مدبولي يستجيب لمواطن بشبين القناطر ويأمر بعودته فورًا إلى عمله    وزيرة التخطيط تلقي الكلمة الافتتاحية ب«قمة المرأة المصرية» في نسختها الرابعة    وزير الخارجية يلتقي مع نظيره الباكستاني على هامش منتدى صير بنى ياس    بث مباشر.. تشيلسي يواجه إيفرتون في قمة الجولة 16 بالدوري الإنجليزي الممتاز    ديلي ميل: حسام حسن يتدخل على خط الأزمة بين صلاح وسلوت    غدًا.. أشرف صبحي يطلق 5 فعاليات رياضية في الوادي الجديد    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء يكشف الحقائق حول المتحف المصري الكبير ويطمئن الزائرين استمرار استقبال الزائرين بشكل طبيعي    عروض فلكلورية يونانية ضمن معرض «الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر» في مكتبة الإسكندرية    الجيش الإسرائيلي استهدف قياديا في حماس بقطاع غزة    وفاة المهندس محمد أبو زيد وزير التموين الأسبق    16 طعنا على انتخابات ال19 دائرة الملغاة بالمرحلة الأولى بانتخابات النواب    «الوطنية للانتخابات» تتسلم نتائج 30 دائرة ملغاة قضائيا وتعلنها رسميا الخميس المقبل    تعرف على أسعار الذهب المعلنة على موقع البورصة المصرية (آخر تحديث)    برشلونة يكشف سبب غياب تشيزني عن مواجهة أوساسونا في الليجا    أزمة منتخب طولان فرصة لإعادة البناء    مطالبات بحماية عاجلة للصغار…تكرار الإعتداء على الأطفال فى المدارس مسئولية من ؟    وفاة أبوزيد محمد أبوزيد وزير التموين الأسبق    تأجيل محاكمة 6 متهمين بالانضمام لخلية إرهابية    مأساة في قرية الدير شرق أسنا جنوب الأقصر.. انهيار منزل يؤدي إلى وفاة أم وطفليها وإصابة آخرين    الجامعات تستعد لامتحانات نصف العام الدراسي.. العاصمة: تكليف إدارة التكافل الاجتماعي بتقديم الدعم اللازم للطلاب.. القاهرة تحدد مواصفات الاختبارات.. ومحظورات على الممتحنين داخل اللجان    المكتب الحكومي بغزة يعلن حصيلة جديدة لضحايا منخفض بيرون    رسالة مؤثرة من محمد هنيدي لنجلته فريدة بعد حفل زفافها    حين تصبح المرأة رمزًا وقيادة:    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين فى الدورة 32 للمسابقة العالمية للقرآن    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الجديدة    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    ضبط 121 ألف مخالفة متنوعة في حملات لتحقيق الانضباط المروري خلال 24 ساعة    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    أسعار الفاكهة والخضراوات اليوم السبت 13-12-2025 بأسواق أسيوط    رئيس التعاون الإفريقى: زيارة الوفد المصرى لأنجولا خطوة لتعميق الشراكات الصناعية    بين الفيضانات والحصار.. وزيرة التنمية الفلسطينية تكشف حجم الكارثة الإنسانية في غزة    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    الأمين العام للأمم المتحدة: نقدر التزام الحكومة العراقية بالمضي قدمًا في خطط التنمية    النقابة العامة للأطباء تعقد اجتماعًا موسعًا لمناقشة تطبيق قانون المسؤولية الطبية الجديد    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    روتين صباحي صحي يعزز المناعة مع برودة الطقس    العرجاوي: الغرفة التجارية بالإسكندرية تبحث مع الجمارك و"إم تي إس" ميكنة التصدير    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا لأكثر من 1000 شخص    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    «الست» يحقق 7 ملايين جنيه في أول 3 أيام عرضه بالسينمات    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    بيراميدز يتحدى فلامنجو البرازيلي على كأس التحدي    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أشعلته نوبل «محفوظ» من حرائق!
