«المشاط» تبحث تطورات تفعيل ضمانات الاستثمار الأوروبية بقيمة 1.8 مليار يورو    موعد بداية فصل الشتاء 2025 في مصر    دكتور وناشئ الأهلي.. من هو مترجم ييس توروب مدرب الفريق الجديد؟    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    من هي ماريا كورينا الفائزة بجائزة نوبل للسلام؟    «أوقاف المنيا» تعقد 109 ندوة علمية في «مجالس الذاكرين» خلال أسبوع    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    تواريخ هامة في حياة الفائزة بجائزة نوبل للسلام    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    «النادي بيموت».. أمين صندوق الزمالك يصدم الجماهير بتصريحات مفاجئة    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    «السياحة»: إيطاليا أحد أهم الأسواق المصدرة للسياحة إلى مصر    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    وحدة الحساسية والمناعة بمستشفى صدر الزقازيق تستقبل 9000 حالة منذ إنشائها    في مؤتمر القاهرة.. وزراء الزراعة الأفارقة يتبنون خارطة طريق قارية للاكتفاء الذاتي من الأرز وتطوير آليات تمويل صغار المزارعين    شاب يقتل عمه داخل سيارته لخلافات مالية في طنطا    دون سابق إنذار انقطاع المياه عن بعض قري مركز طاميه بالفيوم يثير غضب واستياء الأهالي    إصابة 9 أشخاص وأضرار واسعة بأنحاء كييف بسبب غارات روسية    وزير الأوقاف ينعى شقيقة المهندس إبراهيم محلب    هيبتا 2 يحتل المركز الثاني في شباك التذاكر وإيراداته في يومين تصل إلى 7 ملايين و365 ألف جنيه    «كولونيا» يُطلق إعلانه التشويقي قبل عرضه العالمي الأول (فيديو)    معاريف: نتنياهو يسعى لاستثمار زخم اتفاق وقف النار لتقديم موعد الانتخابات    زاخاروفا: نرحب باتفاق وقف إطلاق النار بغزة وندعو إسرائيل وحماس للالتزام الكامل به    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10-10-2025 في أسواق محافظة الأقصر    المصلون يحرصون على أذكار الصباح والمساء اليوم الجمعة طلبًا للسكينة والبركة    أوليفر جلاسنر يتوج بجائزة مدرب الشهر في الدوري الإنجليزي    مطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    تفاصيل أسعار تذاكر دخول المتحف المصري الكبير قبل الإغلاق المؤقت    تغييرات بالجملة فى تشكيل منتخب مصر أمام غينيا بيساو    العثور على جثة سيدة مصابة ب3 طعنات داخل الملاحات بالإسكندرية    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    الداخلية تكشف حقيقة صور صبية يتعاطون المخدرات ويتحرشون بفتيات فى الدقهلية    إدراج 36 جامعة مصرية في تصنيف التايمز العالمي لعام 2026    «التأمين المنزلي للإنترنت».. مخاطر جديدة تتعلق باختراق أجهزة «الراوتر»    قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية ورسائل نصر أكتوبر تتصدر نشاط السيسي الأسبوعي    إقبال ملحوظ في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية ببنها    «صحة الشرقية»: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن مبادرة «علاج أمراض سوء التغذية»    إقبال ضعيف على انتخابات التجديد النصفي بنقابة أطباء الشرقية    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : سنجتهد الانغفل عن ذكر نعم الله علينا!?    المغرب تضرب موعدا مع الولايات المتحدة فى ربع نهائى مونديال الشباب.. فيديو    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    عاجل - تصاعد التوتر في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار: غازة إسرائيلية عنيفة في خان يونس    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    طولان يقرر عودة ثنائي منتخب مصر الثاني إلى القاهرة بعد تعرضهما للإصابة    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    «زي النهارده» في 10 أكتوبر 2009 .. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد    ما بيحبوش الزحمة.. 4 أبراج بتكره الدوشة والصوت العالي    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    «ربنا يسهل وإن شاءالله يجي».. رد مفاجئ من وليد صلاح الدين عن اللاعب الذي يتمنى انضمامه ل الأهلي    تحويلات مرورية لتنفيذ أعمال إنشائية خاصة بمشروع المونوريل بالجيزة    خوفاً من السنوار.. لماذا صوت بن جفير ضد قرار انتهاء الحرب في غزة؟    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حدث لأوروبا؟
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 03 - 2009

أشعر بالقلق من أجل أوروبا. فى الحقيقة، أشعر بالقلق من أجل العالم أجمع فلا يوجد ملاذ آمن من العاصفة الاقتصادية العالمية. غير أن الوضع فى أوروبا يقلقنى أكثر، حتى من الوضع فى أمريكا.
وحتى أكون واضحا، لست بصدد تكرار الشكوى الأمريكية من أن الضرائب الأوروبية مرتفعة للغاية، وأسعار الفائدة لديها بالغة السخاء. فدول الرفاه الكبرى ليست سببا فى الأزمة الأوروبية الحالية. وإنما هى فى الواقع، وباختصار، عامل تهدئة.
إن الخطر الواضح والحالى على أوروبا جاء من اتجاه مختلف هو عجز القارة عن الاستجابة بفاعلية للأزمة الاقتصادية. ولم تكن أوروبا على المستوى المطلوب سواء بمفهوم السياسة المالية أو النقدية: فرغم أنها تواجه هبوطا بنفس حدة هبوط الولايات المتحدة على الأقل، إلا أنها تتحرك لمواجهة الهبوط على نحو أضعف كثيرا من تحرك أمريكا.
