أدي الارتفاع الجنوني والمستمر في أسعار اللحوم والدواجن إلي اشتعال أسعار الأسماك أيضا فقد تخطي سعر وجبة السمك لعائلة مكونة من 4 أو 5 أفراد حاجز ال 100 جنيه، ولسان حال التجار يبرر تلك الزيادة الكبيرة بقلة المعروض وزيادة الطلب علي شراء الأسماك، وبالرغم من أن مصر تطل علي بحرين الأحمر والمتوسط بالإضافة إلي البحيرات الداخلية فإنتاجها من السمك محدود جدا بالإضافة إلي جشع التجار بالطبع واستغلالهم لأزمة اللحوم الحمراء، والارتفاع المستمر لأسعارها فكيف يتحقق فائض الإنتاج الذي يغطي احتياجات السوق ويخفض من جنون الأسعار بصفة عامة والأسماك بصفة خاصة؟ رجائي غانم خبير بالثروة السمكية يؤكد أن حل مشكلة ارتفاع أسعار الأسماك هو زيادة الإنتاج عن طريق التوسع رأسيا في إنشاء مزارع سمكية داخل البحرين المتوسط، والأحمر والبحيرات الداخلية، وقناة السويس، فالأماكن علي الشواطئ محدودة جدا، وإنتاجية المزارع السمكية التقليدية لدينا منخفضة بالمقارنة بالدول الأوروبية، فإنتاج الفدان يصل إلي 300 كيلو سمك في فترة 36 شهرا، وفي الخارج تصل إنتاجية الفدان إلي 40 طنا في فترة 18 شهرا فقط. الدكتور محمد صلاح عياط رئيس قسم الإنتاج الحيواني بكلية زراعة جامعة الزقازيق يوضح أن مصر تنتج 650 ألف طن سمك من الاستزراع، و350 ألف طن سمك من مصادر طبيعية مثل البحرين الأحمر والمتوسط والنيل والبحيرات أي أن حجم الإنتاج الكلي يصل إلي مليون طن، ونستورد 200 ألف طن أخري لتغطية احتياجات السوق المحلية، ويباع إنتاج السمك البحري بأسعار مرتفعة للمستهلك بسبب جودته فيصل سعر كيلو الدنييس إلي 80 جنيها، وكذلك سمك اللوت والقاروص بنفس السعر لمحدودية الإنتاج، حتي السمك البلطي الذي تعتبر مصر ثاني دولة بعد الصين في إنتاجه يباع بسعر 15 جنيها للكيلو نتيجة جشع التجار، بالرغم من أن سعر البلطي تسليم المزرعة 7 جنيهات فقط. وطالب عياط بالتوسع في إنشاء مزارع بحرية لزيادة إنتاج الأسماك ذات الاقتصادات العالية مثل سمك الدنييس واللوت والقاروص والوقار بالإضافة إلي استزراع الجمبري، يساعد علي استقرار الأسعار في السوق المحلية ويفتح باب التصدير أمام فائض الإنتاج بعد انتشار المزارع السمكية فكيلو سمك الدنييس يباع في السوق المحلية بسعر يتراوح بين 70 و 80 جنيها ويصدر للخارج بسعر 5 دولارات فقط، وأسعار علف الأسماك مرتفعة فيتراوح سعر الطن بين 3000 و 10000 جنيه من علف زريعة الدنييس وسمك القاروص، ولا تقل إنتاجية المزرعة البحرية عن 500 طن سمك وقد تصل إلي 1000 طن. فرص عمل ولكن المشكلة علي حد قول عياط في العراقيل التي تضعها الدولة أمام المستثمرين فلا توجد أرض متاحة للاستزراع السمكي علي البحرين المتوسط والأحمر بنظام حق الانتفاع، ولم يستطع أي مستثمر حتي وقتنا الحالي الحصول علي الموافقات المطلوبة، بالرغم من أن مزرعة السمك البحرية توفر فرص عمل لعدد كبير من الشباب يتراوح بين 1200 و 1500 عامل بالمزرعة، بالإضافة إلي إنشاء مصنع لإنتاج الثلج، وعمال نقل الإنتاج إلي الأسواق فتصل العمالة الكلية إلي ألفي فرصة عمل، وقد تفوقت علينا السعودية في إنشاء المزارع السمكية في البحر الأحمر وتصدير أسماكها إلينا. وقد قامت مجموعة شركات يونانية الجنسية كما يقول عياط بالتنسيق مع وزير الزراعة أمين أباظة بتحديد 26 موقعا مناسبا، لإنشاء أقفاص بحرية عائمة لاستزراع الأسماك علي مستوي البحرين الأحمر والمتوسط، ولكن حتي الآن لم يتم الإعلان عنها وطرحها للمستثمرين! تكنولوجيا الأقفاص الدكتور مصطفي محمد سعيد حسين أستاذ الاستزراع السمكي المتفرغ بمركز بحوث الصحراء يوضح أن الأقفاص السمكية البحرية تختلف تماما عن الأقفاص النيلية التي كانت تصنع من المواسير الصدئة وتسبب تلوث المياه، مشيرا إلي أن شركات فرنسية ويابانية أدخلت أقفاصا بتكنولوجيا متطورة، وميزتها الكبيرة أنها لا تشغل أي مساحات علي اليابسة بل تكون داخل المياه، وبعضها يكون جزء منه غاطسا أو بأكمله لتفادي تأثير الأمواج، كما تستخدم التغذية الأوتوماتيكية في بعض أنواع الأقفاص لتقليل الخطأ البشري في انتظام التغذية.