منذ أن أسس وليد عونى فرقة الرقص المسرحى الحديث بدار الأوبرا، تثير أعماله نوعا من الجدل الكبير، نظرا للجرأة التى تتمتع بها العروض وأحيانا طبيعة القضية التى يناقشها. هذا ما حدث مع عرضه الأخير «قاسم أمين» الذى انتهى من تقديمه بمسرح الجمهورية مساء الأربعاء الماضى، ويعرض بالإسكندرية يومى الثلاثاء، والأربعاء المقبلين. فى هذا العرض يتناول وليد قضية تحرير المرأة على يد قاسم أمين ويظهر فى كثير من مشاهده أنه يساند القضية التى أثيرت منذ فترة قصيرة، وتبنتها الدولة وهى منع المنقبات من دخول الجامعة، والمدارس، وهى أيضا، وجهة نظر العديد من الدول الأوربية. فهل كانت هذه وجهة نظر وليد عونى؟ أسئلة كثيرة طرحها العرض من اللوحة الأولى به، والتى تبدو فيها الراقصات، وعلى وجوهن غمامة سوداء تبدو كالمشانق، وقد يفهم منها أيضا أنها مثل الخيوط التى تحرك العرائس، إلى جانب استخدام اللونيين الأبيض والأسود كتعبير عن مرحلة ما قبل وما بعد قاسم أمين، وما الحكمة فى استخدام لفظ الحلقة الذهبية، وربطها بأسماء رفاعة الطهطاوى، وعلى مبارك، وجمال الدين الأفغانى، ومحمد عبده. واعتماد المخرج على موسيقى من مكتبته الشخصية دون الاعتماد على مؤلف موسيقى. طرحنا هذه التساؤلات على مخرج العرض وليد عونى وقال: العرض مر بثلاث مراحل الأولى المرحلة السوداء التى عبرت عنها بالمشانق، وإن كنت أرفض كلمة المشانق، وأوافق على كونها «مخانق»، لأن المرأة فى هذه الفترة كانت تعانى العزلة المفروضة عليها من المجتمع، وكان الرجل هو سى السيد يحركها كيفما يشاء، وبالتالى أوافقك على تشبيه تحريكها مثل العرائس، والذى عبرت عنه أيضا بالراقصين الرجال الجالسين أمام الراقصات مع القيام بنفس الحركة التى يقوم بها الراقص كنوع لتبعية المرأة للرجل. والثانية هى المرحلة البيضاء ما بعد ظهور قاسم أمين، والتى تحررت فيها المرأة وظهر ذلك من خلال حركة الشعر الذى اعتبره تاج جمال المرأة، ومن خلاله تظهر عملية التحرر الداخلية، والتعبير عن الأحاسيس، والمشاعر الخاصة بالمرأة. وأضاف عونى: أعلم أن هناك أناسا ضد الحجاب، وآخرين ضد فكر قاسم أمين، وأنا فى هذا العرض لا مع هؤلاء، ولا هؤلاء.. أنا أعرض وجهة نظر هذا الرجل باعتباره صاحب فكر تنويرى فهو مصلح اجتماعى، وليس رجل دين، كان همه تعليم المرأة ولابد أن يدرك من شاهد العرض أن هدفى منه ليس سياسيا أو دينيا. وبالمناسبة هذا العرض أعده منذ عامين أى قبل إثارة قضية النقاب فى الجامعات، والتى حدث فيها جدل بين الأزهر، وبعض من الناس. وأضاف عونى أن المرحلة الثالثة من العمل هى الانطلاق، والتى عبرت بها عن طرق الملابس متعددة الألوان، كما قدمت الحلقة الذهبية كما قلت كتعبير عن من ساندوا فكر قاسم أمين، واستطاعوا أن يقدموا الشخصية المصرية بشكلها المتحضر فى الوقت الذى كان فيه الاستعمار يحاول أن يطمس ملامحها. وعن موسيقى العمل، قال: نعم استخدمت المكتبة الخاصة بى، وهذا أمر ليس سهلا، جلست أياما وليالى لكى اختار ما يتناسب مع فكرى لأننى أصمم مشاهدى على الموسيقى، وليس العكس، كما أن الاعتماد على مؤلف موسيقى يحتاج تكاليف ضخمة، وجلسات عمل طويلة لكى تتواصل أفكارنا، لكننى فى كل الأحوال اخترت الموسيقى التى لا يشعر المتلقى معها بالغربة. وفى النهاية، أكد عونى أن هذا العرض ليس له علاقة بهذا الزمن، وإنما يتحدث عن الماضى حتى لا يتصور البعض أننا مع قضية ما أو ضدها.