فى مؤتمره العام.."الحرية المصرى" ينتخب 5 نواب لرئيس الحزب وأمينا عاما    رئيس الوزراء يشهد افتتاح «رصيف عباس» بميناء غرب بورسعيد بعد تطويره    محمود عباس يشكر مفتي روسيا على مواقفه الداعمة للفلسطينيين    السودان.. 21 قتيلا في هجوم للدعم السريع على سجن بشمال كردفان    «عواد يطلب إراحته لنهاية الموسم».. أحمد حسن يكشف    وزير التعليم: إجراءات تأمينية مشددة لضمان سير امتحانات الثانوية العامة بشكل ناجح ومنظم    الأرصاد: طقس غداً الأحد شديد الحرارة نهاراً معتدل ليلاً    الداخلية تتابع استعدادات تفويج حجاج القرعة وتخصص حافلات مزودة بGPS لمتابعة خط السير    منى زكي بعد حصدها جائزة أحسن ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي: وسام أعتز به في مسيرتي    حجز محاكمة 19 متهم من أعضاء " خلية تزوير المرج " للنطق بالحكم    بوسي شلبي بعد أزمتها مع أبناء محمود عبد العزيز: "شكراً لكل الأصدقاء"    أبو بكر القاضي ل "البوابة نيوز": الاحتفال بيوم الطبيب سيكون برعاية الرئيس    المشدد 3 سنوات لعاطل تعدى بالضرب على صديقه في القليوبية    بعد تحقيق مكاسب سياسية.. اتهامات التطرف ومعاداة الإسلام تطارد الإصلاح البريطانى    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    استعدادا لموسم الصيف..محافظ مطروح يتفقد مستشفى رأس الحكمة    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    "بسبب ماس كهربائى" مصرع وإصابة ثلاثة أشخاص إثر نشوب حريق داخل حوش مواشى فى أسيوط    قانون الإيجار القديم... التوازن الضروري بين العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية    جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الأحد 11 مايو 2025    "الشناوي وسيحا وشوبير وحمزة".. يلا كورة يكشف تطورات ملف حراسة مرمى الأهلي    عوض تاج الدين: الدعم الرئاسي أحدث طفرة واضحة للمنظومة الصحية    وصول جثمان زوجة محمد مصطفى شردى لمسجد الشرطة    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة تحكيم دورته 2    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    قرار تأديب القضاة بالسير في إجراءات المحاكمة لا يعتبر اتهام أو إحالة    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    بيتر وجيه مساعدا لوزير الصحة لشئون الطب العلاجى    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لكى نتذكر يناير 77 عندما نزل المصريون الشارع
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 01 - 2010

منذ 33 عاما وبالتحديد فى يناير 1977، شهدت مصر انتفاضة جماهيرية كانت هى الأخيرة وربما الأولى من نوعها، نزل ملايين المصريين إلى الشوارع يتظاهرون حتى نجحوا فى تحقيق مطلبهم. «الشروق» التقت أحد المشاركين فى الأحداث ليروى لنا قصة يومى 18 و19 يناير 1977.
فى مساء 17 يناير 1977 كانت البداية، عندما أعلن عبدالمنعم القيسونى، نائب رئيس الوزراء ورئيس المجموعة الاقتصادية، وقتها، زيادة أسعار جميع السلع الضرورية، أى الخبز والسجائر والبنزين والسكر والدقيق واللحوم والشاى والأرز بنسب تتراوح بين 30% و50%.
وقتها أدرك عم محمد السيد، العامل القيادى فى مصنع مصر حلوان للغزل والنسيج، أن شيئا ما يجب أن يحدث، وأن هذه القرارات لن تمر. «كنت على قهوة فى باب اللوق مع واحد صاحبى لما عرفت خبر زيادة الأسعار. أول حاجة فكرت فيها إزاى الزيادة دى هتأثر على حياة الناس، وإن الناس المفروض تتحرك وما تسكتش على اللى بيحصل».
