نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025 لطلاب الثانوية العامة.. الرابط وخطوات الاستعلام فور ظهورها    جدول مواقيت الصلوات الخمسة غدا الثلاثاء 12 أغسطس في المنيا والمحافظات    سعر الذهب اليوم الاثنين 11-8-2025 في مصر.. الأصفر يلتقط أنفاسه بعد الارتفاع (عيار 21 الآن بالصاغة)    رسميًا.. آخر موعد لحجز شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025 لمتوسطي الدخل «سكن لكل المصريين 7»    تُعقد بعمّان.. رئيس الوزراء يُغادر مصر للمشاركة في فعاليات الدورة ال 33 للجنة المصرية الأردنية    مصادر ل«العربية»: وفد حماس في القاهرة لإعادة التنسيق وتهدئة التوتر مع مصر    مجلس صيانة الدستور الإيراني: نزع سلاح حزب الله حلم واهم    «الحرارة تتخطى 40 درجة».. تحذيرات من موجة حر شديدة واستثنائية تضرب فرنسا وإسبانيا    رئيس نادي الاتحاد السكندري يبحث الملفات العالقة مع وزير الشباب والرياضة    فابريجاس: وقعت في فخ برشلونة 12 مرة.. وينتظرني طريق طويل    مهاجم مانشستر يونايتد الجديد: إبراهيموفيتش قدوتي وأتمنى مقابلته يومًا ما    مصرع شخصين بينهم طفل في انقلاب سيارة نقل على الصحراوي الغربي في سوهاج    «بعد كارثة كورنيش الشاطبي».. 13 نصيحة عاجلة من محافظة الإسكندرية للعبور بأمان (تفاصيل)    «فلاش باك» الحلقة 3.. زياد يبدأ تتبع أول خيط لكشف لغز مقتل مريم بعد صدمة التواصل عبر الزمن    في ذكرى وفاة نور الشريف.. صلاح عبد الله يرثيه بقصيدة مؤثرة (فيديو)    المكتب الفني لمفتي الجمهورية: مؤتمر دار الإفتاء يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على الفتوى    الشباب والرياضة و"مكافحة الإدمان" يعلنان الكشف المبكر عن تعاطى المخدرات    رد حاسم من كهرباء الإسماعيلية على مفاوضاتهم مع محمود كهربا (خاص)    القولون العصبي وأورام القولون- 3 أعراض للتفريق بينهما    لافتة إنسانية.. محافظ الفيوم يعلّق العمل الميداني لعمال النظافة خلال ذروة الموجة الحارة    رابط المناهج المطورة للصفوف من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي    غدًا.. إعلان النتيجة الرسمية لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 (تفاصيل)    استمرار فعاليات البرنامج الصيفي للطفل بمديرية أوقاف الفيوم بمشاركة الأئمة والواعظات    تفسير رؤية الدجاج في المنام.. الدلالات النفسية    رمضان عبد المعز يفسر قوله تعالى: "وأما بنعمة ربك فحدث"    هل الأموات يسمعون ويراقبون أحوال الأحياء؟.. الإفتاء تجيب (فيديو)    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية مع ارتفاع الحرارة ورفع الرايات التحذيرية    صحة مطروح: 3720 قرار علاج على نفقة الدولة ب11.2 مليون جنيه منذ بداية 2025    ما حكم تأخير الإنجاب فى أول الزواج بسبب الشغل؟ .. عضو بمركز الأزهر تجيب    محافظ الأقصر يبحث مع وفد الصحة رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية بالمحافظة    برعاية وزارة الشباب والرياضة.. تكريم شيري عادل في مهرجان إبداع بدورته الخامسة    روسيا تعزز قاعدتها وتزيد عدد قواتها في القامشلي شمال شرقي سوريا    شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز الدعم العلمي والدعوي والتَّدريب الديني    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    شوبير: كوبري وسام أبو علي؟ عقده مستمر مع الأهلي حتى 2029    سلوت: ليفربول بحاجة لتحسين الأداء الدفاعي    "اليوم" يعرض تقريرا عن الفنان الراحل نور الشريف فى ذكرى وفاته    عرض خاص لفيلم درويش بطولة عمرو يوسف اليوم    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية خلية العجوزة    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    محافظ الإسكندرية يتفقد بدء تنفيذ مشروع توسعة طريق الحرية    قصة المولد النبوى الشريف مختصرة للأطفال والكبار    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    إجراء 15 عملية قلب مفتوح وقسطرة علاجية في الفيوم بالمجان    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    تداول بضائع وحاويات 18 سفينة في ميناء دمياط خلال 24 ساعة    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    حظك اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسبوع الفرص الضائعة
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 03 - 2010

تطوران مهمان حدثا فى الأسابيع الماضية لم تتمكن الدبلوماسية والإعلام العربى أن يوظفانهما فى تطويق وردع استمرار استباحة إسرائيل لحقوق الشعب الفلسطينى.
