دفتر القاهرة (15).. شارع صلاح الدين الأيوبي: مقر حكم مصر طوال 700 عام

طوال شهر رمضان، تصحبكم "الشروق" في رحلة مع تاريخ محافظة القاهرة ومعالمها وحكاياتها المحفورة في ذاكرة التاريخ، وتذخر بها العديد من المجلدات والكتب.
وفي هذه الحلقة، تعرض "الشروق" حكاية شارع وميدان صلاح الدين الأيوبي.
يبدأ شارع وميدان صلاح الدين الأيوبى جنوب شرق القاهرة الفاطمية من ناحية السيدة عائشة بعدد من المآذن، أشهرها مئذنة جامع السلطان الغوري، وينتهى أمام قلعة صلاح الدين الأيوبي بعدد آخر من المآذن أشهرها مئذنة السلطان حسن.
وحسب كتاب "القاهرة شوارع وحكايات" للكاتب حمدي أبوجلي، فإن التاريخ العمراني والسياسي للشارع يعود إلى بدايات عهد الدولة الطولونية، فعلى ضفته الغربية شيد أحمد بن طولون عاصمته القطائع، كما شيد ميدانه وقصره الذي كان يقتطع جزءا من الشارع حتى هُدِم واندثر.
وبعد عدة قرون، اختار القائد صلاح الدين الأيوبي أرض الشارع لبناء قلعته الحصينة، التي مازالت قائمة حتى اليوم، واحتفظت بمقر حكم مصر طوال ما يزيد عن ال700 عام، فقد حكم منها الأيوبيون والمماليك، وكذلك محمد علي باشا في بدايات حكمه، ولم يغادرها مقر الحكم إلا حينما بنى الخديو إسماعيل قصر عابدين، وجعله مقرا لحكم مصر.
وارتبط الشارع بأحداث سياسية مؤثرة في تاريخ مصر، خصوصا الإسلامي، ففيه خطط أحمد بن طولون لاستقلال مصر عن الخلافة العباسية، وفيه بدأ الأيوبيون حكمهم على أنقاض الدولة الفاطمية، وإليه صعد السلاطين المماليك بعد أن هزموا التتار واقتنصوا حكم مصر من الأيوبيين، وفيه أيضا أجهز محمد علي باشا على الأمراء المماليك في مذبحة القلعة، لذلك فإن الشارع منذ بناء القلعة فيه، وحتى بناء قصر عابدين بعيدا عنه، كان منطقة استراتيجية في منتهى الأهمية.
وفرض السيادة عليه كان يعني الاستيلاء على حكم مصر كلها، ومن هنا جاء اهتمام السلاطين والملوك به، فعلى ضفته الغربية بنى ابن طولون قصره وميدانه وملعبه، وفي عام 1214 حفر الملك الكامل محمد الأيوبي إلى جانبه 3 برك لتوفير الماء لسكانه، كما اهتم به الملك الصالح نجم الدين آخر ملوك الأيوبيين، اهتماما زائدا وظلله بالأشجار من كل ناحية.
وفي عهد الدولة المملوكية، زاد الاهتمام بالشارع، ففي عام 1312 وسعه الملك الناصر محمد بن قلاوون وأحاطه بسور ما زالت بقاياه موجودة إلى الآن في أوله من ناحية السيدة عائشة، كما غرس على حوافه النخيل والأشجار وأقام في ميدانه حظائر لمختلف أنواع الحيوانات، كما كان يقيم فيه صلاة العيدين ويستعرض خيوله المشهورة.
وتناوب على الشارع أسماء عديدة على مدار تاريخه، ففي بدايته عرف باسم "الرملية"، ثم "سوق الخيل"، ثم "المنشية"، ثم "سوق العصر".
اقرأ أيضا:
دفتر القاهرة (14).. حكاية بابي الفتوح والنصر