كان من الطبيعى أن يشعر عم محمد «إن الناس هاتتحرك بسبب زيادة الأسعار»، ففى الفترة من 1973 إلى 1976 ارتفعت تكلفة المعيشة فى مصر بنسبة 42%، وخلال عام 1976 وحده ارتفعت تكاليف المعيشة بنسبة 11.2%.
«يوم 17 يناير كان عندى وردية بالليل من 12 وربع ولحد 8 وربع الصبح. كنت متعود أنا وزمايلى إن احنا نتقابل على القهوة وبعدين نروح المصنع مع بعض». لكن لقاء مساء 17 يناير بين عم محمد وزملائه لم يكن كغيره من اللقاءات اليومية، فالتوتر كان سائدا والإحساس بالاختناق مسيطرا، «كنا 6 زملاء قعدنا على القهوة نتكلم على أوضاع البلد واللى بيحصل وكانت المناقشة بينا هى هل نقدر نعمل حاجة بكره فى المصنع وهل نقدر نطلع العمال بكره ونتظاهر جوه المصنع»؟
بعد النقاش كان الاتفاق على تنظيم اعتصام فى المصنع صبيحة اليوم التالى، فاتفقت مجموعة العمال على أن يتخلف اثنان منهم عن الوردية الليلية ليقوموا بالمرور على زملائهم فى الورديات الأخرى وإبلاغهم بما تم الاتفاق عليه.
أما العمال الأربعة الذين ذهبوا للعمل فقد كان عليهم عبء التفاعل مع عمال الوردية الليلية للاتفاق على ترتيبات اليوم التالى. «بدأنا نتحرك فى المصنع فى جميع الأقسام. الناس كانت جاهزة، مستعدة تولع فى نفسها، فاطمأنينا إن المصنع بكره جاهز».
وجاء صباح 18 يناير، وبدأت بشائر الحركة مع انتهاء عمل الوردية الليلية ومجىء الوردية الصباحية، «العمال اللى كانوا شغالين سابوا المكن لكن ما خرجوش من المصنع، أما العمال اللى جايين من بره علشان وردية الصبح فدول ما دخلوش العنابر ووقفوا فى ساحة المصنع وبدأت الحركة النشطة جدا، كان المصنع نرش فيه الملح ما ينزلش».
كان أهم ما حرص عليه عم محمد وزملاؤه من القيادات فى المصنع هو عدم تعرض المصنع لأى شكل من أشكال التخريب أو الاتلاف، فقاموا بتوزيع أنفسهم على أرجاء المصنع لضمان عدم حدوث أى مشكلات.
من مصنع مصر حلوان للغزل والنسيج بدأت شرارة الحركة، وكان لابد من انتشارها للمصانع المحيطة، فخرج عدد من العمال للمرور على المصانع المجاورة ودعوتهم للمشاركة فى الاحتجاج على قرار رفع الأسعار.
«بدأنا الخروج للمصانع الأخرى، لكن الغريب إن أحنا أول ما خرجنا حسينا إن الناس كانت مستنيانه، كل ما نروح مصنع نلاقى الناس بتقابلنا فى الشارع، وبدأت الحركة فى كل حلوان، اللى بدأها العمال».
شهدت السنوات السابقة لأحداث 77 تصاعدا فى الحركة العمالية بسبب تراجع الأوضاع الاقتصادية، ففى يناير 1975، تظاهر عمال المصانع الحربية فى حلوان، وفى مارس شهدت مدينة المحلة الكبرى إضرابا ضخما. وفى عام 1976 أضرب عمال النقل البرى، كما حدث إضراب عمالى واسع فى مدينة كفر الدوار.
كان العمال يتحركون إذن خلال السنوات السابقة مما جعل من المنطقى أن يكونوا فى قيادة انتفاضة 77.
