ما بين البلطى، والبورى، والقاروص، وبين الكابوريا، والجمبرى، يقضى أحمد حمودة، بائع السمك، يومه داخل جدران محله فى منطقة الساحل. رغم حصوله على بكالوريوس تجارة وإدارة أعمال من كلية التجارة، فضل أحمد حمودة، الذى يبلغ من العمر 26 عاما، العمل كبائع للسمك، لأنه أحب هذه المهنة التى يعمل بها منذ صغره، هو وأخوه الذى يصغره بسنوات، فى محل السمك الذى يملكه والده فى منطقة الساحل بشبرا. يحكى حمودة أن والده بدأ فى هذا المحل منذ الثمانينيات، ولم يكن هناك غيره فى هذه المنطقة الحيوية التى تتميز بوجود زبائن من مختلف الطبقات، «الغنى، ومتوسط الحال، والفقير». لكن بعد سنوات، دخل أكثر من محل هذا المجال، وأصبح هناك أربعة محال على الأقل داخل نفس المربع الذى يوجد به محل حمودة. قد ارتفعت أسعار الأسماك خلال الثلاثين عاما الماضية بنحو ثلاث أضعاف، كما يقول حمودة، ولكنه يعتبر «التاجر غير مسئول عن هذه الزيادة، فهو يحصل على السمك من مزارع تقوم برفع السعر من وقت لأخر». ويشير حمودة أن أصحاب مزارع الأسماك ليسوا جشعين بدورهم، ولكن التكاليف التى تتحملها المزارع تزيد، على حد تبرير حمودة. وتزداد أسعار الأسماك الأسابيع التى تسبق الاحتفال بأعياد الميلاد، «الأخوة المسيحيين يكونوا صائمين عن تناول اللحوم، فيما عدا الأسماك»، كما يقول حمودة. ويزداد الإقبال على سمك البورى خاصة، فى الشهور التى تسبق الاحتفال بأعياد شم النسيم، بهدف تمليحه، لعمل الفسيخ، فى هذا العيد. «أسعار أسماك البلطى تزيد قبل عيد الميلاد إلى 15جنيها للكيلو، أما الآن فقد انخفض السعر إلى 11 جنيها»، حسب حمودة. ويضيف بائع السمك أن يومى الجمعة والأحد من كل أسبوع يكثر فيهما الإقبال على شراء السمك، «لذا فإن الأسعار ترتفع قليلا فى هذه الأيام». تتنوع الأسماك فى محل حمودة ما بين البلطى «الطبق الرئيسى للأسماك»، والكابوريا التى يصل سعرها إلى 40 جنيها للكيلو فى أغلب شهور السنة، «لكن فى موسم الكابوريا، من شهر يوليو وحتى سبتمبر، ينخفض سعرها إلى نحو 35 جنيها» تبعا لبائع السمك. وتتراوح أسعار الجمبرى ما بين 30 جنيها بالنسبة للجمبرى صغير الحجم، وحتى 130 جنيها للجمبرى، الجامبو، كبير الحجم، و70 جنيها للمتوسط. ويقول حمودة إن بيع السمك البلطى لم يتأثر مع الإعلان عن وجود بعض المزارع والمصارف الملوثة، والتى أكدت تقارير طبية أن استخدامها يسبب الكثير من الأمراض لمن يتناولها، «الإقبال على البلطى، تراجع بنسب قليلة، والناس كانت تستفسر منى فقط عن المكان الذى أحصل منه على السمك». يقول بائع السمك إنه خلال الفترة التى تم فيها الإعلان عن وجود أسماك ملوثة فى بعض المصارف، تراجع سعر السمك البلطى بنسب ضئيلة مع تراجع الإقبال عليه، لكن سرعان ما عاد الإقبال عليه من جديد، «فالزبائن لا يمكن أن تستغنى عن البلطى، والوجبة الرئيسية من السمك التى تناسب جميع الفئات»، حسب بائع السمك. وكان مصرف ترعة المريوطية، والذى يعد أحد مصادر الأسماك، وتؤجره هيئة الثروة السمكية للصيادين، قد شهد خلال الأسابيع القليلة الماضية ظاهرة نفوق الأسماك بشكل غير معتاد، وهو ما أرجعه رئيس هيئة الثروة السمكية، إلى الصرف الصناعى لمصنع سكر الحوامدية الذى جعل الأسماك تتشبع بكميات من المولاس المخمر، مما أدى إلى نفوقها. وكانت وزارة الزراعة قد اتخذت قرارا بحظر صيد الأسماك فى المصارف الزراعية التى ترتفع فيها معدلات التلوث سواء بالصرف الصحى أو الصناعى، خاصة فى المناطق التى تعرضت فيها الأسماك لحالات النفوق مثل المريوطية. وقررت وزارة الزراعة حصر جميع أماكن صيد الأسماك بالمصارف الزراعية والمجارى المائية والترع والقنوات، وأخذ عينات منها للتأكد من صلاحيتها لأعمال الصيد أو الإنتاج السمكى كما حظرت هيئة تنمية الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة من تأجير أى مساحات فى هذه المصارف قبل الحصول على موافقة وزارتى الصحة والبيئة، وقررت أيضا وقف العمل بالتراخيص الحالية للصيد فى المصارف المعرضة لمصادر التلوث، وأصدرت قرارا بعدم تجديد أى تراخيص قبل التأكد من نسب التلوث فى المصارف الزراعية. وحسب تصريحات وزير الرى والموارد المائية، محمد نصر الدين، فمن المقرر فإن الوزارة سوف تقوم بعرض التعديلات الجديدة لمشروع قانون الرى والصرف الجديد على مجلسى الشعب والشورى خلال الدورة الحالية، وتشمل التعديلات تشديد العقوبات على مخالفات إقامة مزارع سمكية فى المصارف الزراعية. يقول حمودة بائع السمك إنه متأكد من صحة المصدر الذى يحصل منه على السمك، حيث يشترى السمك من إحدى المزارع بمحافظة كفر الشيخ فهو «حريص على أن تكون بضاعته سليمة 100%، لأنه يريد أن يحافظ على علاقته بزبائنه الذين ارتبطوا بالمحل من سنوات». حمودة لم يتأثر من العروض التى تقوم بها كبرى محال السوبر ماركت على الأسماك والجمبرى، من وقت لأخر، ويقول إن «الزبون الذى تعوّد على البضاعة الطازجة، لا يستغنى عنها حتى مع وجود عروض بأسعار منخفضة». بائع السمك لا يعتمد على بيع السمك، للزبائن فقط، فهناك نشاط شى السمك بجميع أنواعه، فهو يمثل مصدر رزق إضافى للمحل، «وفى أحيان كثير بيكون مورد رزق رئيسى فى الأيام التى يقل فيها بيع السمك»، تبعا لكلامه. حمودة يعتمد على خلطة مخصوصة تعطى نكهة خاصة للسمك الذى يقوم بشيّه، ولا تكلفه هذه الخلطة، سوى جنيهين إضافية لكل كيلو سمك يباع جاهزا لمن يرغب.