تكاليف تنظيم دورة لندن الأوليمبية الصيفية عام 2012 في ارتفاع مستمر بسبب الأزمة المالية ، بعكس الأسهم المالية التي تنخفض في بورصات العالم ، ومحافظ الاستثمار "التي تتدحرج" إلى أسفل ، وهو أمر بات يؤرق المنظمين ويثير حذر اللجنة الأوليمبية الدولية. ومنذ حصول العاصمة البريطانية على شرف تنظيم الدورة الأوليمبية في 6 يوليو 2005 ، قفزت التكلفة المقدرة ثلاث مرات (من 4ر4 مليار يورو إلى 5ر12 مليار) ، مما طرح الصوت مجددا عن أن ملف ترشيح أي مدينة لتنظيم البطولات الأوليمبية تبتعد عادة عن الواقع ، وتبدو أشبه بقصص خيالية يتم تأليفها لضمان الفوز بالتنظيم فقط ، وتكاد تشبه "سيناريوهات هوليوود وأفلام حرب النجوم" ، وهو التعبير الذي استخدمه الكندي ريتشارد باوند نائب الرئيس السابق للجنة الأوليمبية الدولية ، حيث اعترف بأن "ملفات الترشيح يتم إعدادا فقط لإقناع أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية ، وبعد ضمان الفوز تلقى في سلة المهملات"! وفي هذا الإطار ، يبدو أن "لندن 2012" لن تكون استثناء ، ويعزز هذا الاعتقاد الراسخ الأزمة المالية العالمية الراهنة التي رفعت تكلفة الأوليمبياد عما هو مذكور في ملف الترشيح ، وهو ما جعل كثر يرددون أن العاصمة البريطانية لا تحتاج إلى ألعاب أوليمبية لكي تتجاوز الانكماش الاقتصادي ، علما بأن الأحداث الرياضية الكبرى هي في حد ذاتها استثمارات تنموية مجزية إذا أديرت بشكل جيد. وبالتأكيد ، فإن المنظمين يعولون على الألعاب الأوليمبية ومنافساتها والنشاط الذي تحدثه في المدينة ليطلقوا التنمية في منطقة شرق لندن ، مع ما ستوفره من فرص عمل يقدرها رئيس اللجنة المنظمة سيباستيان كو بالآلاف ، "فضلا عن الشقق الجاهزة ومشاريع النقل العام". ويحصر بوريس جونسون عمدة لندن الزيادة في الموازنة ب"9ر2 مليار يورو فقط" ، جازما أن "ألعاب لندن 2012 ستكون أصغر من مثيلتها في بكين 2008 وأكثر حميمية وأقل كلفة ، وبالتالي سنوفر أفضل ألعاب وفق معادلة التكلفة والنوعية". أما التحول المنتظر فسيكون في تعديلات ستطول مرافق الدورة ، مما يضمن توفيرا مقداره 110 ملايين يورو بعد تبديل مواقع مضمار سباقات دراجات الضاحية وحقل الرماية وساحة الفروسية وإهمال تنفيذ "البارك المائي" الذي صممته المعمارية العراقية الشهيرة زها حديد. ويبدو أن تمويل ورشة القرية الأوليمبية التي ستحتضن 17 ألف شخص (3ر1 مليار يورو) ، يواجه متاعب أيضا ، ومبدأ بيع الشقق بعد انتهاء الألعاب الأوليمبية على غرار ما هو شائع في "مدن أوليمبية" يصطدم بتراجع أسعار العقارات في ضوء الأزمة الاقتصادية ، وبعد أن توقع المنظمون أن ترتفع الأسعار بنسبة 6% وفقا لحركة السوق ، اقترب التراجع الحاد من 20% ، والشركة الأسترالية "لاند ليز" التي فازت بمناقصة إدارة المشروع تجد صعوبة في تأمين مستثمرين وممولين. وسعيا إلى خفض التكاليف ، تم طرح فكرة خفض عدد الشقق المقرر بناؤه (1200 شقة) ، مما يعني تخصيص شقة لكل خمسة رياضيين بدلا من أربعة ، والمركز الإعلامي الدولي الذي قدرت تكلفة بنائه ب500 مليون يورو قد يستعاض عنه بإنشاءات مؤقتة. ولكن بالنظر إلى الجزء الممتليء من الكوب ، فإن اللجنة الأوليمبية الدولية تبدي حتى الآن اطمئنانها إلى "حسن سير الأمور" ، والوزيرة تيسا جويل المكلفة بملف الدورة تصفها بأنها "دولة ستدر ذهبا على الاقتصاد وتعيد إليه التوازن المنشود. وتمول تسع شركات كبيرة بينها "بريتيش تيليكوم" والخطوط الجوية البريطانية "بريتيش إيروايز" نسبة 65% من موازنة تنظيم الدورة المقدرة بملياري يورو ، وهي عبارة عن نفقات إدارة الدورة ومسابقاتها على مدى 16 يوما ، وتفتتح الدورة رسميا في 22 يوليو 2012.