التطور الأول: تقرير القاضى الجنوب إفريقى جولدستون، والثانى، الاستياء وحتى الغضب العارم فى الدول التى زوَرت إسرائيل جوازات سفرها من أجل تنفيذ عملية اغتيال المبحوح. وزير خارجية أستراليا الذى نوه إلى أن «هذا العمل من شأنه، وبعد التحقيق، أن نعتبر إسرائيل دولة غير صديقة».. مما يعنى فى اللغة الدبلوماسية أنها «دولة خارجة عن استقامة السلوك فى العلاقات الدولية».
فى هذه الأجواء التى تبدو فيها إسرائيل محاصرة حتى من قبل أصدقائها أخلاقيا ومعنويا وإلى حد كبير سياسيا لم تتوافر آلية تنسيق عربية إعلاميا ودبلوماسيا لتلقى الأضواء الكاشفة لحقيقة السلوك الإسرائيلى، ليس فقط الخارق للقوانين الدولية ولحقوق الشعب الفلسطينى، بل تكشف أيضا أن هذا السلوك منبثق عن جذور عقائدية للصهيونية التى تعتبر أن العالم مسئول تجاهها، ولكن هى بدورها ليست مسئولة تجاه المجتمع الدولى لمختلف قوانينه وشرعيته وتعريفه لحقوق الإنسان. مما يفترض أنها فوق المساءلة وأن المجتمع الدولى إذ ينتقدها أو يطعن بقراراتها أو يسائلها، ناهيك عن معاقبتها عندما يكون خرقها للشرعية الدولية بشكل شرس واستفزازى وكثير ما يكون مهينا، عندئذ تقوم إسرائيل بترجمة أى تحد لها وكأنه تهديد «لحقها فى الوجود».
لعل أحد تجليات التردد ظهرت فى بيان الاتحاد الأوروبى الذى طعنت إسرائيل رموز السيادة لعدد من دوله بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، وأيرلندا بتزويرها لجوازات السفر لهذه الدول. إلا أن الإدانة فى البيان لم يرافقها تسمية إسرائيل، مما ينطوى على هذا التردد رواسب قلق من أن تعتبر التسمية تعبيرا عن لا سامية قائمة أو كامنة، بمعنى آخر أن الإرهاب الفكرى والإعلامى والسياسى الذى قامت به إسرائيل، بجعل أى نقد لها أو أى حرص على حقوق من سلبتهم إياها أى الشعب الفلسطينى ينطوى على جذور لا سامية و«ثقافة الكراهية لليهود».
يتجلى هذا الإرهاب الإعلامى الذى تمارسه إسرائيل وكذلك الأمر مارسته قبلا بأن كل تباين أو اختلاف أو خلاف أو ردع لممارسات إسرائيل، هو بمثابة زرع بذور التهديد، لا لإسرائيل فحسب، بل لإسرائيل اليهودية وإسرائيل دولة يهود العالم. إن دولة إسرائيل اليهودية التى تطالب بها إسرائيل، وتطالب السلطة الفلسطينية بالاعتراف بها كدولة يهودية ودولة ليهود العالم، كادت أن تتبناها المبادرة الفرنسية الإسبانية الأخيرة التى تنطوى على الاعتراف بدولة فلسطينية إذا أعلنت السلطة الفلسطينية كيانا لدولتها أو دولة لها بما يضمن الأمن لإسرائيل اليهودية. وكان الرئيس الأمريكى أوباما مثل أسلافه قد صرح بأنه «يطمح إلى إحراز سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية، مع بذل إدارته الجهد لاستدامة العلاقات التاريخية بين إسرائيل والولايات المتحدة»، كما سبق وذكر أوباما فى خطابه فى القاهرة منذ عام أن العلاقات بإسرائيل «غير قابلة للنقض».
إن السلام الحقيقى بنظر إسرائيل يتحقق فقط بمفاوضة مباشرة يقبل فيها الفلسطينيون شرعية إسرائيل على أنها دولة يهودية ويعترفون بالحاجة إلى المصالحة، وفى هذا الصدد تؤكد إسرائيل دائما بأنها «قامت بتنازلات ذات شأن وأن أى تأخيرات أخرى من قبل الفلسطينيين لن تكون مقبولة». كما أشار فى هذا الصدد إياب فوكسمان «المدير العام لرابطة ضد إساءة السمعة» فى جريدة «إسرائيل اليوم» بتاريخ 11/2/2010 «أن على الرئيس أوباما تأكيد العمق الأخلاقى والإستراتيجى للعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بأن الأمر حاسم بالنسبة للصراع العالمى مع شرعية إسرائيل ولاسيما على خلفية تقرير جولدستون».
