تغيرت الدنيا كثيرا منذ أن كتب عالم الاجتماع العظيم الدكتور سيد عويس كتابه الشهير «هتاف الصامتين» اعتمادا على رصد ما يكتبه المصريون على الهيكل الخارجى للمركبات من سيارات إلى عربات كارو وفيما يتركونه من أوراق فى أضرحة أولياء الله من السيدة زينب إلى سيدنا الحسين. ولما اقترب موعد عودة الدكتور محمد البرادعى الذى يراه البعض المرشح الأمل لرئاسة الجمهورية إلى مصر يهتف الصامتون ولكن هذه المرة كان الهتاف عبر الوسائط التى فرضها عصر شبكة الإنترنت التى مدت خيوطها على العالم. فالجدران التى يوفرها موقع فيس بوك الشهيرة أصبحت ملاذا آمنا لهؤلاء الصامتين الذين يحاولون الهتاف للبرادعى خاصة بعد أن اعتقلت قوات الأمن اثنين من نشطاء حركة 6 أبريل للجوئهما إلى الطريقة التقليدية فى الهتاف الصامت عبر الكتابة على الجدران الحقيقية. كتب نشطاء 6 إبريل على الجدران الحقيقية هتافهم بشعارات «نظام مبارك انتهى أمره.. ادعم التغيير ادعم ترشيح البرادعى»، «نعم للبرادعى رئيسا لمصر 2011»، «نعم لتعديل الدستور فى مواده 76 و77 و88». ولكن الهتاف كان أقوى على جدران «فيس بوك» فكتب أحد مستخدمى الموقع «الزعيم هايوصل بكره يا رجالة» وكتب آخر «أنا هروح المطار أنا ومراتى وابنى وأمى وأبويا وأخواتى وياريت ياجماعة كل واحد له تأثير على حد يحاول يجيبو معاه». ومن الهتافات الساخرة على جدران «فيس بوك» تعليقا على نبأ اعتقال أحمد ماهر وعمرو على واتهامهما بمحاولة قلب نظام الحكم على خلفية كتابتهما شعارات مؤيدة للبرادعى على الجدران «هو فيه حكم أصلا عشان يكون ليه نظام عشان حد يقلبه مش لما حد يعدله الأول». ومن الشعارات الجادة التى كتبها أحد مستخدمى فيس بوك تأييدا لترشح البرادعى وترحيبا بعودته «من أجل أولادنا ومن أجل حياة أفضل لهم نحاول أن نفعل شيئا». ولعل المفارقة الواضحة فى هذا المشهد هو صمت «هتيفة» جمال مبارك على الإنترنت حيث خلت مجموعة «عايزينك» التى أطلقها مؤيدو جمال مبارك منذ شهور على «فيس بوك» من أى تعليق على عودة محمد البرادعى ومازالوا يتحدثون عن مشروع الألف قرية وجهود جمال مبارك التنموية. بمشاركة نحو 100 ألف شخص، دشن أنصار الدكتور محمد البرادعى الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أكثر من 50 مجموعة على فيس بوك، والعشرات من الصفحات الخاصة لدعم ترشحه فى الانتخابات الرئاسية، 2011، بحسبما رصدته «الشروق»، كما تخطى تأييده الحدود الجغرافية، بعد أن أعلن مصريون فى أوروبا مشاركتهم فى حملته. وحرص أنصار البرادعى فى الآونة الأخيرة على تدشين ما يقرب من 50 مجموعة على فيس بوك، انضم لها ما يزيد على 100 ألف شخص، ومن أبرزها «البرادعى رئيسا 2011» «وشارك فيها 65 ألف شخص، وتعد همزة الوصل بين الشباب الذين يريدون البرادعى، وإضافة لهذه المجموعة، فقد تم تدشين مجموعات أخرى حملت عناوين «إيدك فى إيدينا البرادعى رئيس لينا»، و«محمد البرادعى.. عهد جديد»، و«شباب الجامعات يؤيدون البرادعى»، و«مع البرادعى نعم نستطيع»، و«عشانك يابلدى عاوزين البرادعى»، و«قبلنا التحدى وأخترنا البرادعى»، كما تنوعت عبارة البرادعى رئيسا لمصر فى عشرات المجموعات. وجاء القاسم المشترك داخل المجموعة الرئيسية لدعم البرادعى، أمس فى مشاركات بعبارة «مش هنخاف وهنروح المطار لاستقبال البرادعى»، «اللى بيخاف يدور على أرض تانية وسماء تانية غير مصر»، «ذاهبون إلى مطار القاهرة وندعو جميع المصريين أن يفعلوا بالمثل.. معا لنسقط جدار الخوف الذى يحاولون زرعه بداخلنا». وبخلاف هذه المجموعات، دشن مجموعة من المعارضين للبرادعى، عددا قليلا نسبيا من المجموعات وهى «عاوزين تغيير ونفسنا فيه بس مش أنت يا برادعى»، و«لا للبرادعى». وفى تطور جديد، قام عدد من المصريين فى أوروبا بتدشين مجموعة: «البرادعى مدخل لمصر الجديدة المصريون فى أوروبا يشاركون فى الحملة»، جاء فى نصها: للخروج من حالة الانسداد السياسى التى يمر بها الوطن يناصر المصريون فى المهاجر الأوروبية الدكتور محمد البرادعى كرئيس انتقالى لجمهورية مصر العربية عبر التزامه بالإسهام مع القوى السياسية فى المجتمع فى وضع دستور جديد للبلاد. وشهدت مواقع اجتماعية عديدة على الإنترنت، الإرشادات النهائية لاستقبال البرادعى، بعد أن نشروا على نطاق واسع ملصقات عليها صورة البرادعى، وكتب داخلها «يراعى التوجه للمطار فرديا أو فى مجموعات صغيرة لا تزيد على 3 أشخاص، الذهاب إلى المطار متاح بوسيلة نقل عامة أو خاصة للراغبين». كما شهدت ملصقات أخرى، خرائط مصورة من موقع «جوجل» بالطرق المؤدية لمطار القاهرة فى حال وجود مضايقات أمنية على أى طريق، بحسب القائمين على الاستقبال.