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 10 - 2022


1
منذ أن انتزع إبداع نجيب محفوظ، للمرة الأولى فى تاريخ اللغة العربية، والأدب العربى، والثقافة العربية ككل، جائزة نوبل المرموقة فى الآداب فى أكتوبر من العام 1988 والتى كان حصوله عليها حدثًا تاريخيًا (كما يصفه الناقد الراحل جابر عصفور) فإن موقع الأدب العربى قد انتقل إلى صدارة المشهد الأدبى العالمى، آنذاك، وأصبح مجالًا خصبًا للبحث والدراسة وتنامِى الاهتمام به والبحث عن روائعه شعرًا ونثرًا، وفتح الأبواب المغلقة أمام نقل هذه الروائع، خصوصًا فى فن الرواية أو شعر الدنيا الحديثة (كما أطلق عليها محفوظ نفسه)، إلى لغات العالم الحية.
ومن يومها، وكما يؤكد النقاد الثقات ومؤرخو الأدب فى الجامعات المصرية والعربية وغيرها فى أوروبا وأمريكا، تشهد حركة الترجمة الأدبية، فى محافلها الدولية، إقبالًا متزايدًا على الترجمة من اللغة العربية للأعمال الروائية التى كتبتها أجيال متعددة، استمر حضورها الإبداعى وتواصل، بعد أن قبست النار المقدسة التى أشعلتها أعمال محفوظ على امتداد الأرض العربية (بتعبير جابر عصفور).
ولم تقتصر عملية الترجمة على الجيل الذى ينتمى إليه محفوظ فقط أو ما سبقه من أجيال، بل تجاوزته إلى جيل الستينيات الشهير ثم السبعينيات وما بعدها، وصولا إلى المبدعين المعاصرين فى مصر وجميع أنحاء العالم العربى، خصوصا فى السنوات العشر الأخيرة.
2
قبل حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل فى الآداب، لم يكن أحد يجرؤ على طرح اسم عربى للترشح للجائزة باستثناء أسماء طه حسين وتوفيق الحكيم (وربما على استحياء اسم يحيى حقى).. وقد ثبت بعد ذلك أن طه حسين وتوفيق الحكيم قد رشحا من قبل جهات ومؤسسات لنيل الجائزة، وإن كانت مؤسسة نوبل ذاتها فيما أعلنته من وثائقها السرية التى أفصحت عنها بعد مرور خمسين سنة، أن اسم طه حسين كان قد رشح بصورة رسمية مثبتة فى أوراقها.
من جهته كان نجيب محفوظ على يقين بأن نوبل إذا ذهبت إلى أحد من أبناء العربية فلا يمكن أن تتجاوز اسم توفيق الحكيم الذى كان يعتبره محفوظ المؤصل الأول والحقيقى للفن المسرحى والروائى فى أدبنا العربى الحديث. وكان محفوظ صادقا تماما فى تقديره واحترامه الكبيرين لاسم توفيق الحكيم ومكانته الكبرى فى تأسيس وتأصيل الأنواع الأدبية الحديثة؛ كما صرح بذلك مرارا وعبر بحروف وكلمات تكاد تتشابه عن هذه الفكرة.
وما أكثر من حدثته نفسه بالجائزة المرموقة فى حياتنا الأدبية آنذاك، ولهم كل الحق فى ذلك، لكن المشكلة كانت على الحقيقة، ومع كل التقدير والاحترام لهذه الأسماء وإبداعاتهم، أنهم جميعا كانوا يقدمون إبداعاتهم فى مناطق وزوايا محدودة جماليا وإنسانيا، أو اقتصارا على قضايا وموضوعات بذاتها (إدوار الخراط، يوسف إدريس، فتحى غانم، وغيرهم).
