انتظرت مريم مصطفى 5 سنوات قبل أن تضع مولودها الأول، لكن مستشفى الشاطبى بالإسكندرية كان لها رأى آخر، كان عليها أن تنتظر مرة أخرى كى تجد حضانة خالية لطفل مريم الأول «المبتسر»، أو ممرضات لديهن خبرة فى التعامل مع الأطفال ناقصى النمو، توفى مولود مريم، قبل أن يتمكن والدها من توفير 2000 جنيه تأمين دخول ابنه لحضانة فى مستشفى خاص. مصير الرضيع السابق، صار شبحا يواجه آلاف الآباء، بعد أن تحول بحث «أب» عن حضانة خالية فى مستشفى إلى هدف يومى، قبل أن يتسبب عدم إيجاد حضانة فى مضاعفات واختلالات صحية تؤدى إلى الوفاة بعد الولادة بعد ساعات، بعد أن أصبح من العادى أن ترفع المستشفيات لافتة «لا توجد حضانات خالية». فمستشفيات الثغر، لا تستطيع وفقا لتقرير حكومى صادر عن المحافظة مواجهة الطلب المتزايد، على الحضانات، نظرا لأنها لا تملك سوى 250 حضانة فقط، كما أن أغلب المستشفيات تعانى «نقص الإمكانيات وندرة الكفاءة البشرية من الأطباء وهيئة التمريض». وفى رسالة عاجلة إلى المجلس المحلى وصف مستشار المجلس لشئون البيئة تدهور حالة الحضانات فى مستشفى الشاطبى «بالجريمة التى لا يعاقب عليها القانون»، وهو الوصف الذى أطلقه أيضا على إلزام إدارة المستشفى لولى الأمر بتوقيع إقرار يفيد «بعدم مسئولية المستشفى عن الجنين». وأوضح إبراهيم إن المستشفى التى تخدم «ملايين» لا يوجد بها سوى 43 حضانة، 3 منهم للطوارئ ، فى ظل ارتفاع أسعار المستشفيات الخاصة بشكل يفوق قدرة الأغلبية من الفقراء. من جانبه، أكد رئيس وحدة حديثى الولادة فى مستشفى الشاطبى دكتور مجدى بدرالدين ل«الشروق»: إن الوحدة تعانى عجزا على الرغم من بعض التوسعات البسيطة، التى رفعت عدد الحضانات إلى 55 جاهزة للعمل بدلا من 40. وكانت وحدة الحضانات فى الشاطبى قد تعرضت من قبل لحريق، فى يونيو 2006 أسفر عن مصرع 4 أطفال، وهو ما أرجعه بدر الدين إلى تشغيل الحضانات لمدة 24 ساعة، لذا حددت إدارة المستشفى 40 طفلا كأقصى حد يمكن استقباله. معدل وفيات الأطفال المصريين فى الحضانات لايزال مرتفعا عن النسبة العالمية بعد وصولها أى أكثر من 20% وفقا لأمين نقابة أطباء إسكندرية دكتور منصور حسن. ويعانى الأطفال حديثى الولادة ناقصى النمو لحظة ولادتهم من نقص الوزن والأكسجين، وعدم توفير المكان المناسب للرعاية يؤدى إلى وفاتهم. دكتور هانى فوزى، إخصائى النساء والتوليد، أكد أن تكلفة الحضانة فى اليوم الواحد تتراوح بين 500 و1000 جنيه بالمستشفيات الخاصة بينما لا تتخطى 150 جنيها فى نظيرتها الحكومية، بخلاف العلاج. وكشف «حمدى حسن» عضو مجلس الشعب عن حوادث سببها تكدس الأطفال حديثى الولادة فى المستشفيات حديثة الولادة دون مراعاة، الطاقة الاستيعابية لوحدة المبتسرين، وقائمة الانتظار الطويل. آخر هذه الحوادث، هى سقوط 3 أطفال، من فوق أجهزة الإفاقة المتكدسة بالرضع، ووفاة أحدهم بنزيف فى المخ، بعد العثور عليهم بالمصادفة ملقى على الأرض، وأشار حسن إلى واقعة الأم التى ولدت 7 توائم، استقبلت مستشفى الأطفال منهم 3 فقط بينما وزعت الآخرين على مستشفيات وزارة الصحة. واعترف رئيس لجنة الشئون الصحية فى محلى المحافظة دكتور ياسر زكى، بالنقص الشديد فى الحضانات،الأمر الذى يدفع المستشفيات لاغلاق أبوابها فى وجه أهالى «الحالات الحرجة» التى تواجه مصير الموت. وأوضح زكى إن ما بين 5 إلى 12% من حديثى الولادة فى حاجة إلى حضانات فى الوقت الذى يتراوح فيه سعر الحضانة بين 25 و80 ألف جنيه حسب نوعها وملحقاتها، مشيرا إلى أن العمر الافتراضى للحضانة يتراوح بين 2 و4 سنوات بالإضافة الى تكلفة تشغيلها الحضانة حيث تصل فى اليوم الواحد إلى 700 جنيه. وأشار زكى إلى أن مستشفيات الثغر الحكومية تخدم مواليد محافظات البحيرة ومطروح وكفر الشيخ، بالإضافى الى مواطنى الإسكندرية، وطالب زكى أن تكون هذه الخدمة مجانية مثل خدمات الطوارئ والعناية المركزة والحروق نظرا لأهميتها. من جانبها أوضحت مدير إدارة رعاية الأمومة والطفولة الدكتور مهجة مصطفى أن ارتفاع نسبة وفيات الحضانات فى مصر عن النسب العالمية يتطلب تعاون المستشفيات والتنسيق بين جميع الجهات الصحية ودراسة خريطة الحضانات وعدد المواليد بالإسكندرية، موضحة أن أساس المشكلة هو ندرة الكفاءات البشرية وتوفير الأطباء وهيئة التمريض. ووجه نقيب الأطباء دكتور محمد البناء نداء إلى رجال الأعمال وأهل الخير بتوفير المزيد من التمويل لسد العجز بمستشفيات المحافظة لإنقاذ الأطفال المبتسرين.