«لما خرجنا من المصنع وقابلنا زملاءنا فى المصانع التانية حصل التحام مع الناس العادية فى الشارع، وبدأت الهتافات اللى كان أهمها سيد مرعى يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه».
الحرص على عدم حدوث تخريب كان أحد المشاغل الرئيسية للعمال المشاركين فى المظاهرات التى جابت حلوان «لم يقم العمال بأى أعمال تخريبية، اللى عملوا تخريب فى بعض الأماكن كانوا أطفال الشوارع، وفى بعض الأحيان عملاء الأجهزة الأمنية اللى كانوا بيزقوا بعض المشاغبين علشان يخربوا علشان يبان فى الآخر إن المتظاهرين هما السبب وإنها انتفاضة حرامية، زى ما السادات سماها، بس إحنا عمرنا ما سمعنا إن فيه بنك اتسرق ولا خزينة شركة اتسرقت، يبقى إزاى نقول عليها انتفاضة حرامية».
عندما تقابل عم محمد وزملاؤه عشية الانتفاضة لم يكن لديهم تصور واضح للكيفية التى ستسير بها الأحداث، ولا ما هى الشعارات التى يمكن رفعها، «الأحداث نفسها هى اللى صنعت الشعارات والتحرك فى الشارع هو اللى صنع قيادة المظاهرات، لم تكن هناك أى قرارات مسبقة ولكن الحركة فى الشارع وتجاوب العمال والمشاركين هو اللى صنع المظاهرات وقراراتها. ما كانش فيه أى قوة ممكن تمنع الناس من الحركة أو تقرب ليهم أو تقول ليهم ارجعوا بيوتكم».
على الرغم من أن الشرارة الأولى لانتفاضة 77 جاءت من حلوان، لكنها امتدت فى مصر من أقصاها إلى أقصاها، «كنا حاسين إن فيه ناس تانية فى حتت تانية فى مصر بتتحرك لأن الوضع فى الفترة دى كان مضطربا لحد الانفجار».
استمر وجود العمال والمتظاهرين فى الشوارع حتى المساء، ومع مجىء الليل وفى برد يناير، كان من الطبيعى أن يلجأ الكل لمنازلهم، إلا أن عم محمد وبعض زملائه فضلوا المبيت فى الشارع خوفا إلقاء القبض عليهم فى حال ذهابهم لمنازلهم نظرا لأنهم قيادات عمالية معروفة.
صباح 19 يناير كان موعد جديد للعمال والمتظاهرين للخروج لشوارع حلوان، موعد لم يحدده أحد ولكن الجميع التزموا به، «يوم 19 ما حدش راح شغله خالص، الناس خرجت من ذاتها وبشكل تلقائى، علشان تكمل اللى بدأته. كان واضح تماما إن الناس مش هاتسيب الشارع إلا لما الحكومة ترجع فى قراراتها. الشعب المصرى كله نزل الشارع».
وبالفعل حدث ما شعر به عم محمد، فالحكومة تراجعت عن قرارات زيادة الأسعار بعد أن فشلت فى قمع حركة الشارع.
قد تبدو هذه هى النهاية السعيدة، وقد كانت كذلك بالفعل بالنسبة لملايين المصريين، لكن بالنسبة للبعض الآخر، ومن ضمنهم عم محمد، هذه لم تكن النهاية. «بعد ما المظاهرات خلصت والناس رجعت بيوتها الحكومة قبضت على ناس كتير بتهمة التحريض على المظاهرات والتخريب، وأنا كنت واحدا من الناس دول، فقبضوا عليا يوم 20 يناير الصبح. وكمان كنت ضمن الناس اللى اتحاكموا فى قضية أحداث يناير 77».
يدمع عم محمد وهو يتذكر هذه الأيام، ويدمع وهو يتذكر زملاء ورفاق الدرب، ويبتسم وهو يتذكر كيف استطاع الناس الحصول على حقهم بحركتهم، ويؤكد أنه لو عاد به الزمن لفعل نفس ما فعل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.