فعلى الصعيد المالى، تبدو المقارنة مع الولايات المتحدة ملفتة للنظر. وقد اعتبر العديد من الاقتصاديين، وأنا منهم، أن خطة إدارة أوباما لتحفيز الاقتصاد ضئيلة للغاية، إذا أخذنا فى الاعتبار عمق الأزمة. لكن التحركات الأمريكية تبدو عملاقة بالمقارنة بما تفعله أوروبا.
ويبدو الاختلاف فى السياسة النقدية، ملفتا للنظر بنفس القدر. فقد تأخر البنك المركزى الأوروبى كثيرا عن التحرك مقارنة ببنك الاحتياط الفيدرالى؛ وتباطأ فى خفض أسعار الفائدة (بل إنه رفعها فعليا فى يوليو الماضى) كما تجنب اتخاذ أى تدابير قوية لتنشيط أسواق الائتمان.
والشىء الوحيد الذى يصب فى صالح أوروبا، هو نفس الشىء الذى يتعرض لمعظم الانتقادات وهو حجم وسخاء دول الرفاه، التى خففت من تأثير الهبوط الاقتصادى. وهذا ليس بالأمر الهين. فالتأمين الصحى المضمون، وإعانات البطالة السخية تضمن، على الأقل حتى الآن، ألا تكون هناك معاناة بشرية هائلة مثلما يحدث فى أمريكا. وسوف تساعد هذه البرامج أيضا على استمرار الإنفاق فى ظروف الهبوط. ولكن مثل هذه «المثبتات التلقائية» ليست بديلا عن العمل الإيجابى.
فلماذا تقصر أوروبا؟ يعتبر ضعف القيادة سببا من الأسباب. فمازال المسئولون المصرفيون فى أوروبا، الذين عجزوا بالكامل عن فهم عمق الأزمة، يبدون راضين عن أنفسهم على نحو غريب. لذلك إذا أردت أن تستمع فى أمريكا لما يشبه انتقادات وزير المالية الألمانى اللاذعة، الخرقاء، عليك أن تصغى أيضا إلى الجمهوريين.
ولكن هناك مشكلة أعمق: فالاندماج الاقتصادى والمالى الأوروبى بلغ حدا أعلى كثيرا مما وصلت إليه المؤسسات السياسة الأوروبية. ويترابط اقتصاد العديد من بلدان أوروبا، بنفس قدر ترابط اقتصادات العديد من الولايات الأمريكية بعضها ببعض تقريبا كما أن معظم بلدان أوروبا تتعامل بعملة واحدة.
ولكن على العكس من أمريكا، ليس لدى أوروبا المؤسسات التى تغطى أنحاء القارة، واللازمة للتعامل مع أزمة تشمل عموم القارة. وهو سبب رئيسى لعجز أوروبا عن التحرك النقدى: فلا توجد حكومة تستطيع اتخاذ القرار لصالح الاقتصاد الأوروبى بأكمله. وبدلا من ذلك، لدى أوروبا حكومات قومية، كل منها يحجم عن تبديد قدر كبير من الديون فى تمويل خطة تحفيز سوف تنتقل العديد من مكاسبها إن لم يكن معظمها إلى ناخبين فى بلدان أخرى.
وربما كان المتوقع أن تكون السياسة النقدية أكثر فاعلية. فعلى أى حال، ورغم عدم وجود حكومة أوروبية، هناك بنك مركزى أوروبى. غير أن البنك المركزى الأوروبى ليس بنك الاحتياط الفيدرالى الأمريكى، الذى يمكن أن يتحمل المغامرة، لأنه يستند إلى حكومة قومية موحدة وهى حكومة تحركت بالفعل للمشاركة فى مخاطر جرأة بنك الاحتياط الفيدرالى، وسوف تغطى بالتأكيد خسائر البنك الفيدرالى إذا لم تنجح جهوده لتنشيط أسواق المال. أما البنك المركزى الأوروبى الذى يتعين عليه إرضاء 16 حكومة تتشاجر مع بعضها البعض غالبا، فلا يمكنه أن يراهن على نفس المستوى من الدعم. وبتعبير آخر، اتضح أن بنية أوروبا ضعيفة فى وقت الأزمة.
والسؤال الكبير هو: ما الذى سيحدث لتلك الاقتصادات الأوروبية التى ازدهرت فى مناخ الأموال السهلة قبل بضع سنوات، وبوجه خاص إسبانيا؟ ففى أغلب سنوات العقد الماضى، كانت إسبانيا تعتبر فلوريدا أوروبا. وكان اقتصادها مدعوما بالازدهار الضخم فى المضاربة على العقارات. وكما حدث فى فلوريدا فقد تحول الازدهار إلى إخفاق. وتحتاج إسبانيا إلى إيجاد مصادر جديدة للدخل والتوظيف لتحل محل خسائر الوظائف فى مجال الإنشاءات.
وفيما سبق، كانت إسبانيا تسعى لتحسين قدرتها التنافسية عبر تخفيض قيمة عملتها. لكنها الآن تتعامل باليورو والسبيل الوحيد أمامها يبدو أنه عملية طاحنة من خفض الرواتب. وكان ذلك صعبا فى الأوقات السعيدة؛ وسيكون مؤلما على نحو قد لا يمكن تخيله إذا تعرض الاقتصاد الأوروبى ككل للكساد، واتجه للانكماش خلال السنوات المقبلة، وهو ما يبدو مرجحا.
فهل يعنى كل ذلك أن أوروبا أخطأت عندما طبقت الاندماج القوى لهذا الحد؟ وهل يعنى ذلك، بوجه خاص، أن طرح اليورو كان خطأ؟ ربما. لكن أوروبا ما زال بإمكانها أن تثبت خطأ المتشككين، إذا بدأ ساستها فى إظهار المزيد من دلائل الزعامة. فهل يفعلون؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.