وزير الأوقاف: بناء جيل جديد من الأئمة المثقفين أكثر وعيًا بقضايا العصر    سعر الدولار في البنك المركزي والمصارف المصرية صباح اليوم السبت 11 مايو 2024    أسعار الفاكهة اليوم، الجوافة تسجل 35 جنيهًا في سوق العبور    وزير الإسكان يتابع تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة    توريد 164 ألف طن قمح لصوامع وشون كفر الشيخ    أستاذ قانون دولي: تدخل ليبيا يعزز دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    "لا يتمتع بأي صفة شرعية".. الإمارات تهاجم نتنياهو بسبب تصريحاته الأخيرة    خوسيلو ماتو يكشف موقفه من الاستمرار في ريال مدريد    عصام صاصا يحيي حفلًا بالإمارات رغم صدور أمر بضبطه    16 نصيحة ذهبية للإجابة على الأسئلة المقالية بامتحانات الثانوية العامة    مصرع شخص صدمته سيارة طائشة على طريق الكورنيش في بني سويف    السينما وحضارة مصر القديمة، أحدث إصدارات قصور الثقافة    "الوزراء" يكشف 5 مفاجآت جديدة للزائرين بالمتحف المصري الكبير (فيديو)    وزير الصحة: توفير البروتوكولات العلاجية الأكثر تقدما بالعالم لمرضى الأورام    رئيس الرعاية الصحية يتفقد مستشفى الكرنك الدولي    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    مواجهة القمة والقاع| الهلال يلتقي الحزم للتتويج بلقب الدوري السعودي    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024.. بشاي 41 ألف جنيه    بعد قطع العلاقات الدبلوماسية.. رئيس كولومبيا يدعو «الجنائية الدولية» لإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم السبت    لعدم الانضباط .. إحالة طاقم النوبتجية بمركز طب الأسرة ب«الروافع» في سوهاج للتحقيق    وسائل إعلام فلسطينية: إطلاق وابل من القنابل الضوئية في أجواء منطقتي خربة العدس وحي النصر شمالي رفح    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    إصابة 13 عاملًا في حادث انقلاب سيارة بالغربية    ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    بلينكن يقدم تقريرا مثيرا للجدل.. هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في غزة؟    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم كلثوم :سيدة الغناء التى غطت على ذكراها انتصارات الكرة
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 02 - 2010

يحدث أحيانا أن ننسى أسماء جيراننا، بعض أقاربنا، بعض زملاء العمل والدراسة أو حتى أصدقاء كانوا مقربين، وذلك رغم استمرار الشراكة فى الحياة. ويحدث دائما أن أجيالا متواترة تظل تتذكر لأجيال مفكرا أو مبدعا أو زعيما، وطنا بعيدا ذا رائحة فى طى ذكرى، أو تاريخ، مايجعلنا نفكر فى مراجعة مفهومينا عن كل من الحياة والموت.
الأربعاء الماضي وعام هو الخامس والثلاثون يكتمل منذ رحيل كوكب الشرق «أم كلثوم» لم تتجدد الذكرى لأن شيئا لم يكن قد خفت بعد، ف«ثومة» كانت من هذا الصنف الثانى الذى يغافل الموت ويتحول إلى فكرة تصير جسدا، يشارك مفردات الكون طبقات الحياة، ويعلق بالأمكنة والحوادث والعيون. لذلك سيكون مبالغا فيه أن نشكو من انخطاف الأضواء عن هذى الذكرى لصالح الانتصارات الشتوية لكرة القدم، خاصة أن «الست» كانت من عشاق هذه اللعبة.
يروى الكاتب الصحفي مصطفى أمين أن مما لايعرفه الناس عن هذه المرأة التى وصفها بالأهم من بين نساء العالم أنها «كانت من عشاق الكرة، وكانت فى وقتٍ من الأوقات تحضر كل مباريات كرة القدم فى النادى الأهلى، وأنها وقفت حكما فى بعض المباريات، وفى بعض المباريات الأخرى وقفت حارس مرمى. وكان الذين يلعبون معها فى ذلك الوقت الأستاذ التابعى، وكامل الشناوى، ومأمون الشناوى وأحمد ألفى عطية».
