إلى أى مدى يمكن أن يكون للفن دور مؤثر فى المجتمع سواء بالسلب أو الإيجاب، وإلى أى مدى يمكن أن يكون شاهد إثبات على تاريخ حاول الزمن أن يتلاعب به أو غيرت الأيام من ملامحه؟ «مآذن المحروسة» هو العرض المسرحى الجديد الذى يطرح التساؤلات ويجيب عنها وهو إنتاج الفرقة القومية للفنون الشعبية تأليف محمد أبوالعلا السلامونى وإخراج محمد حسن وبطولة محمد الحلو وفتحى سعد وحمدى حفنى ومحمد حجاج وأشعار محمد العسيرى وألحان محمد باهر وديكور وملابس عباس حسين واستعراضات إيناس سعودى. يقول الفنان محمد الحلو تحمست جدا عندما عرض على نص المسرحية لأنه يتحدث فى المقام الأول عن مناهضة المصريين للتطبيع مع إسرائيل، فضلا عن أن الأحداث تجرى أثناء الحملة الفرنسية على مصر ومحاولة الفرنسيين لاستقطاب بعض الفنانين للعمل فى صالحهم ضد مصر، ويضيف: النص مكتوب بشكل رائع حيث تعالج فكرته تلك الحقبة الزمنية وإعادة أحداث التاريخ لنفسها وأنا أجسد دور «سعدون» كبير «المحبظاتية» الذين يغنون فى الموالد والسبوع والأفراح وغير ذلك من المناسبات الشعبية وأقدم فى العرض ثمانى أغنيات فى هذا السياق وما زالت حتى الآن أدرس مع المخرج كيفية تجسيد تلك الشخصية التى أظهر بها للجمهور بشكل جديد خاصة وأن عرض المسرحية سيكون على مسرح مفتوح أى أن الفنانين سيكونون وسط الجمهور وليس على خشبة المسرح. ويقول المؤلف أبوالعلا السلامونى: أظهرت فى هذا النص أهمية الفن ومدى تأثيره على مصير المجتمع من خلال إلقاء الضوء على المقاومة الشعبية التى شهدت بزوغ هذه النوعية من الفرق التى تعتمد على الارتجال والمفردات الشعبية ودوها فى الحركات الوطنية. كما ألقيت الضوء على تعاون مثقفى المحروسة المتمثلين فى مجاورى الأزهر مع هؤلاء الفنانين فى التصدى للاحتلال الفرنسى الذى يمثل إسقاطا على التطبيع مع الإنجليز واليهود وأى عدو لحرية الوطن, كما أن العرض يرد على بعض السلفيين الذين ينكرون أهمية الفن فى المجتمع كما أننى اخترت اسم «مآذن المحروسة» لأن المآذن الإسلامية فى حد ذاتها تحمل فنونا عديدة ترمز لرقى الفنون الإسلامية، فضلا عن تميز مصر المحروسة بمآذنها عالية الهامات. محمد حسن مخرج العرض قال: أعتبر هذا العمل حلم عمرى الذى دائما ما حلمت بتنفيذه على خشبة المسرح وقد ساعدنى فى ذلك إيمان المخرج شريف عبداللطيف، رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية، بأهمية ظهور العرض للنور حيث ذلل لنا كفريق عمل جميع الصعوبات التى تجلت فى ضخامة ميزانية الإنتاج، ويضيف العرض يتناسب مع هوية قطاع الفنون الشعبية لما يحتوى عليه من عناصر الفرجة الشعبية «استعراضات وأغانى وخيال ظل وأراجوز وفنون السيرك القومى». ويؤكد محمد حسن على أن النص المسرحى للرواية كتب بحرفية عالية المستوى مما ساعدنى على الإبقاء على كل عناصرها، غير أننى اختصرت زمن العرض من أربع ساعات إلى ساعتين واستبدلت تلك المدة بأغنيات كوميدية قصيرة دونما إضافة كلمة واحدة للنص. كما أننى حرصت على أن يكون أبطال العرض من أعضاء فى نقابة المهن التمثيلية، إلى جانب فنانى قطاع الفنون الشعبية الذين يعانون من البطالة حيث قدمت بعض هؤلاء الفنانين فى أدوار بطولة مثل حسن على الشريف وإيمان حلمى وعماد عبدالعظيم ووحيد الحامولى ونور الشرقاوى. كما أن الفنان محمد الحلو من أبناء القطاع الذين يحرصون دائما على تقديم الأعمال القيمة على مسارحه وتعتبر مفاجئته فى هذا العرض أنه أصر على أن تكون كل أغنياته مباشرة «لايف» لأنه من الأصوات التى لا تخشى مواجهة الجمهور. ومن المقرر أن يبدأ عرض المسرحية منتصف الشهر المقبل على قصر الأمير طاز بدعم من محمد أبوسعدة، رئيس صندوق التنمية الثقافية.