلاح سيدفع بقوى معادية للغرب سواء من قوى الإسلام السياسى أو الناصريين أو اليسار إلى مقدمة المشهد السياسى، وسيضر بالمصالح الغربية ومصالح الكيان الصهيونى، التى ترتبت وتأسست مع النظام الحاكم فى مصر. كما أن تلك القوى تتضمن فصائل يصنفها الغرب على أنها داعمة للإرهاب، وبالتالى فإنه ليس من المصلحة بالنسبة للغرب أن يدعم الإصلاح السياسى والديمقراطى فى مصر.
وهذه الصيغة التى تفنن النظام الحاكم فى مصر فى ترويجها وإرهاب الداخل والخارج بها، تسقط تماما ولا تستقيم بأى صورة من الصور فى حالة وجود رجل مثل الدكتور محمد البرادعى فى قيادة العملية النهضوية الإصلاحية، فهو رجل ينتمى لقوى التنوير العام غير المتخندق فى ركن أيديولوجى ضيق، وهو مؤمن بعمق بقيمة الحرية ويمكن أن يقود مصر بشكل سريع وواثق وكفء ومتزن إلى بناء نظام ديمقراطى يحترم حقوق وحريات الإنسان على غرار أفضل النظم الأوروبية فى هذا الصدد، وهو فى نفس الوقت قادر على التعامل مع المجتمع الدولى وقضايا العلاقات السياسية والاقتصادية الخارجية فى ظل الاحترام الكبير الذى يحظى به دوليا.
وصحيح أن مصر بها الكثير من الرجال الذين يصلحون للقيام بأدوار كبرى فى عملية التغيير والإصلاح الديمقراطى والاقتصادى والاجتماعى، ومنهم من قدموا تضحيات كبيرة وصمدوا بصورة ملهمة فى نضالهم من أجل التغيير وفى مقدمتهم الدكتور أيمن نور، إلا أن الدكتور محمد البرادعى بكل مواصفاته ومواقفه ومكانته الدولية وتوافق القوى الحية بشأن دفعه إلى مقدمة قافلة الإصلاح والتغيير، هو رجل الأقدار لقيادة مصر من أجل إصلاح أحوال الأمة وبناء نظام يرتقى لقيمتها وقامتها وميراثها الحضارى الهائل وأشواقها للحرية والعدالة الاجتماعية، ويعيد لها مكانتها وهيبتها عربيا وإقليميا ودوليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.