لذا فأم كلثوم التى يفترش صوتها الذكى أرصفة الشوارع المسفلتة، والأزقة الجانبية، والجدران الداخلية لقلوب المراهقات والنضّج، والمسافرين، والخارجين للعمل، والعائدين، والذين هم على وشك النوم، والمسترسلين فى المذاكرة أو كتابة الشعر، أو حتى إعادة ترتيب الدواليب، فضلا عن مصنفى البضائع، وحاملى الزهور وراكبى الباصات، أم كلثوم أظنها سيرضيها هذا الحضور.
وبالعودة إلى الحقيقة الكروية الفائتة، فقد قامت بتوثيقها وغيرها من الحقائق والمواقف، والنوادر والمبكيات أ.د.رتيبة الحفنى، قبل نهاية العقد الأخير من القرن الماضى فى كتابها الصادر عن دار الشروق بعنوان «أم كلثوم».
هذا الكتاب المرجعى يتتبع السيرة الشخصية والإبداعية لسيدة الغناء العربى، وتتجدد أهميته على الدوام من خلال الدراسات، والكتب، والسير الفنية، التى ما زالت للآن منشغلة بأمر هذه السيدة، بحيث لا تكاد تخلو قائمة مراجع أكثر هذه الكتب من هذا الكتاب.
وقد رجعت فيه المؤلفة للكثير من الشواهد الحية، وبعض الشهود الذين كانوا أحياء آن ذاك، بالإضافة إلى بعض الذكريات التى صادفتها المؤلفة بنفسها بفعل انتمائها إلى أسرة موسيقية، عميدها والدها الرائد الموسيقى الراحل محمود أحمد الحفنى، فضلا عن كون المؤلفة ذاتها إحدى أهم رائدات الموسيقى فى الوطن العربى، بصفتها مغنية أوبرا عالمية، وعميدة معهد الموسيقى العربية فى القاهرة سابقا، كما أنها أول امرأة تتولى منصب مدير دار الأوبرا المصرية.
فى هذا الكتاب الذى قسمته إلى ستة فصول، جمعت الحفنى بين السيرة الشخصية والفنية والتاريخية للسيدة أم كلثوم، فحاولت ضمنيا منذ أولى صفحات الكتاب أن تكشف كيف ستكون تلك الطفلة الضئيلة هى هذه المرأة العظيمة، حيث إن مكانتها كدرة مضيئة لاحت لأبيها الشيخ «إبراهيم» فى إحدى غفوات ليلة القدر فى 27 رمضان بالمسجد، حيث «رأى فى منامه سيدة فى ملابس بيضاء.. يشع وجهها نورا تعطيه لفافة خضراء. وعندما فتحها وجد فى داخلها شيئا له بريق».
الشيخ «إبراهيم» أخبرته السيدة بيضاء الملابس أن بهذى اللفافة «جوهرة هى بشرى السعد»، أما السيدة نفسها فكانت بحسب رواية والد «الجوهرة» هى «أم كلثوم» ابنة النبى «محمد»، وكان هذا لائقا بميلاد سيدة الغناء العربى.
هذا عن الميلاد، أما الطفولة المبطنة بالفقر، الذى خبرته البنت من حوارات والديها الليلية، فلم تكن رغم ذلك تخلو من سعادة، فرغم ماروته عن والديها مثل:
«أنا مش قادر ادفع مصاريف أم كلثوم للكتّاب.. ما عنديش غير قرش واحد أدفعه للولد»، رغم ذلك كانت هناك عروسة جدتها نصرة التى صنعتها لها من البفتة وملأتها قطنا ورسمت لها وجها، وكانت أحب شىء لدى الطفلة أم كلثوم، وكانت هناك ليالى شهر رمضان الجميلة، ثم العيد الذى كان بالنسبة لها»، جلابية وجزمة جديدة.. ودايما كانوا بيجيبوها مقاس يا يطلع ضيق قوى يا واسع قوى! أنا وحظى».
