إذا كان للناس فيما يعشقون مذاهب فإن لأعضاء مجلس الشعب فى أدائهم البرلمانى مشارب!!. فلكل نائب خط محدد قد يبعد عنه قليلا ولكن سرعان ما يعود إليه، قد يكون هذا الدور محددًا له سلفا من قبل الحزب أو التيار الذى ينتمى إليه وقد يختار هو طريقته فى الأداء وخطه السياسى. فنواب جماعة الإخوان ليسوا على قلب رجل واحد فى أدائهم البرلمانى فهناك نواب «للتسخين» ويأتى على رأسهم حسين إبراهيم، وحمدى حسن، ومحمد البلتاجى، وهؤلاء يشكلون فريق التسخين الأساسى لكتلة الإخوان قد ينضم إليهم أحيانا النائب صاحب واقعة «الحذاء» أشرف بدرالدين أو سعد الحسينى أو أكرم الشاعر وفى أحيان قليلة يقوم رئيس الكتلة الدكتور سعد الكتاتنى برئاسة فريق التسخين. وتشكل تلك المجموعة إزعاجا للدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب وأحيانا يشعر أن الجلسة ستخرج عن سيطرته فيقوم بإرسال رسائل إليهم فى أثناء الجلسة لتهدئة الموقف إذا كان مشتعلا وأحيانا أخرى يكشر عن أنيابه ويستخدم سلطاته التى تتيحها له اللائحة الداخلية للمجلس مهددا بإخراجهم خارج القاعة بعد أخذ التصويت. وفى الجلسات الساخنة ومنها جلسة استجوابات العبارة او تمديد الطوارئ أو مناقشة على التعديلات الدستورية، أو أحداث غزة ينشط نواب التسخين وتتحول قاعة مجلس الشعب إلى ساحة للمواجهات بين نواب الإخوان والمستقلين وأحيانا المعارضة من جهة وبين نواب الوطنى من جهة أخرى ويقود الصقور فى كلا الفريقين معركة الصياح تحت القبة. وبعد أن تهدأ الأمور يظهر فريق آخر من نواب الإخوان وهؤلاء مهمتهم التهدئة، فيقوم أحدهم بمداعبة سرور ب«تعليق ضاحك» ومن هؤلاء النائب بهاء الدين عطية الذى يتحدث دائما العربية الفصحى ويحيى سرور بها ويداعبه كثيرا بالفصحى فتنفرج أسارير وجهه بعد فترة انفعال ويبتسم ويرد التحية لعطية بمثلها أو بأحسن منها. ومن نواب التهدئة فى الإخوان النائب عبدالفتاح حسن ويتحدث فى الجلسة بكل هدوء ويعامله رئيس المجلس بهدوء مماثل، فبعد جلسة مشتعلة وقف عبدالفتاح حسن يشكر سرور على ترشيح المجلس له لزيارة برلمانية فى الخارج فرد عليه سرور بابتسامة قائلا: «إن المجلس ليشرفه أن يرسل نوابًا مهذبين وعلى خلق مثلك فى مهام للخارج». ولم تشهد جلسات المجلس أى توتر بين سرور ونواب التهدئة على عكس نواب التسخين. وهناك من نواب الإخوان نائبان مهمتهما الرئيسية تهدئة النائب على لبن حينما ينفعل وغالبا ما يتعلق انفعاله بأمر من أمور الأزهر فهو يحمل لقب نائب الأزهر تحت القبة، وبعد أن يستنفد سرور كل حيله لتهدئة أو إسكات لبن يكون بصدد أخذ التصويت على قرار بإخراجه خارج القاعة فيقوم هذان النائبان اللذان يجلسان بجوار لبن بتهدئته وشده من طرف ثيابه قائلين «خلاص يا حاج على». أحيانا يتدخل البلتاجى بنفسه ويذهب إلى لبن ويطلب منه الجلوس، أما صبحى صالح وأحمد أبوبركة فهما بمثابة فريق قانونى للدفاع عن نواب الإخوان وعن مواقفهم تحت القبة وحينما يعطيهما سرور الكلمة لا يتحدثان إلا بلغة القانون. أما النواب