في إحدى شوارع حي شبرا العتيق، تمسك "سمر" المنشار وتقطع الأخشاب بأناملها الناعمة فتصنع قطعًا فنية مفعمة بالرقة والجمال. ورثت سمر، ورشة نجارة عن والدها هي وأخواتها البنات، وكأنها تجسد فيلم "يارب ولد" للراحل فريد شوقي الذي تم إنتاجه عام 1984، حيث كانت ذريته فتيات فقط، وكان تاجر أخشاب، وعندما زوج بناته لم يجد في أزواجهن رجاء في إدارة شؤون أعماله خلال فترة مرضه. لكن إحدى بنات الأسيوطي "فريد شوقي" قررت هي وأخواتها أن تدير أعمال والدها لتثبت أن الست من الممكن أن تكون "ب100 راجل" أفعال لا أقوال. رد جميل سمر عبدالحميد أو نادية كما مثبت في بطاقة الرقم القومي، فتاة ثلاثينية شربت مهنة النجارة من يد والدها منذ طفولتها، حيث كان يصطحبها معه وتقف بجانبه إلى أن بدأت تساعده في سن المراهقة، لتقرر بعد وفاته أن تستمر وتسير على خطاه. رحل والد سمر منذ 5 سنوات تاركًا خلفه 5 بنات، وسمر هي الرابعة في ترتيب أخواتها والتي قررت عن دونهن أن ترد الجميل لوالدها. في بداية عملها، الزبائن كانت تستغرب وجود بنت في الورشة وتظل تبحث عن رجل لتحدثهم سمر أنها هي المسؤولة وأنها تعلمت أصول المهنة على يد والدها، ومع الوقت بدأت الناس تألف وجودها وتثق في عملها. مهارة وإتقان وتقول سمر، إنها تستطيع صُنع نفس شكل وتصميم الأثاث التي يريده الزبائن، وأنها تعمل في خشب الكونتر في زان، عمولة وليس سوقيا. وتشكو الفتاة الثلاثينية، من المضايقات التي تتعرض لها خلال عملها بالورشة، لا سيما من بعض الجيران الذين ظلوا يلاحقونها وصلت إلى تقديم بلاغات أمنية ضدها؛ ما جعل أسرتها تخشى عليها وترفض عملها أحيانًا. مضايقات تؤكد "الأسطى سمر"، أن البنات أقوياء جدًا عكس الرجال، وأنها تشعر بالرضا عما حققته في ورشة والدها وأنها لم تتركها مغلقة بالرغم مما تتعرض له من مضايقات وأنها بنت ب100 راجل فعلا، وأفضل من كثير من الشباب الذين يجلسون على المقاهي دون عمل. وأرسلت رسالة أمل لكل الفتيات والسيدات بأن يواصلن السير وعدم الاكتراث بأي انتقادات سلبية أو مضايقات، وهناك الكثير أمثالهن ممن تعملن في الحدادة والنجارة والسواقة والسباكة وغيرها من المهن الشاقة، وأنهن أقوياء جدًا مهما عصفت بهن الرياح.