"إنجي أبو الورد" طبيبة أسنان محبة للبيئة تهوى الرسم منذ الصغر رسمت طريقها إلى النجاح بطريقتها الخاصة، وحلّقت خارج السرب لتترك بصمة مميزة في عالم الفن التشكيلي بإعادة تدوير المخلفات وصناعة التماثيل بشكل لا يضر البيئة، إلى أن أصبحت سفيرة التنمية المستدامة في وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية. تماثيل مبهرة – أغلبها لأشخاص أصحاب بشرة سمراء- مصنوعة من الورق معاد التدوير والاستخدام، دفعتنا للتواصل مع الفنانة صاحبة الإبداع. "إنجي أبو الورد" طبيبة أسنان محبة للبيئة تهوى الرسم منذ الصغر رسمت طريقها إلى النجاح بطريقتها الخاصة، وحلّقت خارج السرب لتترك بصمة مميزة في عالم الفن التشكيلي بإعادة تدوير المخلفات وصناعة التماثيل بشكل لا يضر البيئة، إلى أن أصبحت سفيرة التنمية المستدامة في وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية. تماثيل مبهرة – أغلبها لأشخاص أصحاب بشرة سمراء- مصنوعة من الورق معاد التدوير والاستخدام، دفعتنا للتواصل مع الفنانة صاحبة الإبداع.
رحلة إثبات الذات اتخذت "إنجي" شعار "أنا أقدر" لتُحقق ذاتها، إذ كانت دائمًا تتمنى الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، ولكن رفض العائلة حال دون ذلك؛ بسبب مجموعها المرتفع في الثانوية العامة؛ الأمر الذي أهلها لدراسة طب الأسنان. وقالت في تصريحات للشروق، إن طبيب الأسنان لابد أن يكون فنانًا، وأن ما يجعل المجالين مندمجين هو أن كليهما يركز على التفاصيل الدقيقة، وهو ما أكدته عندما قالت: "كنت بمر بأزمة نفسية، وعشان اطلع الضغط اللي جوايا دورت على اليوتيوب عشان اعرف ازاي أبدأ انفذ هوايتي على أرض الواقع". وبدأت مشوارها الفني بعدما كانت تبحث عن هدية تذكارية بسيطة لصديقتها النيجيرية، وكانت هذه الشرارة التي لطالما انتظرتها، وبالفعل انطلقت "إنجي" في طريق فن (Paper Mache)، وهو فن صناعة التماثيل باستخدام عجينة الورق، ولم تكتف بذلك بل ابتكرت بعض المواد والخامات التي تساعد في الحفاظ على تماسك التمثال وعدم كسره. وتابعت: "اتفرجت على فيديوهات ازاي اعمل عجينة الورق، واكتشفت إنه عند تشكيل التمثال بالعجينة مش شرط تقليد شكل معين، أنا بطلع الفن اللي جوايا، ومع الوقت اخترعت مواد عشان التمثال ميتكسرش". واتضح من أعمال "أبو الورد"، التي شملت العديد من الثقافات، مدى حبها وتركيزها على التراث الإفريقي؛ وذلك لانبهارها بكل ما يتعلق بالقارة الإفريقية من عادات وتقاليد وتفاصيل ملامح الوجه والألوان الزاهية، وعلى الرغم من تعرضها للانتقادات بسبب تجسيد التماثيل في الغالب للبشرة السمراء، إلا أنها لم تلتفت إليها واستمرت في سيعها إيمانًا منها برسالة مفادها (لا للتمييز)، قائلة: "البشرة السمراء جمال من نوع آخر، واللي كان بيضايقني هو أن فيه ناس كانت دايمًا تقولي ايه التماثيل السودا دي؟!، فعشان كدا قررت أكمل عندًا فيهم، واثبت أن مفيش فرق بين أبيض وأسود أو أسمر، كلنا واحد".
مسيرة احترافية اتجهت "إنجي" لعرض أعمالها في العديد من الفعاليات: الأسبوع العربي للتنمية المستدامة، الذي يحتل مكانة مميزة في ذاكرة "إنجي"، إذ خلاله اشترت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة "هالة السعيد" بعض هذه الأعمال، كما أنه بسبب هذه الفعالية أصبحت "إنجي" عضوًا في مبادرة (كن سفيرًا) للتنمية المستدامة والمناخ، وتدربت فيها لمدة عام ونصف، وأخيرًا تم اعتمادها كمدربة للتنمية المستدامة من وزارة التخطيط، وفي الوقت ذاته لم تتوقف عن السعي في طريقها، إذ إنها تستعد للمشاركة في معرض "تراثنا" للحرف اليدوية، الذي سيعقد في الفترة من 9 حتى 15 من أكتوبر المقبل. وتُوجّت مجهودات "أبو الورد" بحصولها على لقب سفيرة التنمية المستدامة، وكذلك اختيارها ضمن سفراء المناخ لمؤتمر المناخ السابع والعشرين للأمم المتحدة (كوب 27)، الذي سيعقد في شرم الشيخ في نوفمبر القادم. وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات، إلا أن شعلة طموحات "إنجي" ما زالت مستمرة، وهو ما اتضح عندما قالت: "لسه قدامي كتير عايزة احققه"، فهي ترغب في نشر أعمالها في أنحاء العالم كافة، وتأسيس مدرسة فنية متكاملة لإعادة تدوير المخلفات والخردة والورق وغير ذلك، وعرض أعمال المدرسة في الأماكن والمعارض السياحية. كما بيّنت سر نجاحها واستمرارها: "أنا عنيدة شوية، ومش بحب أفشل في أي حاجة أنا بعملها، وكمان اللي بيخليني أكمل هو أن الناس بتراهن على قدراتي، فكل دا بيحفزني إن أفكر كويس في كل خطوة وأحاول انجح دايمًا".
نصائح مجتمعية رأت أنه في ظل اهتمام الدولة بالمشروعات المتوسطة والصغيرة، ينبغي مساعدة أصحاب مشاريع إعادة التدوير وتقديم الدعم الكافي لهم، وكذلك توفير الأماكن اللازمة لعرض منتجاتهم وأعمالهم، وضرورة وجود قانون يمنع حرق المخلفات ويعاقب كل من تخول له نفسه فعل ذلك، وأيضًا معاقبة من يبيع المخلفات دون علم وزارة البيئة. وفي سياقٍ متصل، أكدت ضرورة توعية المجتمع، خصوصًا الأطفال، بقضايا البيئة وأزمة تغير المناخ، التي يعتبر أحد أسبابها بعض السلوكيات اليومية الخاطئة، وذلك من خلال بث حلقات يومية تهدف إلى تصحيح هذه السلوكيات، وعقد العديد من الفعاليات بشأن البيئة وكيفية المحافظة عليها، فضلًا عن تخصيص عدد من سلات المهملات المقسّمة، فمثلًا سلة للبلاستيك، وسلة للأوراق، وسلة للمعادن، وغيرها. وفي الختام، وجّهت "إنجي" نصيحة للشباب، وهي ضرورة تنمية مواهبهم أيًا كانت وقدراتهم وإمكاناتهم، حتى يحققوا اكتفاءً ذاتيًا ويضعوا اللبنة الأساسية لمستقبلهم المشرق، قائلة: "الشباب لازم يشتغلوا على نفسهم شوية، وميتحججوش بالظروف، ويشتغلوا أي حاجة حتى لو مش في مجالهم، لأن الشغل مش عيب، وكمان لازم ميستعيبوش مواهبهم لأنها سر تميزهم".