لكن سعادة أم كلثوم الحقيقية كانت يوم أن التقت الشيخ أبوالعلا محمد، بعد لقاءات طويلة مع صوته المشع من فونوغراف عمدة القرية، الذى كانت تتنصت إليه البنت أسفل الشباك:
«كان الفونوغراف يسكت.. ولكن صوت الشيخ أبو العلا كان يستمر فى أذنها، وكانت تتصور أنه قد مات، إلى أن جاء اليوم الذى التقت فيه الشيخ أبوالعلا فى محطة السنبلاوين، وسمعت والدها يقول:
«الشيخ أبو العلا هنا..»
تقريبا كان هذا الرجل هو المحطة الأهم فى حياة أم كلثوم، كان تأييدا مثله لصوت مثلها شهادة كافية لفتح أبواب كثيرة أمامها. بهذا التأييد انتقلت «ثومة» إلى القاهرة التى كرهتها للوهلة الأولى بعدما فقدت فيها «تحويشة العمر»، ومن خلاله أيضا التقت أحمد رامى الشاعر الذى غنت أشعاره قبل أن تراه، ونمت بينهما قصة حب ضمنية، ربما برأت هى منها بعد حين، لكنها لم تبرأ من عشق كل كلمة نطق بها رامى حتى وفاتها. أما رامى فلم يبرأ من ذلك الحب حتى بعد وفاة كوكب الشرق، التى رافقها فى رحلتها لأكثر من نصف قرن، شدت فيه من كلماته ما يقرب من 300 أغنية وقصيدة، لذا تصدقه عندما يقول:
«إن أيامى كلها أم كلثوم»، أو يقول «لم يشاركنى فيها شاعر خمسة وثلاثين عاما»، وذلك قبل أن تغنى أم كلثوم لبعض الشعراء الكبار الآخرين، مثل: شوقى وحافظ وناجى والجارم وبيرم وغيرهم من الشعراء العرب.
هذا عن الشعراء، أما ملحنو أم كلثوم فكان أكثرهم التصاقا بها محمود القصبجى، الذى أخذ بيد هذى التلميذة، فمهد لها طريق النجاح، ولازمها فى فرقتها حتى وفاته، فضلا عن الشيخ زكريا أحمد الذى التقته «ثومة» فى بداية حياتها ولازمها فى حفلاتها، وقدم لها العديد من ألحانه اختتمها بأغنية «هو صحيح الهوى غلاب».
منذ عام 1945 انضم رياض السنباطى إلى ملحنى أم كلثوم، ثم بدأت تتعامل مع الملحنين الشباب من أمثال: الموجى، وكمال الطويل، وبليغ حمدى والشيخ سيد مكاوى، قبل أن تتوج فى نهاية رحلتها الفنية هذه الرحلة بلقاء السحاب بينها وبين موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وهو اللقاء الذى ظل يحلم به جمهور الطرب ومحبو الموسيقى العربية، وقام بتحقيقه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، عندما طلب من هذين العملاقين تقديم عمل مشترك وإلا: «لن أغفر لكما عدم اشتراككما فى عمل فنى واحد حتى الآن»، وكانت رائعة «إنت عمرى» تليق بهذه الرغبة وطالبها وبهذه الشراكة.
أخيرا فإن كتابا واحدا عن أم كلثوم على أهميته الكبيرة سيصير ظلما، وعين واحدة على قربها لا يمكن أن تراها، لأنها كما وصفها موسيقار الأجيال:
«فيها عشر مغنيات معا.. كل ميزة تجعل منها مطربة كبيرة.. كانت مجموعة من عطايا الله السخية.
أم كلثوم المغنية الوحيدة التى جمعت بين القوة والعاطفة والحساسية فى صوتها.
وإنها الصوت الوحيد الذى تمرد على ذل الميكروفون».
هذا وأغلب الظن أن أعمالا كثيرة فى المستقبل سيحاول كل منها إضاءة جوانب ما زالت خفية فى حياة سيدة الغناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.