نسمع عن المخاوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة عسكرية، والآن أصبحنا نسمع كثيرا عن اندلاع حرب عالمية إلكترونية. قبل ساعات من دخول القوات الروسية أوكرانيا صباح الخميس الماضى بدباباتها وجنودها ومقاتلاتها وصواريخها أعلنت أوكرانيا أنها تعرضت لهجمات إلكترونية متتالية قبل الغزو بساعات، أدت لحجب خدمة دوس وتعطيل المواقع الإلكترونية للعديد من البنوك والوزارات والهيئات خصوصا مجلس الوزراء ووزارة الخارجية، وأن الهجوم السيبرانى تسبب فى تعتيم الرؤية للجيش الأوكرانى، الذى قال إن المهاجمين لم يحاولوا حتى إخفاء هويتهم الروسية. لكن وبعد بدء الغزو ب 48 ساعة أعلنت روسيا أن هجوما إلكترونيا أدى لتعطيل موقع الكرملين. واتهم نشطاء روس مجموعة القراصنة الشهيرة أنونيموس، بتنفيذ الهجوم بعد أن نجحت فى شن هجوم مماثل على شبكة قنوات RT التليفزيونية الروسية. إذا الهجمات الإلكترونية السيرانية صارت حقيقة واقعة وليست خيالا، والمشكلة لم تعد قاصرة على روسياوأوكرانيا، بل بدأت الأصوات تتعالى من قرب انفجار الحرب العالمية الإلكترونية، خصوصا فى ظل تطورات الأزمة الأوكرانية. مجلة «لو بيج داتا» أو «البيانات الضخمة» الفرنسية المتخصصة فى الشئون التكنولوجية حذرت يوم الخميس الماضى من اندلاع مثل هذه الحرب العالمية بسبب ما قالت إنه تهديدات روسية سيرانية. المجلة وفى التقرير الذى ترجمته زميلتنا فى الشروق هايدى صبرى بعنوان «نحو تعتيم الإنترنت فى أوروبا بسبب روسيا»، قالت إنه من المرجح أن يشن القراصنة الروس موجة غير مسبوقة من الهجمات الإلكترونية ضد البنية التحتية الغربية، وأن هذه التداعيات سوف تصل إلى الشركات الغربية المختلفة، بل وقد تتعرض شبكة الانترنت نفسها للانقطاع. البيت الأبيض، دق أيضا ناقوس الخطر من الاعتماد الغربى على رقاقة النيون الدقيقة من أوكرانيا، التى غزتها روسيا. وكالة الأمن السيبرانى وأمن البنية التحتية الأمريكية حذرت من مخاطر الهجمات الروسية ضد الشبكات الأمريكية وضد البنية التحتية الحيوية. ثم إن البنك المركزى الأوروبى حذر المؤسسات المالية من مخاطر هذه الهجمات الإلكترونية بعد فرض العقوبات الاقتصادية. مجموعة أنونيموس أعلنت بعد الغزو، الحرب الإلكترونية ضد روسيا، وبعدها أعلنت مجموعة الهاكرز الروسية الشهيرة conti أنها سوف تنتقم بقوة من أوروبا وأمريكا إذا شنت هجمات إلكترونية ضد روسيا، وأنها قادرة على استهداف أماكن حساسة فى هذه الدول. مسئولو الأمن السيبرانى الأوكرانى قالوا إن قراصنة من بيلاروسيا حليف روسيا استهدفوا عناوين البريد الالكترونى الخاصة بالعسكريين الأوكرانيين وأقاربهم، وأن المتسللين استخدموا رسائل بريد إلكترونى لسرقة كلمات المرور لاقتحام حسابات العسكريين الأوكرانيين ومن ثم إرسال المزيد من الرسائل الضارة. فريق الاستجابة لحالات الطوارئ الأوكرانى قال إن مجموعة تحمل الاسم الرمزى umc1151 هى المسئولة عن الاختراق، وأنهم ضباط فى الجيش البيلاروسى فى مينسك، وقال أمنيون فى الغرب إن هناك دلائل على أن بيلاروسياوروسيا ينسقان أنشطتهما الخبيثة فى الفضاء الإلكترونى. وقالت شركة عالمية للأمن السيبرانى إنه تم اكتشاف قطعة برمجية مدمرة ضربت مئات أجهزة الكمبيوتر، وبعدها طلبت أوكرانيا مساعدة تقنية من كوريا الجنوبية لوقف الاختراقات الروسية الإلكترونية. عالم الاقتصاد الأمريكى المعروف فى جامعة هارفارد كينيث روجوف وهو أيضا الاقتصادى السابق فى صندوق النقد الدولى قال إن الخطر الأكبر الذى يواجه أمريكا هو الحرب الإلكترونية الروسية. وبعدها قالت وزارة الأمن الوطنى الأمريكى إن التهديد الإلكترونى الروسى لايزال نشطا، وأن احتمالات بنشوب حرب إلكترونية خارجة عن السيطرة ارتفعت بشكل ملحوظ. وبعد دخول القوات الروسية لأوكرانيا أعلنت أمريكا حالة التأهب القصوى تحسبا لهجمات سيرانية. نلاحظ أن كل التحذيرات صادرة من أمريكا وأوروبا، ولا يعنى ذلك بالمرة أنهم ملائكة لكن الحقيقة أن روسيا لا تتحدث كثيرا، وإذا كانت تشن بالفعل هجمات إلكترونية، فإن الغرب يفعل ذلك أيضا، وليس هناك شياطين وملائكة فى هذا المجال. وإذا كان البعض اتهم روسيا بالتدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى أتت برونالد ترامب رئيسا فى عام 2017، فإن الغرب بدوره متهم بأنه شن العديد من الهجمات ضد روسيا وضد كل خصومه خصوصا إيران. ما نريد توضيحه من وراء كل الكلام السابق هو أن نبدأ نحن المصريين والعرب التفكير بجدية فى كيفية حماية أنفسنا من الهجمات السيبرانية خصوصا أن العدو الأساسى والتقليدى، والدائم لنا شديد التفوق فى هذا المجال.