تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب صلاح عيسى، الذي ولد في 14 من شهر أكتوبر لعام 1939، بينما توفاه الله تعالى في 25 من شهر ديسمبر لعام 2017، عن عمر يناهز 78 عامًا. يعتبر كتاب رجال ريا وسكينة من أهم مؤلفات عيسى، فهو طرح عن ريا وسكينة وجهة نظر لم تطرح من قبل، فذكر عيسى في كتابه أن المجتمع عامل القاتلتين بقسوة، فقيل إنهما حرقا جثث ضحاياهم، وقاما بتقطيعها إلى قطع صغيرة، ولكن هذا لم يحدث على أرض الواقع. أوضح عيسى في كتابه أن المجتمع على سبيل المثال تعامل مع أدهم الشرقاوي الذي قتل أيضًا تعاملًا مختلفًا، فبفضل السير الشعبية، تحول الشرقاوي من قاتل مأجور إلى بطل مغوار، عرضت قصته في العديد من المسلسلات والأفلام، بالرغم من أنه قتل مصريين أكثر من الإنجليز. شرح عيسى في كتاب رجال ريا وسكينة تمرد السيدتين على التقاليد الصعيدية لأنهما في الأصل بدويتان، ودلل على ذلك بتعدد علاقات سكينة، حتى عندما كانت متزوجة من أحمد رجب، الذي أحبته لدرجة هروبها من منزل عائلتها للزواج منه والعيش معه. حاول عيسى من خلال كتابه تسليط الضوء على الحياة الشخصية لريا وسكينة، فذكر أن العمل بالسخرة في قناة السويس، وقيام الحرب العالمية الأولى، جعل الشعب يعاني من الفقر، مما جعل الشقيقتان تتجهان إلى طريق البغاء والجريمة، أما رجالهما عبد العال وحسب الله، فانضما لهما بعدما أصبحا سوابق لإدمانهما على تدخين الحشيش وشرب الخمر، فلم يوجد أمامهما أي طريق سوى سلك طريق الجريمة. وكشف عيسى في كتابه عن واقعة فريدة، صنفها البعض على أنها واقعة وطنية لسكينة، ولكنها بعيدة كل البعد عن ذلك، فهي كانت تسرق اللحم الفاسد من ثلاجات الإنجليز، وتقوم بوضع مادة معينة عليه لإزالة رائحته السيئة، ثم تبيعه للمصريين بثمن بخس، والذين لم يمانعوا تناول طعام فاسد لرخص ثمنه. قبض الإنجليز على سكينة، وتم الإفراج عنها بعد أسبوعين فقط، وهذه كانت المواجهة الوحيدة بين سكينة والإنجليز، ليس بسبب الوطنية، ولكن بسبب السرقة. أثبت عيسى خلال كتابه تقصير الشرطة في القبض على ريا وسكينة، لأنهم لم يبحثوا عن السيدات المختفيات بحجة أنهن يمارسن البغاء، فاستطاعت ريا وسكينة قتل السيدة الأولى ثم الثانية والثالثة بنفس الطريقة، حتى قتلا 27 امرأة، فالسبب وراء اكتشافهما والقبض عليهما كان انتشار الذعر بين المواطنين بعد تعدد الاختفاءات، وليس اهتمام الشرطة في الأساس بالقبض على القاتل.