ولم يكن هناك من مشروع إبداعى متكامل استطاع أن يستوعب جماليات الفن الروائى كما ظهر فى أوروبا وتطوراته على مدى قرن ونصف القرن وأن يقدم تجربة إبداعية استوعبت هذه الجماليات وطورتها وأضفت عليها أيضا مسحة من خصوصية فريدة تجلت فى اللغة التى طوعها محفوظ بامتياز للفن الروائى وأثبت أن اللغة العربية قادرة بامتياز على أن تقدم للعالم أدبا روائيا وإبداعا سرديا يقف على قدم المساواة إن لم يتفوق أيضا على كثير من الأعمال التى أبدعت بلغات أخرى وفى آداب متنوعة من آداب العالم.
3
لكن على ما يبدو فإن تطلعات بعض الكتاب والأدباء المصريين بالأخص، وبعض الكتاب العرب، إلى الجائزة المرموقة لم تكتف بهذا التطلع بل جاوزته إلى النيل من محفوظ شخصيا بعد أن فاتتهم نوبل، وذهبت إلى من يستحقها بجدارة. ورغم حالة الفرح الشعبى والعارم بفوز محفوظ بالجائزة فإنه ما كادت تمر أسابيع معدودة حتى اندلعت الحرائق تهاجم محفوظ، وتحاول أن تنال منه على كل المستويات؛ أدبيا وإنسانيا، وتتهمه بأبشع التهم، وفى الوقت الذى تنمرت فيه تيارات التطرف الدينى واستُنفِرت جماعات الإسلام السياسى التى شنت حملات شرسة ومجنونة على محفوظ، وركزت هجومها بالطبع على «أولاد حارتنا» مدعية أنه فاز بنوبل لأجلها! أقول فى الوقت ذاته، انفتحت جبهة أخرى قادها بعض الكتَّاب للأسف ممن أفرغ كامل طاقته وغضبه وثورته على محفوظ الذى فاز بالجائزة، ولم يفز بها من كان يتطلع إليها ويسعى لنيلها بكل الطرق والوسائل!
وكان مما أذاعه بعض هؤلاء فى معرض اتهامهم لمحفوظ بأنه لم يكن لينال نوبل لولا دعم الصهيونية العالمية له!! وأن إسرائيل قد ساندت محفوظ لموقفه من اتفاقية السلام!! أو لمواقفه السياسية التى كانوا يرونها مؤيدة للنظام المصرى فى سياسته الخارجية تجاه القضية الفلسطينية، منذ أعلن الرئيس السادات عن مبادرته للسلام، وزيارته لإسرائيل ومن ثم توقيع اتفاقية السلام فى كامب دافيد عام 1979.
4
الغريب والمدهش فى هذه الاتهامات العجيبة التى لا تصمد أمام أى تفنيد عقلانى أنها فعلا متهافتة للغاية وخطابية للغاية وكان باديا للجميع أنها مجرد «شوشرة» و«طلقات صوت فارغة» الغرض منها إفساد الفرح، ولا شيء آخر.
ولعل من بين أبرز أهم الردود التى كتبها بعض النقاد العارفين بأدب محفوظ ونصوصه، ومنهم الراحل الكبير رجاء النقاش على سبيل المثال قد أكد مرارًا أن من أراد أن يعرف محفوظ على الحقيقة فليذهب مباشرة إلى أدبه نفسه، ونصوصه المدهشة التى حمَّلها خلاصة آرائه ومواقفه النقدية الحقيقية فى السياسة والاجتماع والتأملات الفلسفية والنظرة إلى العالم وعلاقتنا به، ومتخذا من «الحارة المصرية» تكثيفًا مصغرًا للكون، بأسراره الفيزيقية والميتافيزيقية، بواسطة عقل مبدع فذ، قادر على أن يجمع الرؤى الكونية والهموم الإنسانية فى رموز لا نهاية لثرائها، تبهر القراء بجمالها وتعدد مستوياتها ونفاذ رؤيتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.