المستقلون فكل واحد منهم يعتمد على مجهوده «الفردى» فالدكتور جمال زهران يتابع جمال مبارك فى زياراته وتصريحاته وبياناته ويقدم بيانات عاجلة عن صفته الدستورية وعن تكلفة زياراته للمحافظات وعن الوضع الدستورى للجنة التى يرأسها «لجنة السياسات» ومع أنه قدم العشرات من البيانات العاجلة وطلبات الإحاطة فى هذا الأمر إلا أن الدكتور سرور يرفض مناقشة أى منها تحت القبة أو فى اللجان ولا يتم إدراجها على جدول الأعمال. ويلقب زهران بأنه نائب جمال مبارك تحت القبة، أما النائب سعد عبود فمعروف عنه أنه يضع يده فى فم الأسد كما يصفه النواب ويتعدى كل الخطوط الحمراء ويستجوب أجهزة سيادية ولا يضع سقفا لأدائه البرلمانى وحينما يتحدث عبود تحت القبة فإنه لا يضع فى اعتباره أى حسابات سياسية ولا يستثنى أى شخصية سيادية فى الدولة من أدواته البرلمانية سواء كانت طلب إحاطة أو بيانا عاجلا أو استجوابا. ويقترب من دائرة سعد عبود إن لم يكن داخلها النائب محمد العمدة المستقل سابقا و«الدستورى» حاليا فهو الآخر لا يضع سقفا لمعارضته تحت القبة وقد تصل انتقاداته تحت القبه لأكبر رأس فى الدولة، فى حين يشارك مصطفى بكرى النواب المستقلين فى بعض فاعلياتهم وانفعالاتهم ولكنه يبتعد عنهم فى مواضع أخرى يرى أنه ليس من مصلحته أن يكون معهم فى الصورة، ويركز بكرى فى نشاطه البرلمانى تحت القبة على مهاجمة الاحتكار والقائمين عليه وقد يوجه كلامه لأحمد عز أمين التنظيم فى الحزب الوطنى الذى يقع مقعده فى مواجهة مقعد بكرى، وقد يذكره بكرى صراحة بالاسم وقد «يلسن» عليه. أما علاء عبدالمنعم فقد وجه جزءا كبيرا من نشاطه البرلمانى ضد محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق والنائب الذى لا يحضر جلسات البرلمان، ويتألق حمدين صباحى حين تدور المناقشات حول أمور تتعلق بالبعد القومى لمصر ووضح ذلك فى إحراجه الحكومة فى قضية تصدير الغاز لإسرائيل أو فى قضية مقتل بمبوطى السويس بقذيفة بارجة أمريكية فى قناة السويس، وقليلا ما يتحدث صباحى فى قضايا محلية. أما نواب المعارضة فمختلفون ومنقسمون حتى فى الحزب الواحد فمحمد عبدالعليم داود نائب الوفد يختلف فى أدائه تحت القبة عن محمود أباظة رئيس الحزب ويحلق داود منفردا خارج سرب المعارضة البرلمانية للوفد ففى الوقت الذى يعارض فيه نواب الوفد «أباظة وشردى والصايغ وسباق» بهدوء وبحساب فإن داود الذى يحسب على كتلة المستقلين والإخوان لكثرة مشاركته لهم وقفاتهم الاحتجاجية يخرج عن السياق وقد تؤدى مداخلاته تحت القبة إلى «كهربة» الجلسة، وكثيرا ما قال له الدكتور سرور: «أنا بديلك الكلمة وأحط أيدى على قلبى» فى حين يبقى عبدالعزيز شعبان نائب التجمع الحاضر الغائب فى صفوف المعارضة. وعلى الشاطئ الآخر يجلس نواب الوطنى، والتقسيمة لديهم مختلفة فهناك قائمة الكبار وتضم «زكريا عزمى، وأحمد عز، وكمال الشاذلى «رغم تحجيمه»، ومصطفى الفقى، ومصطفى السعيد، ومحمد أبوالعينين، وأحيانا ينضم إلى هذه القائمة نواب آخرون، وأحيانا يخرجون منها وفقا للظرف