هناك أمر واحد يبدو أن اليساريين واليمينيين يوافقون عليه: وهو أن أوباما لم يحقق شيئا بعد. فقد وجدت مورين داود وديك تشينى قاسما مشتركا عند استهزائهما ب«تلكؤ الرئيس». ونشرت نيوزويك أخيرا قصة غلاف تتعاطف فيها معه بعنوان «نعم، بإمكانه تحقيق أهدافه (لكنه لم يفعل ذلك بعد)». ويظن المتهكمون أنهم وجدوا أخيرا نقطة ضعفه الكامنة فى قلة إنجازاته. فقد قال فريد أرميسين فى وصلة فكاهية قلد فيها أوباما فى برنامج Saturday Night Live: «عندما تنظرون إلى سجلى، يتضح ما حققته حتى الآن. وهو لا شىء، بتاتا. فبعد عام تقريبا، ما من إنجازات تذكر». ويؤكد جون ستيوارت أنه «حان وقت الجد» بالنسبة إلى رئيس لم يف بوعوده. هذه الفكرة السائدة بشأن العام الأول من ولاية أوباما ستتغير بالتأكيد بحلول الذكرى الأولى لتنصيبه رئيسا فى 20 يناير. إذا نجح أوباما، كما يبدو مرجحا، فى الحصول على موافقة الكونجرس على قانون إصلاح نظام الرعاية الصحية قبل ذلك التاريخ، فسيلقى أول خطاب عن حال الأمة بعد أن يكون قد حقق فى عامه الأول من الحكم أكثر مما حققه أى رئيس أمريكى آخر بعد الحرب العالمية الثانية. وهذا ليس تقييما مبنيا على توجه سياسى، بل هو تقييم حيادى لسجله النامى. الحكم على السنة الأولى من رئاسة أوباما بأنها ناجحة يتوقف بالدرجة الأولى على قانون الرعاية الصحية الذى يتم التداول بشأنه فى مجلس الشيوخ الآن. فالديمقراطيون يحاولون منذ 60 عاما إقرار قانون يتعلق بالتأمين الصحى على النطاق الوطنى. ومن بين الرؤساء السابقين الذين حاولوا ذلك وفشلوا: هارى ترومان وليندون جونسون وجيمى كارتر وبيل كلينتون. وطوال فصل الصيف الماضى، واجه أوباما الكثير من الانتقادات لأنه ترك الكونجرس يلعب دورا رئيسيا فى هذه المسألة بدلا من أن يقدم اقتراحا خاصا به. الآن تثبت استراتيجيته السياسية جدواها. نحن نركز على تفاصيل هذا الجدل: هل سيتضمن القانون «خيارا حكوميا»، أو يحد من تغطية عمليات الإجهاض، أو يفرض ضريبة على استعمال مادة البوتوكس فى العمليات التجميلية؟ لدرجة أنه يسهل نسيان أهمية التغيير الوشيك. تولى الحكومة الفيدرالية مسئولية التأمين الصحى سيحدث تحولا فى المجتمع الأمريكى وسيكون التغيير الأهم فى دور الحكومة منذ الصفقة الجديدة [خطة الرئيس فرانكلين روزفلت الاقتصادية الجديدة]. حتى وإن لم يحقق أوباما أى شىء آخر، سيعتبر الرئيس الأكثر تأثيرا فى السياسة الداخلية منذ ليندون جونسون، كما أنه سيقوض وجهة النظر القائلة بأن رونالد ريجان وضع حدا نهائيا للنزعة الليبرالية التى دامت 50 عاما فى أمريكا. اعتبار العام الأول من حكم أوباما ناجحا لا يتوقف على الرعاية الصحية فحسب. ثمة أدلة متزايدة على أن خطة التحفيز الاقتصادى البالغة كلفتها 787 مليار دولار التى وقع عليها فى فبراير مقرونة بخطة إنقاذ البنوك حالت دون حصول كساد. هل كان يجب توسيع نطاق التحفيز؟ هل كان يجب تخصيص القسم الأكبر منها للإنفاق على المدى القصير بدلا من التخفيضات الضريبية على المدى البعيد؟ هل يجب تقديم تحفيزات إضافية؟ سيتجادل الخبراء وصانعو السياسات حول هذه المسائل طوال سنين. لكن قلة من علماء الاقتصاد ينكرون أن خطوات أوباما الحازمة حالت دون حصول انهيار أكثر حدة وأعادت النمو الاقتصادى بحلول الربع الثالث من العام. لقد اقتبست صحيفة نيويورك تايمز أخيرا عن عالم الاقتصاد مارك زاندى، الذى كان مستشارا للمرشح الرئاسى جون ماكين (الذى يقدم المشورة الآن للديمقراطيين)، قوله فيما يتعلق بهذه المسألة: «الخطة التحفيزية تحقق مبتغاها، فهى تساهم فى إنهاء الركود. برأيى، لولا خطة التحفيز، لكان الناتج المحلى الإجمالى لايزال سلبيا ولكانت نسبة البطالة تفوق ال11 بالمائة بلا شك». وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فإن إنجازات أوباما غير واضحة بالقدر نفسه لكنها ليست أقل أهمية: لقد وضع أمريكا على مسار جديد فى علاقاتها مع بقية العالم. من خلال سلسلة من الرحلات والخطابات فى الخارج، التى اعتبرها النقاد مجرد رحلات وخطابات، استبدل مقاربة جورج دبليو بوش الأحادية والمرتكزة على القوة العسكرية تحت ذريعة المبادئ الأخلاقية بمقاربة متعددة الأطراف وبرجماتية وتصالحية. لقد أعاد أوباما توجيه السياسة المتبعة تجاه إيران والصين وروسيا والعراق وإسرائيل والعالم الإسلامى. وبعد فترة مراجعة تعرض فيها للكثير من الانتقادات، أعلن عن إستراتيجية جديدة فيما يتعلق بأفغانستان. بالطبع النتائج لا تستحق فوزه بجائزة نوبل للسلام بعد. لكن ما من رئيس، منذ ريجان، تمكن بهذه السرعة وهذا الحزم، من تغيير دور أمريكا العالمى. لقد أرجأ أوباما بحكمة خوض بعض المعارك الأصغر والأكثر خطورة سياسيا مثل إقفال سجن جوانتانامو ووضع حد لسياسة التمييز ضد المثليين جنسيا فى القوات المسلحة ومواجهة توسع المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية. بدلا من ذلك، ركز اهتمامه على الأولويات الأكثر إلحاحا» مثل الحول دون حصول ركود، وتحسين صورة أمريكا فى العالم، وتوفير تأمين صحى شامل. حسب اعتقادى، حان وقت الجد بالفعل. Newsweek International