يتبين أن موضوع يهودية إسرائيل كتعريف مرافق للاعتراف بها، هو كما سبق أن أشرنا فى عجالة سابقة أن هذا التأكيد على «يهودية إسرائيل» يستهدف إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتمكين قانون العودة من استقطاب المزيد من اليهود كما حصل لهجرة اليهود الروسية وكما هو حاصل بوجود الأمريكيين فى المستوطنات فى الضفة الغربية. هذا الإلغاء لحق العودة وتمكين قانون العودة هو التكريس الواضح والصريح للعنصرية التى ينطوى عليها المشروع الصهيونى. نشير إلى هذه الحقائق، وتردد أو تكاسل النظام العربى فى ردع التمادى الإسرائيلى فى ممارسته الإرهاب الفكرى والتمدد الاستيطانى، وتثبيت ثم تقنين التمييز العنصرى ضد المواطنين من أصول عربية، كما التأكيد أن التمييز شرعية قائمة فى هذا الموضوع، فلماذا إذن لم يكثف النظام العربى مجهوده الدبلوماسى والإعلامى فى تسليط الأضواء بشكل متواصل ومكثف حتى لا تتهاوى القضية الفلسطينية من كونها قضية مصيرية للأمة العربية إلى مجرد مشكلة عالقة.
وإذا كانت الممارسات التى تقوم بها إسرائيل، والتى كثيرا ما أدينت فى قرارات الأمم المتحدة، والتى تعتبرها إسرائيل «تشويش على العلاقات الدولية»، فإن اللجوء إلى الأمم المتحدة يبقى واردا وضروريا. لكن يجب أن يقترن هذا اللجوء مع التزام لاتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية رادعة، مثل عودة تطبيق قرارات المقاطعة التى تكاد أن تكون مهمشة وتعليق العلاقات الدبلوماسية التى من شأنها أن تساعد على إقناع العالم بجدية إلزامها بهذه الحقوق التى تستبيحها إسرائيل يوما بعد يوم كما نشاهد فيما يحصل يوميا فى القدس والآن فى الخليل ونابلس ناهيك عما حصل من مجازر ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة. إلا أن التمادى الإسرائيلى فى تحدى النظام العربى الذى سوف ينعقد على مستوى القمة فى طرابلس بليبيا فى أواخر شهر مارس المقبل يجب أن «يجابه» بإجراءات رادعة، تتمثل بالتأكيد على ثوابت الشعب الفلسطينى، والتأكيد ألا يكون هناك أى تفريط بأى من الحقوق التى أكدتها الشرعية الدولية، وتأكيد الإجراءات الردعية التى شرعتها قرارات جامعة الدول العربية.
إن البوادر المتكاثرة على ما أشرت إليه من تطويق وحصار أخلاقى ومعنوى يجب أن يتحول إلى حصار سياسى جاد متمتع بالمصداقية، بأن نوحد خطابنا السياسى والإعلامى، وأن يتم هذا من خلال تفعيل إمكانيات فكرية وإعلامية على المستوى العربى، حيث إن هناك فرصا متاحة إذا لم نوظفها فى هذه المرحلة العصيبة من تاريخ أمتنا العربية نكون قد أهملنا ما يجب أن يفعل، وهمشنا ما يجب أن يعزز، واستمرينا فى اجترار ما نحن عليه من إهمال لقدرة سخاء عطاءاتنا الكامنة من إهمال وتكاسل، وأبقينا أحوالنا فى واقع التفكيك الراهن وما ينطوى عليه من احتمالات التفتيت كما شاهدنا فى السنوات الماضية. عندئذ قد يتم تهميش حضورنا القومى على المستوى الدولى.
حتى ما أشار إليه «أرون دافيد ميلار» الذى عمل فترة طويلة فى أوصال «مسيرات السلام»، قد قال «إن الأمر انتهى بالولايات المتحدة من القيام بدور محامى إسرائيل بدلا من الوسيط المؤتمن»، ثم أضاف «أعتقد أن الضغوط لم تغير مسارها فيما أخذت تتنامى الحاجة إلى أن ينفذ أوباما وعوده الانتخابية، فالصراع قد أخذ يقضم الأمن الأمريكى وينهش أى احتمال ناء لا يزال باقيا لحل الدولتين ويجعل مستقبل إسرائيل غامضا ويشتت الفلسطينيين ويلتهم كل محاولة لجسر الهوة بين الغرب والإسلام»، ويضيف «إلا أنه لا يمكن أن ينظر إلى الاضطهاد الماضى لليهود على أنه ترخيص لتعريض شعب آخر أى الفلسطينيين للأمر ذاته».
هذا قول أرون دافيد ميلار وهو مثل جولدستون وريتشارد فولك وغيرهما كثيرون من يهود العالم الذين يشكلون دائرة الوجدان اليهودى.. بمعنى أن مجابهتنا للصهيونية بتجلياتها التى تعظم التمييز العنصرى هى ليست فقط لاسترجاع الحقوق الشرعية للشعب الفلسطينى وتصحيح التشويهات للحضارة العربية والإسلامية، بل هى تأكيد لحق كل يهودى مثل كل إنسان أن يكون حقه فى الانتماء للدول التى هو مواطن فيها، وأن يتمتع بدون أى تردد بحقه فى المساواة والكرامة والانتماء وما يوفره هذا الوطن من حقوق وواجبات. إن القمة العربية تنعقد هذه المرة ولعلها فرصة يمكن أن تستعيد من خلالها إذا استقامت القرارات وكانت على مستوى المسئوليات القومية أن تكون جسرا لعودة الأنظمة إلى دفء شعوبها.. ولعل هذا هو التحدى الأكبر أمامنا اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.