التاريخى والسياسى وتتميز هذه المجموعة بالهدوء والاتزان الذى يتناسب مع حجم وطبيعة وزنهم ونفوذهم السياسى السابق أو الحالى. وعز هو الوحيد من بين هذه القائمة الذى يلعب دور المايسترو الذى يحرك نواب الوطنى ويجمعهم ويحشدهم وهو نفس الدور الذى كان يلعبه كمال الشاذلى إلا أنه مع عمليات الإحلال والتبديل بدا عز مختلفا عن الشاذلى فى السيطرة على نواب الوطنى، فالشاذلى كان يحركهم بالإشارة أو بحاجبيه أما عز فيستخدم المراسلات والموبايل وال«إس. إم. إس» فى حشد نواب الوطنى داخل القاعة ويستغل قربه من جمال مبارك أمين السياسات فى الحزب فى التأثير على نواب الوطنى وإخضاعهم لسيطرته، كما أن لعز عددا من النواب دائمى الالتصاق به. وفى الوطنى أيضا مجموعة للتسخين تقابل مجموعة التسخين لدى الإخوان وتضم عبدالرحيم الغول وعبدالأحد جمال الدين ومحمد عبدالفتاح عمر وميمى العمدة وبدر القاضى ونشأت القصاص وهؤلاء مهمتهم إفساد أى هجوم للمعارضة خصوصا الإخوان على الحزب أو الحكومة أو النظام أو وزارة الداخلية «بالذات». وتنضم إلى هذه المجموعة مجموعة أخرى ومهمتها مقابلة أى تصعيد إخوانى بحالة من الزعيق والصياح وأحيانا الشتائم التى لا يمكن فهمها بسبب حالة الصراخ الموجودة فى الجلسة، وتلعب هذه المجموعة دورًا آخر وهو التصفيق الحاد لرموز الوطنى فى المجلس حينما يتصدون لهجوم المعارضة فى كلماتهم أو حينما يهاجم سرور الإخوان والمعارضة، كما تستخدم هذه المجموعة أيضا فى الهجوم على وزراء بعينهم سواء لأسباب شخصية أو بتوجيه. وهناك من نواب الوطنى من يحظى بثقة واحترام نواب المعارضة، ويأتى على رأس هؤلاء حمدى الطحان رئيس لجنة النقل بمجلس الشعب والذى يصفق له نواب المعارضة والوطنى على حد سواء حينما يتحدث، ومن بين هذه المجموعة الدكتور حمدى السيد رئيس لجنة الصحة والدكتور مصطفى السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية، ويبقى النائبان طاهر حزين ومحمد حسين اللذان أسقط الوطنى عضويتهما بالحزب أقرب إلى المعارضة فى توجهاتهما دون أن ينضما إلى أى حزب معارض. وفى صفوف الوطنى يوجد نائبان يطلق عليهما نائبا زكريا عزمى وهما حيدر بغدادى «الناصرى» سابقا و«الوطنى» حاليا ومحمود خميس شقيق رجل الأعمال محمد فريد خميس، وهما الأقرب لعزمى، صحيح أن كل النواب يحترمون عزمى ويعتبرونه عين الرئيس فى البرلمان إلا أن خميس وبغدادى أكثر قربا منه بحكم الجوار الجغرافى فى الجلسة. ومن بين نواب الوطنى من لم يتحدث تحت القبة طوال السنوات الأربع الماضية وقد تنتهى الدورة البرلمانية دون يتحدثوا فى أى جلسة وهؤلاء يطلق عليهم «أبو الهول» ومن بينهم نائب لا يفعل شيئا فى الجلسة سوى أن يقول بصوت مرتفع «ها» ويكرر هذا الأمر عدة مرات أضف إلى هذا أنه يقوم بتوزيع شيوكولاته على النواب. ويلعب محمد الدكرورى ورمزى الشاعر وآمال عثمان دور الفقهاء القانونيين للحزب، إذ يلعبون دورا مهما فى صياغة مشاريع القوانيين المقدمة من الحكومة وفى تمريرها وفى التصدى لاى محاولة للتشكيك فيها.